بغداد - كشف الممثل التجاري الخاص لإيران في العراق فرزاد بيلتن الاثنين، عن رفض بغداد لإقامة تجارة حرة مع طهران، في مسعى إلى توثيق الانفتاح العراقي على البضائع الإيرانية بينما ينتقد خبراء في الاقتصاد هذا الاتجاه نحو الاستيراد مع إهمال متعمد لقطاعات الزراعة والصناعة والإنتاج المحلي. وذكرت مصادر مطلعة أن الانفتاح على البضائع الإيرانية يعتبر بحكم العرف السياسي المُلزم للحكومات العراقية وهو موجود بشكل شفهي ضمن أغلب المفاوضات السياسية، ونظرا لارتباط مصالح السياسيين القائمين على رأس الدولة بطهران فإنهم يلتزمون بهذا التوجه الاقتصادي. وقال بيلتن في تصريحات أوردتها وكالة مهر للأنباء، إن القدرة التجارية بين إيران والعراق تبلغ 20 مليار دولار، موضحاً أنه بسبب الفجوة الكبيرة بين الصادرات والواردات مع العراق، فإن هذا البلد لا يريد إقامة تجارة حرة". وأضاف أنه خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام، تم تصدير حوالي 4.5 مليارات دولار من البضائع من إيران إلى العراق، وتم استيراد حوالي 150 مليون دولار من البضائع إلى إيران. ويعتبر مراقبون أن غموضا يحيط بملف التبادل التجاري بين العراق وإيران، لا سيما أن الأرقام تتصاعد، خصوصاً في ظل استمرار استنزاف أموال العراق من دون العمل الجاد على إنقاذ الوضع الزراعي أو الصناعي. وخلال العام الماضي، سجلت الصادرات الإيرانية إلى العراق مستوى قياسياً بعد نموها 15 في المائة، وتريد إيران حالياً رفع حجم التجارة مع العراق إلى 20 مليار دولار. وأضاف بيلتن، وهو المدير العام السابق لغرب آسيا لمنظمة تنمية التجارة الإيرانية، أن القدرة التجارية للبلدين تؤكد امكانية زيادة العلاقات التجارية بين البلدين، بما في ذلك تصدير السلع والخدمات والكهرباء والغاز بنحو 20 مليار دولار. متابعا أن هناك إمكانية لإقامة تجارة حرة أو تعريفة تفضيلية مع العراق، وأشار إلى أن التجارة بين إيران والعراق هي في اتجاه واحد وتشمل بشكل رئيسي الصادرات من إيران إلى العراق. وتابع أنه على الرغم من مختلف المساعي خلال السنوات الماضية، إلا أن الحكومة العراقية لا ترغب في التفاوض والتوقيع على اتفاق في أي من المجالات المذكورة. وأضاف أن المنافسين الرئيسيين لإيران في الاسواق العراقية هم الصين وتركيا. وذكر أن هناك مشاكل تتعلق بالبنية التحتية التجارية مثل نقل البضائع في اتجاه واحد، وتخليص البضائع في المنافذ الحدودية، والمعايير وما إلى ذلك وإذا تم حلها، فسيكون من الممكن تطوير العلاقات التجارية بين البلدين." ويحتل العراق مكانة مهمة في التجارة الخارجية الإيرانية في ظروف العقوبات القاسية التي تواجهها إيران، إذ تشكل بغداد منفذاً اقتصادياً للالتفاف على العقوبات ودعم الاقتصاد الإيراني. وتشير تقارير إلى أن العراق كان مصدراً مهما لإرسال النقد الأجنبي إلى إيران خلال السنوات الماضية، بعد بدء واشنطن عقوباتها القاسية من عام 2018 إثر انسحابها الأحادي من الاتفاق النووي، الأمر الذي دفع الإدارة الأميركية، إلى ضم العراق إلى نظام سويفت المالي الدولي، خلال الأشهر الماضية للحؤول دون تهريب الدولار إلى إيران، حسب تصريحات أميركية. وعادة تحصل إيران على أموالها المفرج عنها بنظام المقايضة، حيث تشتري سلعاً في الخارج وتُدفع قيمتها بتلك الأموال، وفق آلية تتفق عليها الدول التي تجمد أموالاً إيرانية مع الولايات المتحدة وإيران. وأكد مدير الغرفة التجارية الايرانية العراقية المشتركة من الجانب الايراني، في سبتمبر/أيلول الماضي أن الحجم التجاري بين البلدين يبلغ 10 مليارات دولار (سنويا). وأوضح جهانبخش سنجابي شيرازي في منتدى "حلول تنمية التجارة المستدامة بين إيران والعراق في اطار رؤية 2025"، أن الحجم التجاري مع العراق يبلغ حاليا 10 مليارات دولار، 95 بالمئة منه لصالح ايران. واستطرد أن دولارا واحدا من بين كل 5 دولارات صادرات ايرانية للخارج، تتعلق بالتصدير للعراق ما يستدعي تبني التوقعات اللازمة والرؤية المستقبلية في التجارة مع السوق العراقية والتي يعد فقدانها، خسارة 20 بالمئة من تجارة البلاد. ونوه شيرازي أن التجارة مع العراق على المدى القريب ستكون جيدة، وحتى سنة 2025 مثالية، ولكن بالمدى البعيد ستصبح صعبة بسبب الاوضاع والمنافسين وبقية المواضيع الأخرى ونشاط التجار العراقيين، حيث يتوجب الحفاظ على مستقبل السوق العراقية عبر التخطيط واستشراف الآفاق.
مشاركة :