استعرضنا في أسابيع سابقة نماذج لعصاميين ابتدأوا بوظائف متواضعة، بل كان البعض منهم بالكاد يوفر قوت يومه، لكنهم بعزيمة وإصرار اقتحموا عالم العقار، واستثمروا فيه بشكل متدرج، حتى باتوا من القامات العقارية المعروفة على مستوى العالم، مسطرين بذلك قصص نجاح يشار اليها بالبنان. قصتنا اليوم حول ميكانيكي سيارات متواضع عاش في بيئة فقيرة، كان يكافح من اجل ان يغطي نفقاته الأساسية. هو «رون ليجراند»، أحد أبرز الخبراء العقاريين في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي يعتبر الأب الروحي للاستثمار العقاري، ومرجعا للمستثمرين والخبراء العقاريين، ألف العديد من الكتب حول الاستثمار العقاري مستلهما فيها خبراته الطويلة. واستفاد أكثر من 20 ألف شخص من ورش العمل والدورات التي كان ينظمها. تسرد «منصة ابدأ العقارية» قصة هذا الميكانيكي (المليونير)، موضحة انه بقي سنوات يعمل ميكانيكياً للسيارات في ولاية فلوريدا، وكان يعاني من صعوبة توفير المال الكافي لاحتياجاته واحتياجات أسرته. وهذا ما خلق عنده نوعا من الإحباط من عمله الذي لا يحقق له أدنى طموحاته. وكانت اللحظة التي غيرت حياته تماما في عام 1982 حينما شاهد وبالصدفة إعلانا في إحدى الصحف لمحاضرة عامة بعنوان (كيف تشتري العقارات من دون أموال أو اقتراض). فكر ليجراند مليا، ثم قرر الذهاب الى تلك المحاضرة وفي ذهنه تدور فكرة أن يدخل مجل العقار. كانت المحاضرة أشبه بالطعم، حيث قدمت معلومات عامة مشوقة ولكن من دون تفاصيل. وكان على من يريد ان يطلع على المزيد من اسرار هذا القطاع ان ينتقل الى المرحلة الثانية، وهو الجزء المدفوع من المحاضرة، والذي كان يكلف 450 دولارا. وبالطبع لم يكن صاحبنا يمتلك هذا المبلغ، لكنه لم ييأس، فقام باقتراض المبلغ من بعض أصدقائه. وكانت مخاطرة بالنسبة له، فإما أن يواصل في هذا المجال وإما ان يتكبد دينا يسدده مستقبلا. كان وضعه المالي الصعب حافزا على تغيير مهنته، ومما سمعه عن القطاع العقاري خلق عنده حافزا كبيرا للدخول في هذا المجال. وبالفعل كانت نقطة التحول في حياته بالكامل، بل وحياة الكثيرين ممن استفادوا من تجربته لاحقا. حضر ليجراند المحاضرة، واستلهم الكثير من الأفكار. لم تكن البداية سهلة، بل تعثر في الكثير من الصفقات، ولكن شخصيته المتحمسة دفعته إلى المواصلة. بدأ رون في السنوات الأولى من عمله في العقارات بالمنازل المتواضعة أو تلك التي تعاني من مشاكل مختلفة، وركز على تحصيل الإيجارات، وكان عليه أن يتعامل مع مختلف أنواع المستأجرين الصعاب الذين يستنزفون وقتا وجهدا لإقناعهم بدفع الإيجارات. وخلال خمس سنوات حقق أرباحا متواضعة، لكنها أفضل بكثير مما كان يجنيه من عمله كميكانيكي، ثم انطلق لإجراء صفقات أكبر، وخلال عامين اتم أكثر من 400 صفقة، ثم تطورت استثماراته تدريجيا، وتنامت ممتلكاته بتنامي خبراته. وبحلول عام 2000 كان قد اشترى وباع أكثر من 1600 منزل، واتم صفقات عقارية بأكثر من 300 مليون دولار. وأشرف على مشاريع تطوير عقاري بقيمة 2 مليار دولار. ولم ينس بداياته التي اعتمدت على المحاضرات، لذلك ابتدأ بتقديم دورات تدريبية خاصة ينقل بها خبراته الطويلة في القطاع العقاري. واليوم تقدر ثروته بحوالي 500 مليون دولار. وعلى الرغم من تراجع ثروته خلال ازمة الرهن العقاري، فإنه استطاع ان يتجاوز ذلك ويستعيد قوته، ولم ينس لحظة عندما كان يعمل منذ الساعة التاسعة صباحا وحتى الخامسة مساء في تصليح السيارات.
مشاركة :