◄ التنوع الأحيائي البحري من السمات المهمة للبيئة العمانية ◄ تعيش في البحار العمانية 5 أنواع من السلاحف من أصل 7 في العالم ◄ وضع ركائز للحد من تخريب الشواطئ وتدمير أعشاش السلاحف بالمركبات ◄ إعادة 200 ألف سلحفاة صغيرة ضالة إلى البحر وإنقاذ الأمهات ◄ تجميع عشرات الأطنان من المخلفات والمشوهات ضمن حملات تنظيف الشواطئ ◄ دوريات متواصلة لمراقبة أماكن السلاحف وصون الأعشاش ◄ شواطئ مصيرة من أفضل وجهات السلاحف الرؤية- ريم الحامدية يعد التنوع الأحيائي البحري من السمات المهمة للبيئة العمانية، ويضم مجموعة كبيرة من الكائنات الحيَّة البحرية كالأسماك والحيتان والدلافين والسلاحف البحرية والطيور، والتي يرتبط وجودها بالخصائص الجغرافية والمناخية، وتعتبر السلاحف البحرية من أهم مكونات التنوع الأحيائي في عمان، إذ إنِّها من الكائنات المهددة بالانقراض على الصعيد العالمي، ومن أقدم الحيوانات البحرية عالميًا. وتعيش في البحار العمانية 5 أنواع من أصل 7 أنواع من السلاحف موجودة في العالم، منها 4 سلاحف تعشش على شواطئ السلطنة، وتتمثل في السلحفاة الخضراء (الحمسة) والسلحفاة الريمانية والسلحفاة الشرفاف والسلحفاة الزيتونية، أمّا النوع الخامس من السلاحف فهي السلحفاة النملة التي تجوب شواطئ السلطنة بحثًا عن مصدر غذائها فقط. وتعد محمية السلاحف بنيابة رأس الحد في ولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية من المزارات المهمة التي تستقطب آلاف الزائرين من داخل سلطنة عمان وخارجها، الأمر الذي يتطلب من الجهات المعنية بذل الجهود للحفاظ على هذه المحمية الطبيعية وهذه الثروة المهددة بالانقراض. ومؤخراً، شهدت منصات التواصل الاجتماعي حالة من الجدل بسبب قيام هيئة البيئة بوضع سياج خشبي في محمية السلاحف، وهو ما اعتبره البعض قرارا يتسبب في إعاقة الزوار من السير على الشاطئ للاستمتاع بالطبيعة. وعلقت الهيئة على الآراء والصور المتداولة، والتي تظهر أعمالا قيد الإنشاء وغير مكتملة لتركيب ركائز خشبية على جزء من شاطئ محمية السلاحف بنيابة رأس الحد، موضحة أنها تنفذ عدة برامج سنوية من أجل حماية واستدامة هذا الإرث الطبيعي العالمي الهام الذي يواجه خطر الانقراض، والذي تنفرد به شواطئ محمية السلاحف وعدة شواطئ على مستوى العالم. وبموجب المرسوم السلطاني رقم 25 /96، وتلتزم هيئة البيئة بحماية التنوع الحيوي في المحمية واتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الشأن بموجب القوانين النافذة واللوائح التنظيمية. وقالت الهيئة في بيان لها: "من بين تلك البرامج، الرقابة البيئية والمسوحات الميدانية والتوعية وحماية الأعشاش وصغار المواليد، وكذلك برنامج التارتل كوماندوز الذي عمل خلال الثلاثة مواسم الأخيرة على إعادة أكثر من 200 ألف سلحفاة صغيرة ضالة إلى البحر وإنقاذ مئات الأمهات، وتجميع عشرات الأطنان من المخلفات والمشوهات خلال حملات تنظيف الشواطئ، وتدريب قرابة ألف متطوع من داخل