بدأ الصمت الانتخابي الجمعة في مصر ويستمر يومين، ويسبق انطلاق عملية الاقتراع لانتخاب رئيس للجمهورية غدا الأحد. ويبدو الرئيس عبدالفتاح السيسي أمام طريق مفتوح لولاية ثالثة رغم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد. القاهرة - يستعد المصريون للإدلاء بأصواتهم بدءا من غد الأحد ولمدة ثلاثة أيام، في انتخابات رئاسية من المرجح أن يفوز فيها الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي ليبدأ ولايته الثالثة في الحكم وسط تحديات اقتصادية وسياسية. وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات أن الاقتراع سيجري “داخل 9367 مقرا انتخابيا ما بين المدارس ومراكز الشباب، بواقع 11631 لجنة فرعية”، وبإشراف 15 ألف قاض. وتفتح اللجان أبوابها لاستقبال الناخبين من الساعة التاسعة صباحا حتى التاسعة مساء بالتوقيت المحلي. والأسبوع الماضي انتهى تصويت المصريين المقيمين خارج البلاد. ومن المقرر أن تعلن نتيجة الانتخابات الرئاسية في 18 ديسمبر. المرشحون النتيجة المتوقعة للسباق الرئاسي والتي من المرجح أن تكون فوز السيسي قد تجعل هذه الانتخابات لا تتسم بالجدية يخوض ثلاثة مرشحين غير معروفين على نطاق واسع سباق الرئاسة في مواجهة السيسي الذي تقدّم بأوراق ترشحه في أكتوبر الماضي بعد أن حصل على 424 تزكية من نواب البرلمان البالغ عددهم 596 عضواً وأكثر من 1.1 مليون توكيل (من الشعب). والمرشحون الآخرون هم رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي (وسط) فريد زهران ورئيس حزب الوفد (ليبرالي) عبدالسند يمامة ورئيس حزب الشعب الجمهوري (ليبرالي) حازم عمر. وقدّموا أوراق ترشّحهم مدعومين بعدد التزكيات البرلمانية اللازمة، وقد جمع عمر أكثر من 60 ألف توكيل. وكان المعارض المصري والبرلماني السابق أحمد الطنطاوي اعتزم خوض الانتخابات الرئاسية قبل أن يعلن في 13 أكتوبر عدم استيفائه شروط الترشح بجمع العدد المطلوب من توكيلات المواطنين حتى يحقّ له الترشح. ومنذ أن أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات فتح باب الترشح في الرابع من أكتوبر الجاري جمع الطنطاوي البالغ 44 عاما أكثر من 14 ألف توكيل بما لا يؤهله لخوض الانتخابات الرئاسية، اذ يتطلب ذلك جمع 25 ألف توكيل بالحدّ الأدنى من مواطنين في 15 محافظة من محافظات البلاد الـ27، أو يحصل على 20 تزكية على الأقلّ من برلمانيين. واتهمت حملة الطنطاوي السلطات بتعمّد عدم تسجيل توكيلات المواطنين بحجج مختلفة، من بينها عطل في أجهزة الكمبيوتر تارة وعدم توافر الوقت اللازم لدى الموظفين تارة أخرى. بين الاقتصاد والسياسة مصر التي يعيش ثلث سكانها تحت خطّ الفقر تشهد واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها ستجري الانتخابات في وقت تسعى فيه مصر إلى إرساء هدنة جديدة أو وقف لإطلاق النار في قطاع غزة المجاور للحدود المصرية، حيث تواصل إسرائيل قصفها بلا هوادة منذ نحو شهرين بعد أن شنّت حركة حماس هجوما غير مسبوق على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر الماضي. ونشرت المؤسسة البحثية المستقلة “مبادرة الإصلاح العربي” على موقعها الرسمي أنه “ربما يكون اندلاع الحرب في فلسطين قد منح السيسي بعض الوقت للتنفّس على الجبهة المالية، حيث يشعر المانحون الدوليون بالقلق المتزايد بشأن الاستقرار الإقليمي، وتسعى الحكومات الغربية إلى تعاون مصر في أزمة غزة”. وأعلن صندوق النقد الدولي مساء الخميس أن مصر تأثرت بتداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مؤكدا حاجة القاهرة إلى المزيد من التمويلات الإضافية. وذكرت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي جولي كوزاك أن الصندوق يجري منذ عدة أسابيع محادثات مع مصر، تمهيدا لحصولها على تمويل إضافي “يخفف عنها تداعيات الحرب الدائرة في قطاع غزة”. وتعرضت مصر لتراجع في السياحة الوافدة بأكثر من 10 في المئة منذ اندلاع الحرب على غزة، وفق تصريحات صدرت الشهر الماضي عن وزارة السياحة المصرية. مصر عانت مؤخرا من تذبذب أكبر في وفرة النقد الأجنبي، مقارنة مع فترة