لليوم الثاني على التوالي، خطفت زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للبنان الأضواء، وأخرجت الواقع الداخلي من رتابة اليوميات السياسية والملفات المتشابكة، ناقلاً جاهزية المجتمع الدولي لمساعدة لبنان، وداعياً إلى ملء الشغور سريعاً، كي يتمكن لبنان من العمل بشكل كامل، وإلى توفير المساعدة للجيش والقوى الأمنية. واستناداً إلى المعطيات التي تجمعت نتيجة المحادثات التي أجراها كي مون أول من أمس، واستكملت أمس بمزيد من المحطات البارزة، اختصرت مصادر مراقبة أهداف الزيارة بشقين أساسيين، وإن يكن الواقع المتصل بالوضع على الحدود مع إسرائيل والمواجهة مع الإرهاب أيضاً أخذ حيزاً مهماً من المحادثات اللبنانية الأممية. الشق الأول مالي، واكتسب دلالات بدت مفاجئة لكثيرين، من خلال إغداق التحفيزات المالية على لبنان، على خلفية قضية الأعباء الثقيلة، التي يتحملها في إيوائه أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سوري إضافة إلى اللاجئين الفلسطينيين، الذين يعانون أزمة مع وكالة أونروا. والشق الثاني سياسي، يتصل بأزمة الفراغ الرئاسي، التي حضرت في محادثات الأمين العام للأمم المتحدة مع كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة تمام سلام. وكان بان عرض مع بري التطورات في لبنان والمنطقة، ومنها ترسيم الحدود البحرية ودور القوات الدولية في الجنوب، وتداعيات قضية اللاجئين السوريين في لبنان. كما أكد للرئيس سلام أن المجتمع الدولي متحد في دعم لبنان. كذلك، أكد وجوب إيجاد طرق لتحسين ظروف النازحين والمجتمعات التي تستضيفهم، وشدد على وجوب ملء الشغور الرئاسي ووقوف الأمم المتحدة إلى جانب لبنان، مجدداً دعوة مجلس الأمن لدعم الجيش اللبناني والقوات المسلحة اللبنانية. ولعل العامل الأكثر إثارة للاهتمام الذي برز في الاندفاع الأممي للحض على ملء الشغور الرئاسي تمثل في كلام بالغ الوضوح يتصل بتشجيع لبنان على الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، كونه حافزاً أساسياً لتلقي مساعدات بلغت الوعود بها مليارات عدة من الدولارات. وهي المرة الأولى تقريباً التي يجري التعبير عن موقف أممي مماثل. في السياق، اتخذ الجانب المتصل بأزمة الفراغ الرئاسي بعداً خاصاً من خلال الزيارة التي قام بها الأمين العام للأمم المتحدة لبكركي أمس، حيث التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وذلك إثر جولة قام بها على منطقة الشمال، حيث زار مدينة طرابلس وافتتح مركزاً تابعاً لوزارة الشؤون الاجتماعية في محلة القبة، ومن ثم زار مخيم نهر البارد، الذي أُعيد بناؤه بمبادرات دولية وتمويل عربي وأممي، واطلع على أوضاع النازحين السوريين في حي التنك- محلة الميناء. ومن طرابلس أعلن كي مون أن وجوده في لبنان هو لدعم شعوب المنطقة، ولتحسين حالتهم الاجتماعية، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة تعمل مع حكومة لبنان لدعم المجتمع. وفي جدول اليوم الثاني من الزيارة، كانت للزائر الأممي محطة في مطار رياق العسكري، في البقاع الأوسط. آليات دعم إلى ذلك، لم تقف محادثات الأمين العام للأمم المتحدة عند حدود الكلام، بل تعدت ذلك إلى خطوات عملية للدعم أعلنها مرافقاه، رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، ورئيس البنك الإسلامي للتنمية أحمد محمد علي. وتحدث رئيس البنك الدولي عن ثلاث آليات دعم للبنان، هي: قرار من البنك الدولي بتقديم مئة مليون دولار إلى لبنان من صندوق مخصص للدول الفقيرة تكرس إلى مشاريع التربية، البنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية في طور إنشاء صندوق بقيمة مليار دولار قد تتحول إلى 4 أو 5 مليارات دولار، من خلال استعمال الرافعات المالية المتوافرة لدى البنك الدولي، وضخ هذه المبالغ مباشرة في مشاريع بنى تحتية أساسية لدى البلديات، وعلى مدى سنوات. 100 بعد جولة على مخيمات النازحين السوريين العشوائية، ضمن بلدة بحنين- المنية في شمال لبنان، أمس، حيث تفقد كي مون والوفد المرافق تلك المخيمات، وزع جيم يونغ كيم بياناً أعلن فيه عن تقديم 100 مليون دولار لتمويل مساعدة لبنان على تحقيق هدفه في تحسين نوعية التعليم لكل الأطفال.
مشاركة :