السلطنة وخارجها ليصبحوا سفراء للبيئة". وأكدت هيئة البيئة أن الركائز الخشبية الجاري تركيبها لا تمنع الأفراد من العبور إلى الشاطئ مُطلقًا، وإنما تمنع المركبات، وذلك للحد من عمليات تخريب الشواطئ وتدمير الأعشاش، علما بأن المسافة من مواقف المركبات إلى الشاطئ لا تتجاوز أمتار ويسهل عبورها مشيا، كما أن الشاطئ موقع العمل لا يوجد به نشاط انزال سمكي، مضيفة: "لا يوجد أي تأثير على السياحة المسؤولة التي تدرك أهمية المورد الطبيعي وضرورة استدامته لكونه سببا رئيسا في إثرائها، حيث إن شواطئ محمية السلاحف تتميز عن غيرها من الشواطئ بوجود السلاحف التي تمثل عنصر جذب سياحي، الأمر الذي يستلزم تعاون الجميع من أجل الحفاظ عليها". وبيّنت الهيئة أن هذا النوع من الركائز تمثل طريقة آمنة وصديقة للبيئة وبمواد طبيعية لا تؤثر على جمالية الشاطئ ومقوماته، وأن أثرها الإيجابي كبير في الحد من تخريب الشواطئ وتدمير الموائل بفعل القيادة غير المسؤولة للمركبات، كما أنها تستخدم في مختلف المواقع البيئية كالمحميات والمنتزهات الطبيعية في السلطنة وغيرها من الدول، موجهة الشكر إلى أفراد المجتمع لحرصهم على الموارد الطبيعية العمانية. وتؤدي السلاحف دورًا فاعلًا في التوازن الأحيائي البحري؛ فهي توفر المواد المغذية للشواطئ من خلال الأعشاش والبيض، وتعدُّ صغار السلاحف المحاصرة على الشاطئ كنزا حضاريا للبيئة العمانية، ومصدرا لجذب السياح وعشاق البيئة البحرية. وبدأ الاهتمام على المستوى الوطني بالسلاحف وترقيمها في العام 1977م بجزيرة مصيرة؛ بهدف معرفة انتشار وتوزيع السلاحف في البحر، وتحديد خطوط هجرتها وتعشيشها، إضافة للتعرف على معدل النمو وعدد مرات التبييض في الموسم الواحد، وهناك دوريات مستمرة لمراقبة أماكن تواجد السلاحف وصون شواطئ التعشيش، إضافة للحملات التوعوية والتثقيفية عن أهميتها في مختلف محافظات السلطنة، وفي العام 2013، تم تشكيل لجنة مشروع حماية السلاحف في السلطنة؛ بهدف تعزيز حماية السلاحف البحرية من قبل الجهات المعنية بالسلطنة. أمَّا على المستوى الدولي، فقد انضمت السلطنة عام 2006 إلى مذكرة التفاهم لحماية السلاحف البحرية وموائلها في المحيط الهندي وجنوب شرق آسيا وقبل ذلك بدأ تنفيذ الفكرة في العام 2004 لبناء أفضل الأدلة والمعلومات العلمية لحمايتها من الانقراض، مع الأخذ في الاعتبار الخصائص البيئية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للدول الموقعة. وتعدُّ شواطئ جزيرة مصيرة من أفضل الوجهات للسلاحف؛ حيث تعشش في الجزيرة بداية من رأس حلف وانتهاء بآخر جزء فيها رأس أبو رصاص. ومن السلاحف التي تعشش في جزيرة مصيرة سلحفاة "الريماني"، ويبلغ عددها ما يزيد على 30 ألف سلحفاة، وتختلف عن غيرها بكبر حجم الرأس بالمقارنة مع حجم رؤوس السلاحف الأخرى، وتعيش في مناطق الشعاب المرجانية وتتغذى على الأصداف والمحار وسرطانات البحر وقنفذ البحر، وتضع ما يقارب الـ125 بيضة في المرة