قال مسؤول مغربي كبير إن التغيرات المناخية التي تجتاح العالم تؤثر سلبا في غطاء الغابات في البلاد وتهدد عددا من الحيوانات بالانقراض. وقال عبدالرحيم الهومي مدير الوكالة الوطنية للمياه والغابات لرويترز "من الآثار السلبية للتغيرات المناخية على الغطاء الغابوي في المغرب، تدني معدل نمو المنظومات الغابوية ومنتوجاتها، كالخشب الفليني، والنباتات العطرية والطبية". وأضاف أن "معدل إنتاج خشب الأرز شهد انخفاضا بنسبة 50 في المائة في العشرية الأخيرة مقارنة بفترة السبعينيات". وتابع أن معدل إنتاج الفلين عرف هو الآخر انخفاضا بنسبة 50 في المائة خلال نفس الفترة "مما أدى إلى تراجع المداخيل الغابوية التي تساهم بشكل فعال في تنمية المناطق القروية الغابوية". وذكرت منصة (جلوبال فورست ووتش) العالمية لمراقبة أوضاع الغابات في وقت سابق، أن المغرب كان يملك 406 آلاف هكتار من الأراضي المغطاة بالأشجار في 2010 تمتد على مساحة تزيد قليلا عن 0.98 في المائة من مساحته البرية. وفي عام 2022 فقد المغرب 12 ألف هكتار من الغطاء الحرجي، ووفقا لبيانات المنصة فقد المغرب 54.6 ألف هكتار من الغابات في 2001 و2022، أي بانخفاض 8.4 في المائة من غطاء الغابات منذ عام 2000. وقال الهومي أن الحرائق لوحدها "التهمت منذ فاتح يناير كانون الثاني من العام الماضي إلى نوفمبر الحالي 6610 هكتارات على الصعيد الوطني، رغم أن 60 في المئة من هذه المساحة عبارة عن أعشاب ثانوية". تتمثل التغيرات المناخية التي يعرفها المغرب على غرار عدد من دول العالم في فترات جفاف طويلة ومتوالية، أو فيضانات أحيانا ما يشكل ضغطا كبيرا على الموارد الطبيعية. كما أن الجفاف وموجات الحرارة التي باتت طويلة في الأعوام الأخيرة، تعد السبب المباشر في اشتعال حرائق الغابات. وشب أكثر من 222 حريقا في غابات المغرب فقط منذ مطلع 2023 وحتى أواخر يوليو تموز الماضي، حسب إحصائيات سابقة للوكالة الوطنية للمياه والغابات. وذكر الهومي أنه بالإضافة إلى كل هذا هناك "مشكلات التصحر وانجراف التربة حيث تعاني بعض المناطق من زحف الرمال". وقال الهومي إن هنالك "ضغطا متزايدا من طرف السكان على الثروة الغابوية، ما يؤدي إلى الاستنزاف المفرط للغطاء النباتي لتلبية احتياجات السكان من الأراضي الزراعية والموارد الخشبية والعلف للماشية، مما يسبب هشاشة التربة". أشار الهومي إلى جانب آخر مهم من تأثيرات التغيرات المناخية في المغرب هذه المرة على الثروة الحيوانية. وقال إن المغرب "فقد خلال القرن الماضي أنواعا من أروع الثدييات، منها أسد الأطلس والنمر والفهد والعناق والمها، وتوجد حاليا عشرات الأنواع على حافة الانقراض بسبب تدمير موائلها". وذكر على سبيل المثال "الضربان والضبع المخطط وأنواع من الغزال تسمى غزال مهر وغزال أغيس (الجبلي) والفنك والفقمة". وأطلق العاهل المغربي محمد السادس في 2000 مبادرة لحماية الغطاء الحرجي ترتكز على أربعة محاور رئيسة، تتمثل في خلق شراكة مع المجتمعات المحلية وجعلها "الشريك الأول في التدبير" وذلك عن طريق تشكيل أكثر من 200 منظمة محلية لتنمية الغابات ووضع برامج تشاركية من أجل حماية 50 ألف هكتار من الأشجار المغروسة سنويا. إضافة إلى تشجيع الاستثمار الخاص على مساحة 120 ألف هكتار من أشجار الصنوبر وتشجيع السياحة البيئية لجلب نحو مليون سائح حتى عام 2030. وتتضمن هذه الخطة أيضا "تطوير وتحديث المهن الغابوية عن طريق إنشاء مشاتل غابوية حديثة بمواصفات عصرية وبشراكة مع القطاع الخاص". أما الشطر الأخير من الخطة، فيتضمن "الإصلاح المؤسساتي للقطاع" عن طريق تأسيس وكالة للمياه والغابات تشرف على الغابات والمتنزهات الوطنية. وقال الهومي إن هذه الاستراتيجية من شأنها "استدراك ما يعادل 30 عاما من تدهور الغطاء الغابوي في أفق 2030، عبر استعادة 133 ألف هكتار من هذا الغطاء، من خلال تشجير 50 ألف هكتار سنويا لبلوغ 100 ألف هكتار في أفق 2030، عن طريق غرس أصناف تتلاءم مع التغيرات المناخية". كما أضاف أن هذه التدابير "ستمكن من خلق أكثر من 28 ألف فرصة شغل مباشر". وبالنسبة لخطر الحرائق الذي يتهدد الغابات المغربية، قال الهومي إنه يتم تتبع الغابات المحروقة سنويا عن طريق الأقمار الصناعية "لتقييم نجاح عمليات التشجير... وكذا برمجة تدخلات تقنية إضافية إذا دعت الضرورة لذلك".
مشاركة :