ما قبل الحرب وتنفذ مصر مع صندوق النقد الدولي منذ ديسمبر 2022 برنامج إصلاح اقتصادي، رافقه قرض مالي بقيمة 3 مليارات دولار، يصرف على شرائح لمدة 46 شهراً. وأكدت كوزاك أن “زيادة التمويل سيكون أمراً أساسياً لمصر؛ إذ تواجه البلاد صعوبات اقتصادية جراء تداعيات الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، بما في ذلك التأثير المحتمل على عائدات السياحة”. ولم تشر المسؤولة بصندوق النقد إلى قيمة التمويل الإضافي لمصر، لكنها أفادت بأن المحادثات مع السلطات ستستمر أسابيع أخرى. وعانت مصر مؤخرا من تذبذب أكبر في وفرة النقد الأجنبي، مقارنة مع فترة ما قبل الحرب، الأمر الذي دفع إلى انتعاش السوق السوداء للعملة، وصعود الدولار هناك قرب 50 جنيها من 40 جنيها، بينما يبلغ 31 جنيها في السوق الرسمية. صندوق النقد الدولي يجري منذ عدة أسابيع محادثات مع مصر، تمهيدا لحصولها على تمويل إضافي "يخفف عنها تداعيات الحرب الدائرة في قطاع غزة" وتعد عائدات السياحة أحد أهم ثلاثة مصادر للنقد الأجنبي في مصر، إلى جانب تحويلات الأجانب وعائدات الصادرات السلعية والخدمية إلى الخارج، بحسب البنك المركزي المصري. وتشهد مصر التي يبلغ عدد سكانها 105 ملايين نسمة، يعيش ثلثهم تحت خطّ الفقر، واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها بعدما سجل معدل التضخم مستوى قياسيا مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في بلد يستورد غالبية حاجاته الغذائية، فضلا عن تزايد حجم الدين الخارجي. وقال المرشح الرئاسي حازم عمر خلال مناظرة افتراضية جمعت بينه وبين يمامة وزهران وعضو في حملة السيسي على فضائية “سي بي سي” المصرية الثلاثاء إن “أول قراراتي سيكون تخفيض أسعار الغذاء والدواء والسيطرة على التضخم بالتنازل عن ضريبة القيمة المضافة على قوائم السلع الأساسية، والتنازل عن الرسوم الجمركية للمواد الفعالة في صناعة الدواء”. ومن جهته أشار زهران إلى “ضرورة إصلاح سياسي يتزامن مع الإصلاح الاقتصادي ويبدأ بالإفراج عن كل المحبوسين في قضايا الرأي، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات كلها”. وتواجه مصر اتهامات عديدة من منظمات حقوقية محلية ودولية باستهداف معارضين وناشطين في مجال حقوق الإنسان منذ إطاحة الجيش الرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي في 2013 وبتنفيذ حملة قمع واسعة شملت إسلاميين وليبراليين. وأشار المرشح الرئاسي يمامة إلى أن “إصلاح منظومة التعليم والإصلاح التشريعي على رأس أولوياتنا”. ممارسة الحق الدستوري حتمية فوز السيسي لا علاقة لها بالشعبية ولا تمت بصلة للأداء الاقتصادي حتمية فوز السيسي لا علاقة لها بالشعبية ولا تمت بصلة للأداء الاقتصادي يرى محللون أن النتيجة المتوقعة للسباق الرئاسي والتي من المرجح أن تكون فوز السيسي قد تجعل هذه الانتخابات لا تتسم بالجدية، خصوصا في ظل إغراق شوارع العاصمة والمحافظات بلافتات تأييد الرئيس الحالي، فيما يحظر ظهور لافتات المنافسين. ورأت مبادرة الإصلاح العربي أن “حتمية فوز السيسي لا علاقة لها بالشعبية ولا تمت بصلة للأداء الاقتصادي المتميز. سيفوز السيسي ببساطة لأنه أحكم قبضته على مؤسسات الدولة التنفيذية والأجهزة الأمنية التي يخشاها القاصي قبل الداني”. ومن جهته يقول عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان عزت إبراهيم لوكالة فرانس برس “كل ما يتردد عن أنها انتخابات محسومة بشكل مسبق لا يهدف إلا إلى منع المصريين من ممارسة حقهم الدستوري وتقديم صورة سلبية عن الدولة المصرية في هذه المرحلة”. ولم تعلن الهيئة الوطنية للانتخابات عن العدد الجملي لمن له حق التصويت في البلد العربي الأكبر ديموغرافيا، ولكن من المتوقع ألا يختلف كثيرا عن العدد المعلن في الانتخابات الماضية في عام 2018، حين ناهز إجمالي عدد الناخبين 60 مليونا. وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية السابقة قبل أربعة أعوام 41.5 في المئة، مسجلة انخفاضا مقارنة بنسبة مشاركة الناخبين في انتخابات عام 2014 التي بلغت 47 في المئة.
مشاركة :