رضاب نهار (أبوظبي) يجد الفنان التشكيلي عمر زيدان (من مواليد أبوظبي 1983) في الطبيعة خلاصه وملاذه، يبحث في تفاصيلها عن أسرار الروح وخبايا تصلح للقراءة، وكأنه يوجّه تحيته الخاصة لها باعتبارها أصل الوجود، وإذ يختارها موضوعاً ومناخاً لرسوماته، يؤكد أنه يرسمها تقديراً لعطاءاتها اللامتناهية والمستمرة للإنسان والحيوان والنبات ودون أي مقابل، موضحاً: «ما أعبّر عنه في الفن، لا يمكنني التعبير عنه بالكلام». ويقول: «حبي للطبيعة يدفعني إلى رسمها بطريقة مختلفة عما هي عليه، سواء لونياً أو شكلياً. في الطبيعة مساحات رائعة غنية ومليئة بالأسرار والجمال، وهي متوازنة في أكثر حالاتها اختلافاً وتنوعاً، وبإمكاني استحضار عالمها إلى لوحاتي دون قيود». يجمع زيدان بين شغفه للفن التشكيلي وعشقه للموسيقا والتأليف الموسيقي، فبعد أن أنهى تحصيله الأكاديمي بدراسة الكمبيوتر، وأدرك أنه لن يعمل في مجاله، توجّه للدراسة في أكاديمية بركلي كولدج أوف ميوزيك الأميركية عبر الإنترنت وحصل على أربعة دبلومات في الموسيقا الحديثة. لذا يبدو مفهوماً هذا التناغم الحاصل في لوحاته بين اللون والإيقاع، لتشكل كل واحدة منها، مقطوعة موسيقية تجتمع مع بعضها البعض لتؤلف السيمفونية الكبرى، سيمفونية الطبيعة، ربما.. وعلى الرغم من أن الحلم يتبدى كثيمة صالحة لأعمال زيدان، فإنه شخصياً يرتبط بواقعه بما لا يقبل الشك، ويقول: «خلاص العالم ليس ضمن طموحاتي. عالمنا غارق بمشاكل قد لا أستطيع المساهمة في حلها، وما فني سوى محاولة لخوض معركتي الخاصة والانشغال بتفاصيل وأشياء أخرى تساعدني على إنجاز مشروعي في الحياة، وإذ يرى المتلقي في أعمالي التي ترصد الطبيعة، دعوة للأمل والفرح، فهذا أمر جيد يجعلني أدرك أبعاد الموضوع وتجلياته من أكثر من زاوية». ويعود للتأكيد: «أرسم فقط لأني أحب الرسم، ولا أملك أية رسالة أريد تقديمها من خلال الفن. ما يستطيع المتلقي أن يستوحيه في لوحاتي هو ملكه وليس ما أريد أنا تقديمه. المتلقي حر بما يرى بقدر ما أنا حر بالذي أرسمه». تقنياً، يلجأ زيدان إلى التكنولوجيا التي تساعده ليكون أكثر قدرة على التعبير والتغيير، مبيناً أن لها دوراً مهماً في فنه، فهو يستعمل الكاميرا لالتقاط صور لمواضيعه المرسومة، ثم يستعمل الكمبيوتر لمزيد من التناغم اللوني والشكلي، حيث إن البرامج التقنية الحديثة تمكنه من الخيارات اللامحدودة المساندة لعملية الخيال، عدا عن السرعة والدقة، وفي المرحلة الأخيرة من العمل، أتجه للوحة مجدداً وأضع ملامحها النهائية. وتجدر الإشارة إلى أن الفنان عمر زيدان، قد بدأ بالرسم مع والدته النحاتة والرسامة سلوى زيدان، حيث أبدع منحوتته الأولى في العاشرة من عمره، وأعماله اليوم موجودة في بعض المجموعات الفنية المهمة في المنطقة، وفي الكثير من الأماكن العامة والمشافي والفنادق الراقية، سواء في أبوظبي أم خارجها.
مشاركة :