ابوظبي - تدعو مسودة الاتفاقية الجديدة لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ المنعقد في دبي الدول إلى "التحول بعيدًا عن استخدام جميع أنواع الوقود الأحفوري لتمكين العالم من تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050"، وفقًا لأحدث حلّ وسط ستسعى الإمارات لأن يتمّ إقراره بالتوافق الأربعاء. والنصّ الذي يطمح لأن يصبح أول قرار يصدر عن مؤتمر الأطراف يتطرق لمصير جميع أنواع الوقود الأحفوري بما يشمل النفط والغاز والفحم لا يُدرج عبارة "الاستغناء" عن هذا الوقود التي طالبت بها الدول الأكثر طموحاً ورفضتها الدول المنتجة للنفط وعلى رأسها السعودية. كذلك، فإنّ المسوّدة تدعو إلى تسريع التحوّل في الطاقة اعتباراً من العقد الحالي "الحاسم". وفي البند الذي كان أحد محاور المفاوضات، يقترح النصّ قيد المناقشة الاعتراف "بالحاجة إلى خفض قوي وسريع ومستدام في انبعاثات غازات الدفيئة، بما يتماشى مع مسارات الحدّ من الاحترار عند 1.5 درجة مئوية، ويدعو الأطراف إلى المساهمة في الجهود العالمية التالية"، مدرجًا قائمة تتضمن 8 أنواع من الإجراءات. أما المسار الذي ينبغي أن يستحوذ على اهتمام المتفاوضين فينصّ على "التحوّل من استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، من خلال تسريع العمل في هذا العقد الحاسم من أجل تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050 تماشيًا مع ما يوصي به العلم". ومن بين الفقرات الأخرى المهمّة تتضمن إحداها هدف مضاعفة الطاقة المتجدّدة ثلاث مرات بحلول عام 2030، وتطوير الطاقة النووية والهيدروجين "المنخفض الكربون" وتكنولوجيا احتجاز الكربون التي ما زالت غير ناضجة ولكن تحبّذها البلدان المنتجة للنفط. وقد امتدت المفاوضات الى الأربعاء مع سعي ما يقرب من 200 دولة إلى تجاوز انقسامات حول مستقبل استخدام الوقود الأحفوري. ودعت وزيرة البيئة البرازيلية مارينا سيلفا الأربعاء في المؤتمر الدول المتقدمة إلى أن تأخذ زمام المبادرة في تحول الطاقة وتوفر "الوسائل اللازمة" للدول النامية. وقالت الوزيرة سيلفا "لا بد أن تأخذ البلدان المتقدمة زمام المبادرة في التحول التدريجي نحو التخلي عن الأحفوري ... وضمان توفير الوسائل اللازمة للبلدان النامية"، بعد إقرار مؤتمر دبي اتفاقًا تاريخيًا يدعو إلى "التحول" نحو التخلي تدريجا عن الفحم والنفط والغاز. وما سيخرج عن المؤتمر بشأن هذه القضية، الأكثر إثارة للجدل خلال المؤتمر المنعقد منذ أسبوعين، سيبعث برسالة قوية إلى المستثمرين والأسواق العالمية حول اتجاه حكومات العالم نحو إنهاء استخدام النفط والغاز والفحم أو الإبقاء عليه. وانتقدت دول كثيرة مسودة الاتفاق التي صدرت الاثنين لعدم تضمينها دعوة إلى "التخلص التدريجي" من الوقود الأحفوري الذي يقول العلماء إنه أكبر مصدر لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وضغطت أكثر من 100 دولة، من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى دول جزرية صغيرة مثل ساموا، من أجل استخدام صياغة تتعلق بالتخلص التدريجي من هذا الوقود لكنها واجهت مقاومة من أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها. وامتدت اجتماعات الوفود وسط جهود دبلوماسية مكوكية من مساء الثلاثاء حتى الساعات الأولى من صباح الأربعاء بتوقيت الإمارات المضيفة لمؤتمر كوب28 والمسؤولة عن كتابة مسودة جديدة للاتفاق النهائي توضح مطالب جميع الأطراف المشاركة. وخرج المبعوث الأميركي الخاص للمناخ جون كيري من اجتماع مع ممثلين من عدة وفود أخرى في وقت ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، وقال إنه يعتقد أن الاتجاه ماض بقوة نحو تضمين صياغة تتعلق بالوقود الأحفوري في نص اتفاق كوب 28. وقال للصحفيين "أعتقد بوجود تقدم وتحرك في الاتجاه الصحيح... تعلمون أننا سنواصل العمل طوال الليل". وقال تويولسولوسولو سيدريك شوستر وزير البيئة في ساموا "هناك تحسينات في بعض المجالات مقارنة بالصياغة في (مسودة) الأمس"، لكنه أحجم عن تقديم تفاصيل. وكانت دول مؤلفة من جزر صغيرة، والتي تشعر بالفعل بوطأة ارتفاع مستوى سطح البحر بسبب المناخ، قد وصفت مسودة الاتفاق أمس الاثنين بأنها حكم بالإعدام. وكان من المقرر أن يختتم كوب28 صباح الثلاثاء لكن الخلافات حول نص مسودة الاتفاق النهائي أدت إلى مد أجل المؤتمر لوقت إضافي، وهو نمط عادة ما تكرر في مؤتمرات كوب السابقة. وقال ماجد السويدي مدير عام كوب28 إن المسودة التي صدرت الاثنين بعد أسبوعين من المناقشات كانت تهدف إلى جذب الأطراف للتفاعل و"تحفيز المحادثات" في مسعى للتوصل إلى اتفاق نهائي بحلول نهاية القمة. وقال للصحفيين "عندما أصدرنا المسودة الأولى من النص، تفاعلت الأطراف المعنية بسرعة وبدأت في الإتيان بهذه الخطوط الحمراء". وقال السويدي إن رئاسة كوب28 التي تتولاها الإمارات العربية المتحدة تهدف إلى التوصل إلى نتائج "تاريخية" متضمنة الوقود الأحفوري ولكن هذا الأمر راجع إلى البلدان المشاركة. وقال السويدي "في مؤتمر كوب هذا، نحاول أن نفعل شيئا لم يحدث من قبل، شيئا تاريخيا... جزء من هذا هو إدراج الوقود الأحفوري في النص. وإذا استطعنا، فسيكون ذلك تاريخيا". وقالت مصادر مطلعة على المناقشات إن رئيس قمة كوب28 الإماراتي سلطان الجابر واجه ضغوطا من السعودية، المتزعمة فعليا مجموعة دول أوبك، لإسقاط أي ذكر للوقود الأحفوري من النص وهو ما لم يفعله الجابر. وفي رسالة بتاريخ السادس من ديسمبر/كانون الأول اطلعت عليها رويترز، حث الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص الأعضاء على رفض أي اتفاق لمؤتمر كوب28 يستهدف الوقود الأحفوري. وقال المفاوضون والمراقبون في محادثات كوب28 لرويترز إنه في حين أن السعودية كانت أقوى معارض، فإن أعضاء أوبك وأوبك+ الآخرين، بما في ذلك إيران والعراق وروسيا، قاوموا محاولات إدراج التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري في الاتفاق. وقال دان يورجنسن وزير المناخ الدنمركي "أنا قلق... لأنه من الواضح للغاية أننا بحاجة لرفع مستوى الطموح... لم أستسلم بعد بالطبع وما زلنا نعتقد أن هذا ممكن". وتعرضت المسودة الاثنين لانتقادات باعتبارها ضعيفة جدا من مشاركين مثل أستراليا وكندا وتشيلي والاتحاد الأوروبي والنرويج والولايات المتحدة وغيرهم. وقال كولينز نزوفو وزير الاقتصاد الأخضر في زامبيا، التي ترأس مجموعة الدول الأفريقية في محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ، "يجب أن يرتكز التحول على مسارات متباينة للوصول إلى صفر انبعاثات والتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري". وأضاف "علينا أيضا أن نعترف بحق أفريقيا الكامل في استغلال مواردها الطبيعية على نحو مستدام". ولم يتضح ما إذا كانت الصين، أكبر مصدر لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، قد أيدت مشروع القرار الاثنين. وقال شيه تشن هوا المبعوث الصيني المخضرم لتغير المناخ إنه تم إحراز تقدم في المحادثات.
مشاركة :