تهديدات لا تخيفنا

  • 3/25/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هل فاتتني قراءة تصريح لأحد مجانين إيران في صحافتنا المحلية يدعو فيه قيادته إلى احتلال البحرين؟ يمكن! وإن كان ذلك صعب الحصول على متابع يومي لما تنشره هذه الصحافة، أم أن صحافتنا تجاهلت هذا التصريح ولم تعره انتباها؟ جائز، ولكن خبرا بهذا الحجم صعب تجاهله وإن صدر عن مجنون، لأنه يمس صميم السيادة الوطنية ويبعث على القلق لدى المواطنين. كنت أطرح على نفسي هذين السؤالين، وأفترض الإجابة عنهما عندما وقعت عيني على هذا التصريح وأنا أتجول في فضاء الصحافة الالكترونية. وقد قرأت أيضا مقالا جاءت كلماته حامية ردا على أباطيل التصريح وصاحب التصريح، وقد صدر من خارج محيط كتاب الصحافة المحلية. ما ينبغي الإشارة إليه هنا أن التصريح المذكور غارق في العبث بأمن منطقة الخليج العربي واستقرارها، ماس بطريقة استفزازية بكرامة مواطني مملكة البحرين. دعا صاحب هذا التصريح قبل أيام إلى احتلال البحرين وضمها إلى إيران، بزعم أن البحرين محافظة إيرانية مقتطعة ويجب أن تعود إلى إيران، وأن تصبح جزءا من محافظة بوشهر. ما يضفي على هذا التصريح الخطورة هو أن صاحب التصريح يعد واحدا من قياديي الحرس الثوري، وهو الجنرال سعيد قاسمي قائد ميليشيات أنصار حزب الله على ما أشارت إلى اسمه وكنيته الأخبار التي وصفته بأنه قائد هذه المليشيات صاحبة النفوذ الواسع في النظام الإيراني، وصاحبة الضغط المرتبطة بالمرشد على خامنئي مباشرة. ألا تتفق معي، قارئي الكريم، بأن التصريح ماس بالسيادة الوطنية، ولا ينبغي أن يمر في وسط صمت؟ هذا التصريح وغيره إن هو إلا تعبير عن حقيقة ما يستقر في فكر راسمي السياسة العدوانية من الملالي والعسكر، وهو قبل هذا وذاك امتداد لتاريخ من الإنكار بحقائق الثقافة والتاريخ والجغرافيا، وتشبثا بوهم إمبراطوري يصطدم في حقيقة أمره بواقع أصبح طعمه مرا مع المتغيرات الحاصلة على مستوى مواجهة التحديات التي تتخذها دول مجلس التعاون بقيادة المملكة العربية السعودية إزاء جنون ملالي إيران. ولكن دعني أقلها منذ البداية وبعربية تشهد لوحدها بعروبة البحرين وعمق ما يفصلها عن طهران وساستها الملتحفين بعباءات الدين كل ذلك ممزوج بشوفينية فارسية مفضوحة: مثل هذه التصريحات وهذا التهديد بالضم ما كان ليخيفنا ولن يخيفنا. في تصوري أن القيادات الطائفية المذهبية كالتي تتحكم بمصائر الإيرانيين لن تتوانى عن إطلاق مثل هذه التصريحات إذا لم تر في مملكة البحرين إجماعا وطنيا يرفضها جملة وتفصيلا، وستبقى هذه التصريحات مستمرة طالما بقي هنا طابورا خامسا يضخ الأكاذيب التي تشجع على إطلاق مثل هذه التصريحات والادعاءات، وستبقى طالما هناك إعلام ينغمس أكثر وأكثر في نشر تقارير منظمات حقوقية وفي إبداء التأييد المفضوح لها، ولا يتوانى في الدفاع عن أمثال هؤلاء المتآمرين على عروبة البحرين ويتجرأ على تسميتهم بغير وجه حق وفي وقاحة عجيبة ثوارا ووطنيين، وأصحاب قضية! سيل التصريحات وكثرتها تعفينا من استحضار مزيد من