إن لمشروع تكوين للكتابة الإبداعية أن يقطف ثماره على أرض الواقع، إذ دشن في العاشر من الشهر الجاري، منصته ومكتبته، تحت عنوان ولادة مكتبة، بحضور الشاعر البحريني قاسم حداد، ضيف شرف، إلى جانب عدد من الأدباء والمهتمين في دولة الكويت، ليبدأ الحفل بكلمة لمؤسسة المشروع، الروائية بثينة العيسى، أكدت فيها على أهمية المكتبة، التي تمثل مكان فوق واقعي يتجاوز حضوره المادي بمراحل. من جانبه، قال الشاعر قاسم حداد في كلمته التي خصها عن مشروع تكوين الذي بدأ كمشروع افتراضي ومن ثم ولد على أرض الواقع كمكتبة ومنصة تهتم بصناعة الأدب: لقدر رأيت في تجربة (تكوين) أسئلة تطرق الجوهري، بشتى تجلياته، في تجربة الكتابة. الكتابة بوصفها وعي مسؤولية الجمال في النص، والسعي بإخلاص لصقل الموهبة بالمعرفة، وفي ذلك اختيار حاسم للطريق الملكية، غير الهينة، في حقل الصنيع الأدبي. واختتم الحفل بمقاصد ألقاها الشاعر قاسم حداد، بمرافقة عزف على عود الفنان أحمد الراشد. وفي أولى فعالياته بعد حفل التدشين، نظمت منصة تكوين للكتابة الإبداعية ورشة الشعر التي حاضر فيها الشاعر قاسم حداد وذلك يومي الجمعة والسبت الموافقين (11، 12 مارس). حيث بدأت الورشة بتمهيد من الشاعر عن قضية يراها أساسية في تكوين الشعر، وهي القلق أو الهاجس الذي يستحوذ على كل كاتب حينما يرغب في التعبير عن إحساسه أو رؤيته. ورأى حداد بأن اللغة تمثل الهاجس الأكبر له انطلاقا من كونها أداة لترجمة المعنى وفنا يتطلب إلماماً كافياً بجوانبه المختلفة. ليتوسع بعدها في إشكالية اللغة وعلاقتها بالشعر، مؤكداً أنها كائن حي، وحياة تختزل فيها جميع المعاني، وأوضح بأن اللغة هي أداة الكاتب المناسبة لإتقان صنعته، وهي تمتلك مفاتيح المخيلة والصور الشعرية، وأضاف بأن علاقة الشاعر مع اللغة ينبغي أن تكون علاقة عشق تفتح آفاقا جديدة للشعر. وتحدث حداد أيضا عن الموسيقى والإيقاع في الشعر العربي، موضحاً: الموسيقى في الشعر العربي لا تقتصر على الوزن، بل قد نجده في احتدام الجمل والمعاني وعلاقة الكلمات والحروف ببعضها البعض، واستطرد بالحديث عن أخطاء يقع فيها الكثير من الشعراء بحيث صار التمييز بين شعرهم والشعر المترجم أمراً بالغ الصعوبة. وشدد قاسم حداد على أهمية أن يترك الشاعر نفسه لعاطفته، وألا يفكر في الصورة الشعرية تفكيراً عقلياً، فالشعر كما يصفه: عمل عاطفي عميق ومتدفق ولا ينطلق بالضرورة من العقل والمنطق، وأن شرط الكتابة الأول هو العفوية الشبيهة بكلام الرجل الأول ومحاولته للتواصل مع العالم. وأكد حداد على أهمية دور القارئ في الشعر، وأن القارئ الإيجابي هو من يحول النص إلى خلق جديد، وحذر من تحول القارئ إلى سلطة جديدة تقيد الكاتب وإبداعه.
مشاركة :