اتفقت الولايات المتحدة وروسيا في أعقاب محادثات في موسكو، أول من أمس، على أن تضغطا باتجاه إجراء مفاوضات مباشرة بين النظام السوري والمعارضة، وتسريع عملية الانتقال السياسي في سورية، في وقت استعادت القوات النظامية السورية، أمس، قلعة تدمر الأثرية بعد نحو عام تقريباً من سيطرة تنظيم داعش على المدينة الواقعة في ريف حمص وسط البلاد. وأعلنت الولايات المتحدة وروسيا، إثر مباحثات استمرت أكثر من أربع ساعات في الكرملين، بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف من جهة، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، على أن تضغطا باتجاه إجراء مفاوضات مباشرة بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة، وتسريع عملية الانتقال السياسي في سورية. وحاول الطرفان خلال المباحثات، اغتنام الهدنة السارية منذ شهر في سورية للتوصل إلى حل سلمي ينهي الحرب الدائرة منذ اكثر من خمسة أعوام. وفي أعقاب المحادثات المطولة، قال لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع كيري، إنه في ما يتعلق بالمسائل الملحة، لقد اتفقنا على أن نضغط من أجل أن تبدأ في أسرع وقت ممكن مفاوضات مباشرة بين الوفد الحكومي وكل أطياف المعارضة، بعدما شهدت جنيف جولة مفاوضات غير مباشرة جديدة بين الطرفين لم تكن مثمرة. من جهته قال كيري، إنه اتفق مع بوتين ولافروف على وجوب إعداد مشروع دستور جديد في سورية بحلول شهر أغسطس المقبل. وأضاف لقد اتفقنا على وجوب أن يكون هناك جدول زمني ومشروع دستور بحلول أغسطس. وفي حين لم يوضح الوزير الأميركي ما اذا كان تطرق في مباحثاته مع بوتين إلى مصير الأسد، المسألة التي تشكل نقطة الخلاف الرئيسة بين موسكو وواشنطن، أكد أن الطرفين اتفقا على أنه يتعين على الرئيس السوري أن يفعل ما يلزم، وأن ينخرط في عملية السلام. على الصعيد الميداني، أكد التلفزيون السوري نقلاً عن مصدر عسكري، أن القوات السورية استعادت قلعة تدمر الأثرية من تنظيم داعش. ونقل التلفزيون عن المصدر قوله، إن قواتنا المسلحة بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية تبسط سيطرتها على قلعة تدمر الأثرية بعد تكبيد إرهابيي تنظيم داعش خسائر كبيرة. وسيطر التنظيم على قلعة تدمر في 23 مايو العام الماضي، ورفع رايته السوداء عليها، ثم دمّر العديد من معالمها الأثرية وبينها قوس النصر الشهير، ومعبدا بعل شمين وبعل المدرجة ضمن مواقع التراث العالمي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو). وتعود القلعة إلى القرن الـ13، وهي من أبرز معالم العمارة الإسلامية في المدينة. وكان المدير العام للآثار والمتاحف مأمون عبدالكريم، أكد في وقت سابق، أنه بعد أكثر من أسبوعين على بدء معركة استعادة تدمر بدعم جوي روسي، أصبحت القوات السورية على بعد 600 متر من المنطقة الأثرية لمدينة تدمر من الجهة الجنوبية الغربية. وقال إن الجيش يتقدم ببطء بسبب الألغام، وللحفاظ على المدينة من الدمار، كما طلبنا منهم. وفي محاولة لمنع تقدم القوات النظامية، عمد تنظيم داعش إلى زرع الألغام في المدينة وأحيائها. وأوضح عبدالكريم أن الجيش حرّر حي الفنادق والمطاعم ومنطقة وادي القبور في جنوب غرب المدينة، واستعاد أيضاً من الجهة الغربية تلة سيرياتل المطلة على قلعة تدمر. وأشادت المديرة العامة لمنظمة اليونيسكو إيرينا بوكوفا، أول من أمس، بالهجوم الذي تشنّه القوات السورية لاستعادة تدمر، وقالت منذ عام، أصبح نهب تدمر رمز التطهير الثقافي الذي يضرب الشرق الأوسط. ودخلت القوات السورية، بعد ظهر أول من أمس، مدينة تدمر من الجهة الجنوبية الغربية، ومن شأن السيطرة على تدمر أن تفتح الطريق أمام القوات السورية لاستعادة منطقة بادية الشام من داعش وصولاً إلى الحدود السورية العراقية شرقاً. وفي هذه الحالة سيضطر التنظيم المتطرف إلى الانسحاب شرقاً إلى محافظة دير الزور أو إلى مناطق سيطرته في العراق. واستعادة تدمر سيعد أكبر نصر للأسد منذ تدخل روسيا في سبتمبر الماضي الذي حول دفة الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات لمصلحته. واستمرت الطائرات الروسية في تقديم الدعم للجيش السوري وحلفائه في هجومه على المدينة الصحراوية على الرغم من إعلان موسكو الأخير عن سحبها معظم قواتها العسكرية من سورية. وقالت وكالة إنترفاكسالروسية للأنباء إن ضابطاً من القوات الروسية الخاصة قتل في المعركة قرب تدمر الأسبوع الماضي، وهو ما ينم عن أن تدخل الكرملين في الصراع السوري أكبر مما يقر به. من جهته، بثت قناة المنار، التابعة لـحزب الله اللبناني، لقطات حيّة من مشارف تدمر، أمس، وعرضت لقطات للمدينة القديمة، ولم يتسن التأكد من اللقطات التي التقطت من بعد من حجم الضرر الذي حدث، لكن ظهرت من بعيد صفوف الأعمدة ومبانٍ أخرى.
مشاركة :