إلى مجدك العلياء تعزى وتنسب وفي ذكرك التاريخ يملي ويَكتُبُ حقاً صدق وصف الشاعر الكويتي خالد الفرج في مطلعة قصيدة، سطرها إجلالاً وإكباراً بالدرعية الخالدة في الضمائر والأنفس، والتي تحيا بذكر مآثر أسدٍ شجعان خاضوا غمار التاريخ والمجد والعلياء، ليرسموا دروباً ونهجا ًخالداً مستقيماً لا اعوجاج فيه، فالله دُر الدرعية التي استحقت مدح وثناء شعراء على مختلف بلدانهم وعلى امتداد الأزمان، دون الاقتصار على عصر وعام دون غيره. تقف ملياً بإجلال لحضرة التاريخ زماناً ومكاناً، حين تشد النفوس والعقول والأعين نحوها صوب الدرعية، تدرك العمق الضارب في جذور راسخة في تاريخ مضيء ومجيد، كان له أسس متجذرة، قامت عليها البداية الأولى الخيرة، التي نعيش أثرها اليوم، ونحتفي بها يوماً فيوم، قبل قرون ثلاثة مجيدة كان فيها بداية التأسيس والنهوض، والازدهار، وبلوغ المرامي البعيدة، وتسطير البطولات الخالدة، وتكريس الإيمان الحقيقي القائم على أسس ثابتة ومتوازنة ورصينة، وإرساء نهج الحكم والزعامة المؤثلة، التي عزَّ على كثيرين بلوغها. ففي الدرعية سُطرت ملحمة الوجود والصمود، والنهوض على عاتيات الزمان مهما تعاظمت الخطوب، وتكالبت الأحداث، وبها خُلدت حضارة عريقة لأجيال ممتدة ومتتالية، يستشمون من عبقها جمال رائحة التاريخ والحضارة والإرث والقادم المشرق. مسيرة أئمة الهدى واليقين، والكياسة وحُسن الإدارة والزعامة التليدة، ودرب حُكم رشيدٍ، كان على مدار مرحلتين زاخرتين من عمر هذه الأرض العزيزة على قلوب الكثير والكثير، فهم أهل الفضل والجود، وصدق الشاعر الإمام الشوكاني حين أنشد في سالف الأيام: إلَى الدِّرْعِيَّةِ الْغَرَّاءِ تَسْري فَتُخْبِرُها بِمَا فَعْلَ الْجُنُودُ وتَصَرُخُ في رُبا نَجْدٍ جِهاراً فيَسْمَعُها إذا صَرَخَتْ سُعودُ وأَبْنا مُقْرنٍ وهُمُ لُيوثٌ إذَا الْحَرْبُ الْعَوانُ لَها وَقُودُ ويَسْأَلُ كُلُّ ذي فَهْمٍ وعِلْمٍ سُؤَالاً عِنْدَ مُعْضِلَةٍ تَؤُودُ فَفِي أَبْناءِ شَيْخِ الْفَضْلِ فَضْلٌ إلى الإنصاف فضلهم يقود لتصل اليوم في عهد الدولة السعودية الثالثة، وأوج اتقاد نجم المملكة العربية السعودية، وسطوعها شمساً بازغة مشعة لا تعرف الأفل لحظة، وتحظى بُحسن الرعاية والاهتمام من قبل الملوك الأوشاوس منذ عهد الملك الضرغام المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله - ومن خلفه من أشبال ميامين -رحمهم الله جميعاً - أبناؤه الملوك: سعود، وفيصل، وخالد، وفهد، وعبدالله أسكنهم الله فسيح جنانه. وتسكن في مهجة فؤاد وسويداء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه - وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان آل سعود -حفظه الله ورعاه- وأصبحت وجهة جذب سياحية وآثارية عالمياً، وليست على المستوى المحلي فحسب، وتعزيزها لتعود إلى الواجهة عاصمة ثقافية، وقِبلة حضارية وتراثية عريقة، يتوحد السعوديون تحت ظلالها الوارفة جميعاً، مستمدين من ألق الأمس نبضاً لليوم يُنير ويشرق لهم بالغد، فكان تأسيس هيئة تطوير بوابة الدرعية عام 2017 في العهد الميمون لخادم الحرمين وسمو ولي العهد، تقديراً وعرفاناً للقيمة التاريخية العظيمة الكبيرة للدرعية الشامخة التليدة، ليشع سنا بريقها للعالم كاملاً، وانطلقت الهيئة بمسيرتها المعقودة، ومن حسن الطالع أن تم اختيار الهيئة ضمن أفضل 10 أماكن عمل في المملكة العربية السعودية لعام 2023، بحسب تصنيف «الهيئة العالمية لثقافة بيئة العمل» التي تمنح اعترافها لأماكن العمل المتميزة في ثقافة العمل، للعام الثاني على التوالي، بالإضافة إلى تصنيف الهيئة ضمن فئات الشركات الكبرى. إنها الدرعية، التي لا تغيب عنها شمس المجد والخلود، منذ فجر التاريخ والعصور إلى اليوم حتى الغد المنشود، وسلم البوح بأبيات عفوية نبطية من الشاعر السعودي مشعل الحارثي، قالها مرتجلاً عن ذكرى تأسيس المملكة العربية السعودية، ومراحل الدولة السعودية حتى العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين، قال فيها: على درعية التاريخ رفرف بالفخر يا طير وغرد عن ثلاث قرون ماضيها وحاضره سعودية ومحمية لجل تاريخ يومً غير على متن الوطن وربوعها فلت ضفايرها تعطر بالخزامى والفل والشيخ والنوير.. دوا العشاق وسهوم المنايا في محاجرها يزفك عروس المجد بالتهليل والتكبير.. إمام المسلمين مكفن الفتنة وقابرها عن دروب المعالي والملك سلمان يامرها وما يامر عليه أمر المليك يصير يعني يصير وهو من دون لا يامر عليها جت من آخرها عطاها العمر واعطته الولاء والحكم والتدبير ما جت له من فعلو سيدي ما هوب خابرها لا والله يا وريث الملك من يوم نشيت صغير لك الله وانت يا بيت الشرف من روس اكابرها على يمنى ملكنا مالها غير الأمير أمير محمد والي العهد الأمين أطيب ذخايرها صليب الراس يا محمد محتك للملوك تشير قوي الباس ما درات بك الهيجا دوايرها دمت يا بلاد الخير والشموخ، للمجد عنواناً ونبراساً، سُطِّرَ في أسفار التاريخ الخالدة.
مشاركة :