ويشاهد آلاف المدنيين يفرون من المنطقة مشيا أو على دراجات نارية أو على عربات محملة بأمتعتهم. وهم باتوا محاصرين في منطقة تتقلص مساحتها يوما بعد يوم قرب الحدود مع مصر ويواجهون وضعا إنسانيا كارثيا. بدأ الهجوم البري الإسرائيلي في 27 تشرين الأول/أكتوبر ضد حماس في شمال قطاع غزة لكن الجيش الإسرائيلي وسّع نطاق عملياته لتشمل القطاع برمته بعد شهرين تقريبا على بدء الحرب التي سببها هجوم دام شنته حركة حماس داخل إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وقال قائد أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي في بيان "قواتنا تحاصر خان يونس في جنوب قطاع غزة. لقد سيطرنا على الأمن في معاقل عدة لحماس في شمال قطاع غزة ونجري عمليات الآن ضد معاقلها في الجنوب". وأضاف "قواتنا تعثر على أسلحة في كل الأبنية والمنازل تقريبا وعلى إرهابيين في منازل كثيرة وتواجههم". وقالت مصادر في حركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين لوكالة فرانس برس إن مقاتليهما يتواجهون في اشتباكات عنيفة مع القوات الإسرائيلية لمنعها من الدخول إلى خان يونس والمناطق الواقعة شرق المدينة فضلا عن مخيمات اللاجئين القريبة. وأفاد الإعلام الحكومي في حركة حماس بأن "قصفا مدفعيا عنيفا على منازل المدنيين في بلدات خزاعة وعبسان والقرارة وبني سهيلة شرق خان يونس أوقع عشرات الشهداء والمصابين". وتعرضت مناطق أخرى في قطاع غزة أيضا للقصف. وأفادت وزارة الصحة في حكومة حماس بسقوط "6 شهداء و14 مصابا في قصف جوي إسرائيلي على منزلين في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة" فضلا عن مقتل مدير عيادة خزاعة الحكومية رامز النجار في غارة إسرائيلية على منزله قتل فيها نجله أيضا. "تصفية" قياديين وأكد الجيش الإسرائيلي في بيان أنه قتل "غالبية القياديين الكبار" في كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكري لحماس، الذين يتحركون انطلاقا من شبكة أنفاق في شمال قطاع غزة، مشيرا بالتحديد الى خمسة قياديين قال إنه قام ب"تصفيتهم". ومنذ استئناف القتال في الأول من كانون الأول/ديسمبر بعد هدنة استمرت سبعة أيام، يضطر مئات آلاف الأشخاص الذين لجأوا إلى جنوب القطاع للفرار مرة جديدة للاتقاء من القصف والمعارك التي تتوسع جنوبا. وقالت أم محمود وهي تترك خان يونس في طريقها إلى رفح عند الحدود مع مصر لوكالة فرانس "ها نحن نهيم في ديار الله الفسيحة بحثا عن ملجأ. يبدو أن لا مكان يؤوينا". وقال منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتّحدة مارتن غريفيث في بيان "لا مكان آمن في قطاع غزة لا المستشفيات ولا الملاجئ ولا مخيمات اللاجئين. ولا الأطفال ولا الطواقم الطبية ولا الطواقم الإنسانية. هذا الاستهزاء الصارخ بأسس الإنسانية يجب أن يتوقف". وشدّد برنامج الأغذية العالمية على أن توزيع المساعدة الإنسانية بات "شبه مستحيل" في قطاع غزة وأن استئناف القتال "ستكون نتيجته تفاقم الأزمة الإنسانية الكارثية التي تهدد السكان المدنيين". انقطاع المساعدة وقال مكتب الأمم الأمتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية (أوتشا) إن مدينة رفح باتت المنطقة الوحيدة في قطاع غزة التي توزع فيها المساعدات الإنسانية بكميات محدودة فيما لم تعد تصل بشكل شبه كامل تقريبا إلى خان يونس والوصول إلى المناطق الواقعة شمالا غير ممكن. ويلقي الجيش الإسرائيلي يوميا على خان يونس منشورات تحذّر من قصف وشيك وتطلب من السكان مغادرة مناطق سكنهم. إلا ان الأمم المتحدة التي قدرت أن 28% من أراضي قطاع غزة مشمولة بهذه الأوامر، تعتبر أنه "من المستحيل" إقامة مناطق آمنة لاستقبال المدنيين كما حددتها إسرائيل. والثلاثاء، تكرّرت مشاهد الفوضى في مستشفى ناصر في خان يونس، المستشفى الأكبر في جنوب القطاع، وحيث يعالج المرضى على الأرض. وأظهرت مقاطع مصوّرة لوكالة فرانس برس جرحى يُنقَلون في سيارات إسعاف وآخرين في عربات أو يحملهم أقاربهم. وتفيد الأمم المتحدة أن 1,9 مليون شخص أي 85% من سكان القطاع نزحوا جراء الحرب في قطاع غزة حيث تعرّض أكثر من نصف المساكن للدمار أو لأضرار. وقالت وزارة الصحة في حكومة حماس إن 16248 شخصا قتلوا منذ بدء الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أكثر من 70% منهم من النساء والأطفال. في إسرائيل، قتل 1200 شخص غالبيتهم من المدنيين في هجوم حماس، وفق السلطات الإسرائيلية. وتفيد إسرائيل أن 138 رهينة اقتيدوا إلى قطاع غزة في يوم الهجوم لا يزالون محتجزين بعد الإفراج خلال الهدنة عن 105 رهائن من بينهم 80 أفرج عنهم مقابل إطلاق الدولة العبرية سراح 240 معتقلا فلسطينيا من سجونها. قتيلان في لبنان وقتل 82 جنديا إسرائيليا في غزة منذ بدء الحرب، بحسب الجيش. ويتواصل التصعيد على خلفية الحرب في قطاع غزة، على الحدود الإسرائيلية اللبنانية مع قصف متبادل يوميا بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله. وقتل شخصان الثلاثاء أحدهما جندي في الجيش اللبناني في ضربات إسرائيلية في جنوب لبنان، على ما أفاد الجيش اللبناني في بيان والوكالة الوطنية للاعلام الرسمية. وأكد الجيش الإسرائيلي أنه قصف منشأة لحزب الله. وقال عبر منصة "إكس"، "الجيش اللبناني لم يكن هدف الضربة"، معربا عن "اسفه للحادث". في شمال الضفة الغربية المحتلة التي تشهد أيضا تصعيدا كبيرا في أعمال العنف منذ بدء الحرب، قتل فلسطينيان، أحدهما في السادسة عشرة والآخر في الثامنة عشرة من العمر وأصيب ثلاثة آخرون بجروح فجر الأربعاء في مخيم الفارعة للاجئين بنيران الجيش الإسرائيلي، على ما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا". ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، قتل ما لا يقل عن 257 فلسطينيا في الضفة الغربية بنيران الجيش أو مستوطنين إسرائيليين، بحسب السلطة الفلسطينية. على الصعيد الدبلوماسي، أجرى وزيرا خارجية الصين والولايات المتحدة وانغ يي وأنتوني بلينكن مباحثات هاتفية الأربعاء تناولت الحرب في غزة واتفقا على ضرورة خفض التصعيد، بحسب سلطات البلدين.
مشاركة :