تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالباري الثبيتي في خطبة الجمعة عن الاستعجال والعجلة المحمودة والمذمومة وأثارها الإيجابية والسلبية على الإنسان والمجتمع والأمة. وقال "الثبيتي": "الله سبحانه وتعالى قدر الأقدار وجعل لكل شيء من مخلوقاته أجلاً، وقدر الله سبحانه وتعالى لا تحله العجلة قبل وقته ولا يوقعه الطلب قبل أوانه مستشهداً فضيلته بقول الله تعالى (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)". وأضاف: "استعجال المطالب والأماني صفة إنسانية وفطرة بشرية قال تعالى (خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ) وأنه من عظيم حلم الله وواسع رحمته جلا وعلا أن استعجال البشر لا يغير قضاءه وقدره وأحكامه مستشهداً بقول الله تعالي (رَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ? لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ)". وأردف: "العجلة المذمومة هي ما كان في غير طاعة وهي من أسلحة الشيطان في نفس ابن آدم عاقبتها الخسارة والندامة، وأخطر صور الاستعجال المذموم على الإنسان إيثار العاجل على الآجل والاستغراق في متع الحياة الدنيا والغفلة عن الآخرة". وتابع: "الاستعجال المذموم يسرق سكينة القلب وطمأنينته فإن الإنسان القلق العجول قلما يحسن عملاً يؤكل إليه أو ينتج إنتاجاً يقنع ويرضي". وقال خطيب الحرم النبوي: "من الاستعجال المذموم الاندفاع في ترويج الشائعات واتهام الأبرياء دون تثبت قال تعالى (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُون بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ)، فالألسن تتلقى الأقوال وتتقاذف التهم بلا تردد يمر القول على الأذان وتستقبله بلا وعي وينساب بلا عقل قبل أن يتأمله القلب ويعرض على ميزان الشرع مستشهداً فضيلته بقول الله تعالى (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ)". وأضاف: "الحماسة وثورة العاطفة الجياشة دون ضابط صورة من صور الاستعجال المذموم الذي لا يخدم قضايا الأمة وأن الجور في الأحكام والاستعجال والتسرع فيها وخاصة في المسائل الكبار يقود إلى التساهل في دماء المسلمين وهو أمر عظيم ووبال أليم مستشهداً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن؛ لأكبهم الله في النار)". وأردف: "التجرؤ على الفتوى واستعجال التصدر قبل النضوج والرسوخ في العمل سوء سيرة ومزلقا ومهلكا، والعجلة قد تؤدي إلى الطيش ووضع الأشياء في غير مواضعها، فيجني الإنسان على نفسه ومجتمعه وأمته فمن كان ديدنه الاستعجال آثرته الظنون والشكوك وأصيب بداء تتبع عورات الآخرين وترصد الزلات". وتابع: "العجلة في السير إلى رضى الله سبحانه وتعالى والمسارعة في الخيرات منقبة محمودة وسمة جميع الأنبياء قال تعالى (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَات ِوَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا? وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)".
مشاركة :