مقولات الفلاسفة!

  • 12/11/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لقد ترك الفلاسفة إرثا كبيرا من المقولات التأسيسية الفلسفية يمكن أن تخلق منها مجلدات من الصفحات التي تشرحها وتعيد فهمها وتتنبأ بمقاصد أصحابها وكل تلك التكهنات والحفر والتنقيب لا ينتهي، وينظر البعض لهذا الإرث من هذه الكلمات والمقولات كما لو كانت تحفا فنية تسرق قلبك، بل يتساءل البعض كيف يمكن لهذه الكلمات أن تكون خرجت من بشر!؟، إنهم ينحتون المصطلحات نحتا، ويحفرون الحكم حفرا، ويتركون أثرهم كما يتركه الناقش على الحديد زخرفة جميلة! إن النص المفتوح الذي تحويه هذه الكلمات والمقولات يجعل منها نبعا حكيما لا ينتهي، وكيف تنتهي وبعض النصوص والمقتبسات يزيد عمرها عن عشرات الآلاف من السنوات ولا يزال يتداولها كثير من الناس كما لو كانت مولودا اليوم بين أيديهم، بل لا يبالغ أحدهم لو قال عنها إنها تولد كل يوم مع ما تحمله هذه النصوص من معان عظيمة ونصوص كبيرة تجعل منها عنوانا كبيرا جدا للحياة لا يشبهها أحد، أقول هذا الكلام لأعبر عما تحمله هذه النصوص من سمات لا تتكرر في حديث الناس العادي كل يوم. واحدة من تلك السمات نظرة واسعة ذات أفق جديد، فالإنسان صديق التقليدية والثبات وعدو الإبداع والتغيير، وما مقولات الفلاسفة والمبدعين إلا نافذة كبيرة جدا على الإبداع واستشرافا كبيرا للمستقبل، ألم يضطهد العالم الفيلسوف سبينوزا وتلقاه من بعد وكأنه سبق عصره؟! بعبارة أخرى - مقولات الفلاسفة - دعوة إلى فتح عينيك على الآخر نحو أفق آخر، ويمكن القول أيضا، إنها كمن يفتح نافذة في جدار مصمت فيجد خلف هذا الجدار تفاصيل جديدة ونورا جديدا، بل نهرا وبحرا وشاطئا، صورة لحياة لم يرها الناس، ويسائل الإنسان نفسه من جديد كيف لم يرها من قبل، من غطى على عينيه بغشاوة طوال تلك الفترة، وبعد هذه الفترة كيف أمكنه أن يرى جمالا لم يره من قبل! أيضا، بل تحمل هذه المقولات صفة أخرى لا تقل دهشة وإبداعا، إنها هزيمة أمام عقل إنسان كبير، ألا يشحذ هذا همتك أيها الرجل الصغير أن تجعل من عقلك هذا يجالس الكبار في تاريخهم وتجاربهم التي لا تنتهي من خلال كتبهم ومقولاتهم؟! ألم نجعل من مقولات الفلاسفة سحابة يتطاولها الناس كل يوم من أجل أن يرتقوا بأنفسهم نحو فهم هؤلاء الفلاسفة وكأنهم النور الذي يسعى إليه الناس؟! إن مقولات الفلاسفة تتسم ببعض الصفات الخاصة، منها أن تحمل انفتاحا على العلم وليس إغلاقا له، وتحمل أيضا تنبؤا خطيرا لبعض مستقبل البشرية، لم يكن تنبأ ساذجا كما يصدر أصحاب الأبراج والحظ إلا أنه مستقبل تأملي مفتوح لهذا العلم لم يكن أحد يتخيل أن تكون مقولة لأحدهم قبل ألفي سنة تعكس واقع العالم الآن. إن حديث الفلاسفة عن أشياء لم تكن محسومة كالأخلاق واهتمام الفرد بنفسه واكتشاف كيف يفكر الإنسان ليس سوى من أفكار الفلاسفة العظماء التي أتاحت للعلماء من بعدهم أن يجعلوا من كلماتهم طريقا للمعامل والتفكير بطريقة مختلفة عن الذي هم من قبلهم من الناس! بقي أن نقول إن حث الناس على التأمل في كلام الفلاسفة والحكماء يعطيهم الحكمة، ويمنحهم فرصة التأمل في الناس والحياة من حولهم وهذا لصالحهم من أجل تحسين حياتهم والناس من حولهم. Halemalbaarrak@

مشاركة :