دكا - لندن: «الشرق الأوسط» شهدت بنغلاديش أمس أعمال عنف سقط خلالها قتيل واحد على الأقل وإضرابا عاما دعت إليه المعارضة، وذلك عشية انتخابات تشريعية وصفتها الأخيرة بـ«المهزلة» وقررت مقاطعتها. فقد قتل ناشط من حزب «رابطة عوامي الحاكم» المعارض في منطقة باتغرام بجنوب البلاد، بينما تعرضت عشرات مراكز التصويت لهجمات أمس، بحسب مصادر متطابقة. وأضرم متظاهرون النار أو حاولوا إحراق 34 مركز تصويت، تزامنا مع بدء إضراب عام يفترض أن يستمر يومين، كما ذكرت الشرطة ومسؤولون عن الاقتراع. لكن هذه الهجمات لن تحول دون إجراء الانتخابات كما أكد هؤلاء المسؤولون، معلنين عن اتخاذ تدابير إضافية كي يتمكن الناخبون من التوجه إلى صناديق الاقتراع. ومنذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قتل نحو 150 شخصا في أعمال عنف سياسية، والانتشار الكثيف لنحو 50 ألف جندي بهدف تأمين مراكز الاقتراع لم يكن كافيا لإنهاء الاضطرابات. ويعد «حزب بنغلاديش القومي» أبرز أحزاب المعارضة الـ21 التي ترفض المشاركة في الانتخابات التشريعية المقررة اليوم الأحد، فيما رفضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ورابطة الكومنولث إرسال مراقبين. ومع هذه المقاطعة ضمنت الشيخة حسينة واجد فوزها بولاية جديدة، لكن هذا الاقتراع قد يؤدي إلى تفاقم أعمال العنف في البلاد. ورغم أن فوزها يبدو محسوما فإن شرعيتها ستكون ضعيفة جدا دون مشاركة «حزب بنغلاديش القومي» وحلفائه. وتطالب المعارضة باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة حيادية مؤقتة قبل تنظيم الانتخابات كما سبق وحصل في الماضي، غير أن رئيسة الوزراء ترفض ذلك، وأكدت مجددا الخميس تصميمها على تنظيم الانتخابات في موعدها واتهمت زعيمة المعارضة خالدة ضياء بأنها «تحتجز البلاد رهينة» بتنظيمها إضرابات قبل الانتخابات. وعنونت صحيفة «دكا تريبيون» أمس «توترات، انتخابات في ظل الخوف» فيما نشرت كل الصحف صورا لآخر ضحايا العنف يحمل كثيرون منهم حروقا مريعة. وقد منعت الخصومة الشديدة بين حسينة واجد وخالدة ضياء أي تسوية بين السيدتين، بينما تخضع زعيمة المعارضة عمليا للإقامة الجبرية منذ أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وناشدت خالدة ضياء أول من أمس المواطنين إلى عدم المشاركة في الانتخابات، وقالت «أدعو مواطني البنغلاديشيين إلى مقاطعة كلية لهذه المهزلة المشينة»، متهمة الشيخة حسينة بـ«قتل الديمقراطية». وشهدت بنغلاديش مؤخرا أعمال عنف اعتبرت الأكثر دموية منذ قيامها في 1971 (على أثر استقلالها عن باكستان)، أسفرت عن سقوط ما بين 300 و500 قتيل بحسب المصادر، بينهم 140 سقطوا منذ أكتوبر أثناء تظاهرات. وأعمال العنف هذه مرتبطة أيضا بأحكام بالإعدام صادرة عن محكمة مثيرة للجدل تنظر في جرائم الحرب المرتكبة في 1971. وقد نسبت إلى أنصار الجماعة الإسلامية، الحزب الإسلامي الرئيس، الذي منع من المشاركة في الانتخابات، وهو حليف لحزب بنغلاديش القومي، ويعد قادته الحاليون أو السابقون المتهمين الرئيسيين في هذه المحاكمات. وجرى إعدام عدد منهم شنقا. ولم يستبعد امتياز أحمد، الأستاذ في جامعة دكا «تفاقم العنف بعد الانتخابات دون السعي إلى تفاهم» بين الغالبية والمعارضة. وحذر من أن «حزب بنغلاديش القومي» قد يعمد من جهة إلى تكثيف التظاهرات بينما قد «تشدد» الحكومة موقفها من جهة أخرى. ويلحق انعدام الاستقرار والإضرابات العامة منذ أشهر أضرارا بالغة باقتصاد هذا البلد المصنف ثامن أكبر بلد في العالم عدديا، كما يؤثر على السكان البالغ عددهم 154 مليونا والذين يعيش ثلثهم تحت عتبة الفقر.
مشاركة :