الشواهد التاريخية، أو مزيد من المؤشرات الدالة على طبيعة الدولة الإيرانية تحت أي حكم كانت، سواء أكان ذلك تحت حكم الملالي القابض على أنفاس الشعب الإيراني اليوم منذ أن استولوا على مقاليد الحكم واعتلوا سدته عام 1979، أم بالرجوع إلى تاريخ من العداء في ظل العروش السابقة، لندلل على أن اليوم شبيه بالأمس وأن الغد صناعة اليوم بصرف النظر عن المسمى الذي تتخذه إيران. لا نحتاج إلى ذلك، لأن جميع هؤلاء ممن حكموا إيران ينتسبون إلى ثقافة واحدة ينهلون من معينها المستند إلى حلم إمبراطوري توسعي تم فيه بقصد مقصود خلط الواقع بالخيال القومي بهدف تضخيم الصورة لدى المواطن الإيراني، ليكون مطواعا، أعمى البصيرة، مستعدا لتلبية واجب الخدمة العسكرية مثلما نشهده اليوم في سوريا والعراق ولبنان واليمن. أجيال من مواطني دول مجلس التعاون وعت وجود إيران تحت حكم الشاه الذي استمر ثمانية وثلاثين عاما انتهت به ذليلا يهيم على وجهه لا يجد له مأوى يلتجئ إليه ولا حليفا يناصره، وكانت هذه الأجيال في حالة من عدم الاستقرار جراء تهديدات هذا الحكم الذي ورث النزعة القومية وورثها لمن بعده، وها نحن نرى الحالة مستمرة إلى يومنا، هذا اليوم الفوار بالمذهبية، يومنا هذا الذي يبدو أنه نجح في استنساخ أمسه، ليطيل عمر مأساة الجوار الفارسي ولكن بثوب مذهبي هذه المرة. فمثلما ادعى الشاه فارسية البحرين موظفا العصبية القومية، وما نال من ذلك إلا وقفة شعبية وحكومية متراصة سفهت مطامعه وآماله فتراجع في ضوئها عن أحلامه مدحورا، وها هم المعممون يذهبون، بين الفينة والأخرى، في اتجاه ما ذهب إليه شرطي الولايات المتحدة الأمريكية في الخليج أيام حكمه الغابر، ولكنهم يغلفون ذلك بالمقدس المذهبي الذي سيطر على وعي المستعبدين من خريجي المدارس الإيرانية وحوزاتها العلمية التي أنشئت على عقيدة ولاية الفقيه، ولها من يمثلها في كثير من الدول العربية، والبحرين واحدة من هذه الدول الموعودة بهبات مذهبية من مخلفاتها الكريهة تهديد أمن المواطن، وتدمير الإنجازات التنموية للحكومة واستهداف منابر العلم في هجمة تذكرنا بهولاكو وحرقه مكتبة بغداد. إيران لم تتورع قط عن إظهار نواياها التوسعية، وظل الحلم ببناء إمبراطورية يراود هؤلاء وأولئك والذين من قبلهم، ولن نصدم إن كرره من سوف يأتي من بعدهم، وقد ترجمت ذلك قولا في بعض البلدان وفعلا في بعضها الآخر، وكان سكوت العرب والعالم في الحالتين سيد الموقف. إيران الحالمة تاريخيا بالتوسع خصت بأطماعها بعض دول مجلس التعاون قبل تأسيسه وخصوصا البحرين، ومن بعد نشأة هذا المجلس اتجهت بأنظارها إلى ضم الدول العربية إلى أجندتها آحادا، وبعد أن استفحل غرورها راحت تتحدث عنهم جماعات والعرب صم بكم..! أختم بعبارة ختم بها الكاتب الذي أشرت إليه في البداية رد فيها بكلمات حامية على تصريح قائد ميليشيات أنصار حزب الله سعيد قاسمي وقد جاء فيها ما نصه: هؤلاء هم المتعصبون من الفرس، لا ينصفون، ولا يعدلون، ولا يتقون. نسعى إلى حسن جوارهم ويسعون إلى عداوات الزمن السحيق.

مشاركة :