تسارعت تحركات المانحين لوضع أسس مستدامة للاقتصاد الأزرق في حوض المتوسط عبر زيادة الاستثمارات ومواجهة استنزاف الثروة السمكية بعد تصاعد التحذيرات من المخاطر المحدقة بمستقبل القطاع الإستراتيجي جراء تغير المناخ. وتلقت الشراكة الزرقاء المتوسطية دفعة قوية خلال قمة المناخ (كوب 28) من قبل المانحين الداعمين لهذه الاتفاقية من أجل تنمية الاقتصاد الأزرق بشكل مستدام. وتم إطلاق هذه الشراكة خلال فعاليات مؤتمر المناخ، الذي احتضنه شرم الشيخ المصرية العام الماضي، وقد تلقت بالفعل دعما سياسيا قويا من البلدان المستفيدة والشركاء. ووقعت الأطراف المعنية السبت الماضي خطاب نوايا لجعل مشاركتها في الشراكة رسمية ولتفعيل الشراكة في أوائل عام 2024. وتهدف الاتفاقية بشكل أساسي إلى معالجة التهديدات، التي تواجهها مشاريع الاقتصاد الأزرق من خلال زيادة التمويلات في منطقتي البحر المتوسط والبحر الأحمر. وتركز الشراكة التي تتضمن الحفاظ على التنوع البيولوجي في منطقة المتوسط عبر الشراكة بين الدول ومؤسسات التمويل الأوروبية في البداية على مصر والأردن والمغرب. أوديل رينو باسو: المنطقة تتمتع بإمكانيات هائلة إذا طُورت بشكل مستدام أوديل رينو باسو: المنطقة تتمتع بإمكانيات هائلة إذا طُورت بشكل مستدام ومن خلال صندوق جديد متعدد المانحين يديره البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، تسعى الشراكة الزرقاء المتوسطية إلى تأمين تمويل إضافي من الجهات المانحة السيادية لإعداد المشاريع والتمويل المختلط. وأعلنت المفوضية الأوروبية من دبي عن مساهمة قدرها مليون يورو، وساهمت الوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي (سيدا) بمبلغ قدره 6.5 مليون يورو والوكالة الفرنسية للتنمية بمليوني يورو. ومن المتوقع أيضا أن تعلن ألمانيا وإسبانيا عن تبرعات، وسيتبعهما مانحون إضافيون خلال الأشهر المقبلة. وسيعمل بنك الاستثمار الأوروبي والوكالة الفرنسية للتنمية ومعهد إعادة الإعمار الائتماني الألماني وأيضا صندوق الودائع والقروض الإيطالي والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية كمؤسسات مالية منفذة للمشروع. وسيتعاونون في التمويل المشترك لمشاريع الاقتصاد الأزرق، التي ستستفيد من المنح، التي تقدمها الشراكة، وتعبئة الموارد المالية الحالية التي تقدمها المفوضية الأوروبية من خلال منصة استثمار الجوار والصندوق الأوروبي للتنمية المستدامة المعززة. وستتولى الدول المستفيدة في جنوب المتوسط قيادة عملية تحديد مشاريع الاقتصاد الأزرق الإستراتيجية، بينما سيعمل الاتحاد من أجل المتوسط كميسّر للحوار السياسي والتنظيمي. ونقلت وسائل إعلام عن رئيسة البنك الأوروبي للإعمار أوديل رينو باسو قوله “تتمتع منطقة المتوسط بإمكانيات هائلة لتحفيز النمو الاقتصادي إذا تمت حمايتها وتطويرها بشكل مستدام”. وأكدت أن البنك لن يدخر جهدا في تفعيل المبادرة خاصة مع تكليفه بالعمل كمدير صندوق الشراكة الزرقاء المتوسطية. وأضافت باسو “هدفنا الآن هو تحقيق نتائج ملموسة. تقع التنمية المستدامة وحماية البيئة في صميم مهمة البنك، وسوف نشارك خبرتنا في تحقيق التأثير من خلال الشراكات البيئية”. ويعد حوض المتوسط نقطة ساخنة معترفا بها للتنوع البيولوجي البحري وموردا حيويا للأنشطة الاقتصادية في سوق يضم نحو 480 مليون شخص