في عصر يشهد تقدما تكنولوجيا سريعا، أصبح الذكاء الاصطناعي الناشئ عاملا رئيسيا في إعادة تشكيل ملامح صناعة الإعلام. وفي القمة العالمية الخامسة للإعلام المنعقدة حاليا، يتبادل المشاركون رؤاهم ووجهات نظرهم بشأن الذكاء الاصطناعي، الذي أصبح كلمة شائعة على الصعيد العالمي. فقد ذكر فو هوا، الرئيس التنفيذي للقمة العالمية للإعلام ورئيس وكالة أنباء ((شينخوا))، في كلمة رئيسية ألقاها خلال مراسم افتتاح القمة، أنه يتعين علينا تبني الابتكار والتغيرات التكنولوجية، وتعزيز أعمال البحث والتطوير الخاصة بالذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وغيرهما من التكنولوجيات، بما يمكنها من خدمة تطوير الإعلام بشكل أفضل. ومن جانبه قال ناراسيمهان رام، مدير ((إندو بابلشنج جروب)) الهندية، إن اكتشاف كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي من شأنه أن يجلب فرصا لتطوير الإعلام. أما تشان ييم كوين نائب رئيس وكالة ((أسوشيتد برس))، فأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي حرر الصحفيين من "المهام الروتينية" وسمح لهم بالتركيز على "الصحافة الأكثر تأثيرا". واتفقت سو بروكس، رئيسة تطوير المنتجات وإستراتيجية الوكالة بوكالة ((رويترز)) للأنباء، مع تشان، قائلة إن الذكاء الاصطناعي سيجعل الصحافة أكثر كفاءة، ويحرر الصحفيين من "الترجمات والنسخ الروتينية حتى يتمكنوا من قضاء المزيد من الوقت في الكشف عن القصص الأكثر أهمية". أناس يشاهدون عرض طائرات دون طيار في حي نانشا بمدينة قوانغتشو بمقاطعة قوانغدونغ جنوبي الصين يوم 2 ديسمبر 2023 بمناسبة القمة العالمية الخامسة للإعلام، التي تستضيفها وكالة أنباء ((شينخوا)) في الفترة من 2 إلى 8 ديسمبر في مدينتي قوانغتشو وكونمينغ الصينيتين. (شينخوا) في خطابها حول موضوع "الثقة" خلال مراسم افتتاح القمة يوم السبت، قالت بروكس "إذا كان الذكاء الاصطناعي سيصبح جزءا كبيرا من حياتنا، فنحن بحاجة إلى الثقة بأن الخوارزميات تُبنى للخير وليس للشر". بالإضافة إلى دوره في تعزيز الكفاءة والفعالية، حقق الذكاء الاصطناعي فوائد تحويلية بدءا من التقسيم الأمثل لشرائح الجمهور وصولا إلى التحليل المتعمق. بيد أن إغراء التقدم صاحبته ظلال. وباتت هناك حاجة إلى معالجة انتشار الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة، والشواغل المتعلقة بحماية الملكية الفكرية، والاعتبارات الأخلاقية في مجال الصحافة معالجة سليمة. وفي نفس السياق، أكدت ميليسا فليمنِق وكلية الأمين العام للتواصل العالمي في كلمتها الافتراضية أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يفاقم المشكلات المحتملة مثل "المعلومات المضللة والمؤامرات والكراهية التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي" و"عدم الثقة في المؤسسات العامة". وقد لفت تورو ميزوتاني، رئيس ورئيس تحرير وكالة أنباء ((كيودو))، على وجه التحديد إلى التحديات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل قضايا حقوق التأليف والنشر والإجراءات المتعلقة بمكافحة الأخبار المزائفة. وقال مايكل مينفيل، عضو اللجنة التنفيذية لوكالة أنباء ((فرانس برس)) والمدير الإقليمي للوكالة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، إن وكالة فرانس برس قامت إلى جانب مجموعات إعلامية أخرى بتطوير ميثاق باريس بشأن الذكاء الاصطناعي والصحافة، الذي يحدد 10 مبادئ لاستخدام الذكاء الاصطناعي من قبل وسائل الإعلام. وشدد مينفيل في اجتماع بين قادة وكالات أنباء ((شينخوا)) و((رويترز)) و((أسوشيتد برس)) و((فرانس برس)) عقد يوم الجمعة في بكين على أنه "من المهم للغاية أيضا مناقشة المبادئ المتمثلة في كيفية استخدامنا للذكاء الاصطناعي". وبالمثل، أصدرت وكالة ((أسوشيتد برس)) مبادئ توجيهية بشأن الذكاء الاصطناعي هذا العام، بما فيها كيفية وتوقيت استخدامها. وقال تشان إن المنظمات الإعلامية يجب أن تعمل بشكل تعاوني للدفع من أجل وضع إطار قانوني لضمان حماية الملكية الفكرية وتعويض مبدعي المحتوى بشكل عادل عن عملهم. ومن ناحية أخرى، سعت وسائل الإعلام إلى تعزيز التعاون مع شركات الذكاء الاصطناعي وفيما بين المنظمات الإعلامية لاغتنام الفرص والتصدي للتحديات على نحو أفضل. وذكرت بروكس أن تومسون رويترز، وهي مزود عالمي للأخبار والأدوات القائمة على المعلومات، تستثمر أكثر من 100 مليون دولار أمريكي سنويا في الذكاء الاصطناعي التوليدي لتسخير التكنولوجيا بشكل أفضل لتحسين خدماتها. وقال تشان خلال القمة إن وكالة ((أسوشيتد برس)) وقعت اتفاقية تعاون مع ((أوبن إيه أي))، الشركة التي أطلقت ((تشات جي بي تي))، لاستكشاف كيف يمكن لمنصتها للذكاء الاصطناعي التوليدي أن تساعد في هذا الصدد. ودعا المدير العام لوكالة ((تاس)) للأنباء أندري كوندراشوف القمة العالمية للإعلام إلى التركيز على الذكاء الاصطناعي كموضوع رئيسي، والعمل بشكل جماعي على استكشاف كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بحكمة لدفع تطوير صناعة الإعلام. وذكر تشان أن "عدم القيام بأي شيء -- في انتظار رؤية كيفية ستتطور هذه التكنولوجيا -- ليس خيارا مطروحا. فمن الواضح أن علينا أن نتحرك، وعلينا أن نتحرك الآن". تستضيف وكالة أنباء ((شينخوا)) القمة العالمية الخامسة للإعلام الجارية في الفترة من 2 إلى 8 ديسمبر في مدينة قوانغتشو الصينية بمقاطعة قوانغدونغ ومدينة كونمينغ بمقاطعة يوننان. يأتي المشاركون من 101 دولة ومنطقة -- ممثلون من قرابة 200 من وسائل الإعلام الرئيسية، والمراكز البحثية، والوكالات الحكومية، وكذلك المنظمات الدولية. تتناول القمة، التي تعقد تحت عنوان "تعزيز الثقة العالمية، ودفع تطوير الإعلام"، موضوعات تشمل تعزيز ثقة الإعلام، والتعامل مع الفرص والتحديات التي تطرحها التكنولوجيات الجديدة، واستكشاف أسواق جديدة في العصر الرقمي، والسعي من أجل مستقبل مشترك في التعاون الإعلامي العالمي.■