للمرأة السعوديَّة حكاية أو «رواية» طويلة، مليئة بالأحداث الدراميَّة في كثير من تفاصيلها الدَّقيقة، تفرَّقت بين الكتب والصحف والبرامج التلفزيونيَّة، وأصبحت مادةً دسمةً لمنصَّات التَّواصل الإعلاميِّ، كما يتفرَّق دمُ القتيل بين القبائل، حتَّى يسَّر اللهُ لتلك الحكاية أو الرِّواية مَن يجمع تفاصيلها بين دفَّتي كتاب، منذُ توحيد المملكة العربيَّة السعوديَّة، على يد الملك عبدالعزيز -طيَّب اللهُ ثراه- حتَّى عهد الملك سلمان، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، ورؤية 2030 التي منحت المرأة كلَّ ما حُرِّم عليها، ومُنِعَ عنها لفهمٍ مغلوطٍ لقائمةٍ طويلةٍ من القواعد الفقهيَّة التي استُخدِمَت في كلِّ ما يخصُّ المرأة.الدكتورة عزيزة المانع الملهمة لكثيرٍ من النِّساء والفتيات بمقالاتها في صحيفة عكاظ، خلال الفترة من «1994- 2018»، ومحاضراتها ولقاءاتها الثقافيَّة في المحافل والملتقيات الثقافيَّة، واهتمامها المبكِّر بقضايا المرأة والمجتمع، صدر لها كتابٌ بعنوان: «الدَّولةُ الحديثةُ وتحدِّيات تنميةِ المرأةِ في المملكةِ العربيَّةِ السعوديَّةِ»، في أغسطس 2023 عن دار مدارك للنَّشر.الكتابُ، يستعرضُ تحدِّيات تنمية المرأة، ضمن التحدِّيات العديدة التي واجهت الدَّولة خلال رحلة التَّنمية والتَّحديث منذُ توطين البادية، وبناء الهجر، وتأسيس تعليم الذُّكور والتوسُّع فيه، والبعثات العلميَّة وتأثيرها على فكر المبتعثين، ثمَّ بداية تعليم المرأة، والمواجهة الشديدة في البداية، وتمكُّن الدَّولة من فرضه بالحكمة والتوسُّع فيه.عمل المرأة، والتحدِّيات التي حصرته في التَّعليم فقط، حتَّى فاضت المدارس، واضطرت الخرِّيجات لقبول وظائف في القُرى البعيدة برضاء ذويهم، والرَّهق الذي عانته المرأةُ في سبيل الحصول على وظيفة، حتَّى أغرقت دماؤهنَّ الطرقاتِ، بدأ التَّفكير في فتح مجالات عمل أُخْرَى للمرأة.كلُّ خطوة باتجاه تنمية المرأة كانت هناك تحديات، تسردها المانع بسلاسة وتدفق، وكأنك تقرأ رواية لا تستطيع التوقف عن قراءتها، التدفق حتى في نمط الكتابة، الخالي من الفقرات الكثيرة، والوقفات القصيرة، حتى بدايات الفصول تجبرك على إعادة القراءة للجملة المنطقية التي تشرح لك في إيجاز وبلاغة ما أنت مقبل على قراءته أو اكتشافه، أو التمتع بقراءته، الكتابُ يضمُّ سبعة فصول وخاتمة، الفصلُ الأوَّل: تحدِّيات تعليم المرأة «لكَ إبطاءُ المُدِل المُنعمِ».الثَّاني: تحدِّيات عمل المرأة «النَّاس أعداء ما جهلُوا».الثَّالثُ: التحدِّيات الاجتماعيَّة «السباحة وسط الألغام».الرَّابعُ: تحدِّيات الخطاب الثقافيِّ «هل حقًّا، هُنَّ الشَّقائق؟!».الخامسُ: تحدِّيات التحيُّز الجنسويِّ في المصادر الثقافيَّة «أوَّل الغيث، كفُّ الأذى». في هذا الفصل أفردت الحديث لمناقشة أشكال التَّمييز الجنسويِّ الموجود في مصدرين رئيسين للثَّقافة: أحدهما الكُتب، مثل كُتب الأدب والتاريخ والفقه، وقصص الأطفال وغيرها. والآخر الإعلام، مثل برامج التلفزيون، والأفلام، والإعلانات وغيرها. وذلك للكشف عمَّا اجترحته تلك المصادر من جناية في حقِّ المرأة، وما ترتَّب على ذلك من تبعات حُمِّلت المرأةُ وزرها عبر التَّاريخ وإلى يومنا هذا». ص 117.الفصلُ السادسُ: تحدِّيات الاستبعاد الاجتماعيِّ للمرأة «ذَلِكَ الخُسْرَانُ المُبِين».السابع: تحدِّيات تنمية المرأة في رؤية 2030 «جادَكَ الغيثُ إذا الغيثُ هَمَى!». عباراتٌ دالَّة، أو كما يُطلِق عليها النقَّادُ: عتبات النَّصِّ، بالإضافة إلى القصص الواقعيَّة التي حدثت خلال مرحلة تحديث الدَّولة، وتوجُّهها لتنمية المرأة، سواء خلال مراحل تعليمها المختلفة، والمواجهات مع المعترضين على كلِّ ما يخصُّ المرأة.تقول في المقدِّمة: «تولَّدت فكرةُ هذا الكتابِ، عن دافعَينِ أساسيَنِ: أحدهما أنَّ ما تحقَّق للمرأة في المملكة العربيَّة السعوديَّة، منذُ توحيدها، وانطلاق الدَّولة الحديثة إلى اليوم، من تنمية سريعة وواسعة في ميادين مختلفة، يُعدُّ نموذجًا مميَّزًا من نماذج التَّنمية البشريَّة التي تحدثُ في المجتمعات على اختلافها، فأنْ تنتقل المرأة خلال بضعة عقود فقط، من حال ضعف وجهل وعزلة وتبعيَّة تامَّة للرَّجل، إلى ما هي عليه اليوم من قوَّة معنويَّة، وتمكين علميٍّ ومهاريٍّ واقتصاديٍّ ملحوظ، ينعكس أثره بوضوح على نموِّ الاقتصاد القومي». ص 11.وأخيرًا، تمنَّيتُ لو أنَّي أملكُ مساحةً أكبر لأمنحَ القارئ المزيدَ من النماذج، ولكن لا مزيدَ يغني عن قراءة الكتاب من الجلدة للجلدة كما يقولُون!.
مشاركة :