الواحدة. والسلحفاة "الزيتونية" أصغر أنواع السلاحف البحرية وهي أقل أنواع السلاحف تعشيشا في السلطنة؛ حيث إنَّ عددها يقدر بـ150 إلى 200 سلحفاة تعشش في جزيرة مصيرة، وتتميز بقشرتها الظهرية التي تأخذ شكلاً شبه دائري محدبا من الأمام، ولونها الزيتوني الرمادي، وتتغذى أيضا على الأصداف البحرية والسرطانات الصغيرة، وتضع ما يقارب 190 بيضة في المرة الواحدة. وتعشش السلحفاة الشرشاف (منقار الصقر) بكثافة في محمية جزر الديمانيات الطبيعية؛ حيث قدرت أعدادها في أرخبيل جزر الديمانيات الصغير بحوالي 500 سلحفاة، كما تعشش بأعداد أقل في جزيرة مصيرة، وأهم ما يميزها هو رأسها الصغير ومنقارها الذي يشبه منقار الطيور الجارحة، كما أنَّ قشور ظهرها زاهية الألوان؛ الأمر الذي جعلها تستخدم لأغراض مختلفة منها صناعة الحلي من قبل حضارات عديدة، وتتغذى سلحفاة الشرشاف على الكائنات البحرية الإسفنجية وعلى المرجان اللين والصدفيات، وأيضا على النباتات البحرية والطحالب، وتضع السلحفاة الشرشاف ما يقارب 132 بيضة في المرة الواحدة. وتقدر أعداد السلحفاة "الخضراء" التي تعشش في معظم الشواطئ العمانية، بما يزيد على 20 ألف سلحفاة في السنة الواحدة، وهذا العدد يعد الأكبر على مستوى منطقة غرب المحيط الهندي، وتعد منطقة رأس الجنز بمحمية السلاحف في رأس الحد من بين أهم مواقع تعشيش السلاحف الخضراء على مستوى العالم، وتتغذى السلاحف الخضراء على الأعشاب البحرية؛ حيث تعتمد عليها في غذائها، وتضع السلحفاة الخضراء ما يقارب 132 بيضة في المرة الواحدة. وأخيرًا السلحفاة "النملة" التي لا تعشش في الشواطئ العمانية، إلا أنها تتواجد في بحارها من أجل التغذية، وتتميز سلحفاة النملة بكونها أضخم أنواع السلاحف البحرية الموجودة، كما أنَّ قشرتها الظهرية تتميَّز عن بقية السلاحف الأخرى بكونها لينة وليست صلبة، والخطوط التي على ظهرها طويلة وشبه مستقيمة، وزعانفها الأمامية والخلفية تتميز بالطول والقوة لتتمكن من السباحة لمسافة بعيدة في المحيطات؛ حيث إنَّ أماكن تعشيشها في المناطق الاستوائية، وتبعد في العادة عن موطن تغذيتها في المناطق المدارية وتضع السلحفاة النملة ما يقارب 130 بيضة في المرة الواحدة. ويواجه هذا الكائن البحري الذي عاش منذ أزمنة سحيقة وعاصر الديناصورات وغيرها من الكائنات الضخمة، العديد من التحديات واستطاع التأقلم والتكيف مع هذه التحديات، ولكنه أصبح في الوقت الحالي مهددا بالانقراض بسبب السلوكيات البشرية مثل التلوث البحري والتطور العمراني الذي يؤدي إلى تخريب مواطن السلاحف، وكذلك الصيد الجائر والصيد غير المشروع وتدمير البيض للحصول على لحومها، وللعلاج التقليدي والصيد العرضي ووقوع السلاحف في شباك الصيد عن طريق الخطأ والتلوث بأشكاله العديدة، بالإضافة إلى ضرر المواد الكيميائية والبلاستيكية التي تتسبب في تسمم ونفوق السلاحف إلى ابتلعتها أو التصقت بها، ناتهيك عن التغيرات المفاجئة في درجات الحرارة والعواصف.
مشاركة :