يعيشون في 22 دولة في المنطقة. وتقول الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر المتوسط التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو) مصايد الأسماك في المتوسط والبحر الأسود إيرادات سنوية تبلغ قيمتها 2.9 مليار دولار وتولّد ما يقدر بنصف مليون فرصة عمل على طول سلسلة القيمة. وفي المتوسط، يعمل شخص واحد من كل ألف شخص من سكان المنطقة في مجال صيد الأسماك، وفي بعض المناطق الساحلية يمكن أن يصل هذا العدد إلى 10 أضعاف. ومع ذلك، فإن القوى العاملة تتقدم في السنّ. وفي 2020، كان أكثر من نصف جميع العاملين قد تخطوا سنّ الأربعين، في حين أن 10 في المئة فقط كانوا دون سنّ 25 عاما. ووفقا للهيئة الأممية، فإن هذا الاتجاه يزداد سوءًا. وتمثل مصايد الأسماك صغيرة النطاق 82 في المئة من السفن و59 في المئة من الوظائف. ويعمل فيها أيضا أكبر عدد من الشباب، لكنّ صيادي الأسماك على نطاق صغير يكسبون عادة أقل من نصف الأجر الذي يكسبه الصيادون في الأساطيل الصناعية. ويتعرض النظام البيئي في البحر المتوسط للتهديد بسبب فقدان الموائل وتدهورها والإفراط في صيد الأسماك والتلوث وتغير المناخ. ولذلك تسعى الشراكة إلى الجمع بين الجهات المانحة الدولية والبلدان المستفيدة والمؤسسات المالية المهتمة والمؤسسات الخيرية لدعم إصلاحات السياسات، وجذب تمويل الجهات المانحة، وتعبئة التمويل العام والخاص للمشاريع في المنطقة. الشراكة الزرقاء المتوسطية تتلقى دفعة قوية خلال قمة المناخ (كوب 28) من قبل المانحين الداعمين لهذه الاتفاقية من أجل تنمية الاقتصاد الأزرق بشكل مستدام وقال نائب رئيس بنك الاستثمار الأوروبي أمبرواز فايول إنها “أخبار رائعة أن الشراكة الزرقاء المتوسطية جاهزة لبدء عملياتها”. وأضاف “تعد هذه المبادرة مثالا ممتازا على التزامنا باستعادة صحة المحيطات وتعزيز التنوع البيولوجي والقدرة على التكيف مع المناخ في المناطق الساحلية للبحر الأبيض المتوسط”. وتابع إن “دعم رفاهية المجتمعات الساحلية والاستثمار في الاقتصاد الأزرق المستدام أمر منطقي اقتصاديا، وهو أيضا أمر حيوي في مواجهة التحديات العالمية مثل الأمن الغذائي وحماية الطبيعة وتغير المناخ”. وتتمثل الأهداف الرئيسية للشراكة في دعم استثمارات الاقتصاد الأزرق المستدامة التي تحشد تمويل القطاعين العام والخاص، وتعزيز القدرة على الممارسات المستدامة والمبتكرة وفي تصميم المشاريع وتنفيذها. وإلى جانب ذلك، إنشاء وتعزيز بيئات تمكينية لاستثمارات الاقتصاد الأزرق المستدامة عبر دعم وتطوير الإستراتيجيات والسياسات والأطر التنظيمية. وتشمل المجالات ذات الأولوية للشراكة الحد من النفايات البلاستيكية، واستثمارات المرونة الساحلية والسياحة المستدامة ومعالجة مياه الصرف الصحي والاقتصاد الدائري والتنوع البيولوجي البحري وقال الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط ناصر كامل في تصريحات على هامش قمة المناخ إن “منطقة المتوسط، بسواحلها الجميلة وأنظمتها البيئية المتنوعة، معرضة بشكل خاص لارتفاع منسوب مياه البحر وندرة المياه والظواهر الجوية المتطرفة”. وأكد أن توقيع الشراكة الزرقاء المتوسطية يعد علامة بارزة تعكس “التزامنا المشترك بالعمل معًا وتجميع الموارد وتحقيق النجاح في معالجة حالة الطوارئ المناخية في البحر المتوسط”.
مشاركة :