تعد الدول الجزرية الصغيرة النامية بين الدول الأكثر مديونية في العالم، في 2020، بلغ متوسط نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في هذه الدول 82.5 في المائة، ومن المنتظر أن يظل أعلى من 70 في المائة حتى 2025. يشكل تغير المناخ سببا مهما وراء ذلك. كما أظهرت دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة للبيئة 2018، فقد أدى التعرض للأخطار المناخية إلى ارتفاع متوسط تكلفة الديون في عينة من الاقتصادات النامية بمقدار 117 نقطة أساس على مدار العقد السابق، ما أجبرها على دفع 40 مليار دولار في هيئة مدفوعات فائدة إضافية. وقد توقع بعض المراقبين أن يزيد هذا العبء على مدار العقد المقبل بنحو 146 إلى 168 مليار دولار. هذا من شأنه أن يدفع الدول الجزرية الصغيرة النامية إلى كارثة محققة. إذا كان لهذه الدول أن تظل فوق الماء "حرفيا"، فيجب أن تكون قادرة على الاستثمار في اللبنات الأساسية اللازمة لتحقيق النمو المستدام والتنمية، البشر، والبنية الأساسية، والطاقة، والأمن الغذائي. لكن تكاليف خدمة ديونها هائلة بالفعل ـ أكبر كثيرا من تمويل العمل المناخي المحدود الذي تتلقاه من خلال الاتفاقيات العالمية. في الفترة من 2016 إلى 2020، تلقت الدول الجزرية الصغيرة النامية 9.42 مليار دولار في هيئة تمويل للتنمية والعمل المناخي لتعزيز قدرتها على الصمود، غير أنها دفعت 26.6 مليار دولار لدائنين خارجيين. ما يزيد الطين بلة أن الخيارات المتاحة للدول الجزرية الصغيرة النامية لإعادة هيكلة ديونها قليلة خاصة بسبب تخفيضات التصنيف الائتماني. من الجدير بالذكر أن الدول المشاركة في إطار مجموعة العشرين المشترك لمعالجات الديون التي تتجاوز حدود مبادرة تعليق خدمة الديون تواجه خطر خفض تصنيفها الائتماني. لا عجب إذن أن ثلاث دول مؤهلة فقط تقدمت حتى الآن بطلب للحصول على إعفاء بموجب الإطار المشترك. إن خفض تصنيف الدول في حين تحاول إعادة التفاوض على ديونها التي يحتفظ بنصفها تقريبا حاملو سندات من القطاع الخاص، يوجه إليها ضربة مدمرة، لأنه يؤدي إلى تضاعف الحواجز المرتفعة بالفعل التي تحول بينها والوصول إلى أسواق الائتمان الدولية. من الواضح أن الدول الآمنة المزدهرة القادرة على التكيف مع تغير المناخ أفضل بالنسبة إلى بقية العالم ـ بما في ذلك الدائنون من القطاع الخاص وحكومات الاقتصادات المتقدمة ـ من الدول غير المستقرة المثقلة بالديون التي تعاني اضطرابات وخسائر بشرية وبيئية واسعة النطاق. إذا كان للتصنيفات الائتمانية أن تظل مقياسا للسوق، فلا بد أن تكون شفافة وعادلة وبناءة. لتحقيق هذه الغاية، دعا مكتب المفوض الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة عن حق إلى تعليق التصنيفات الائتمانية أثناء الأزمات. ينبغي لوكالات التصنيف الائتماني أيضا أن توقف نشر المراجعات أثناء فترات الاضطرابات، للسماح للأسواق بالتكيف مع الأساسيات المتغيرة. من الممكن معالجة تحيزات وكالات التصنيف الائتماني الأيديولوجية وافتقارها إلى الشفافية من خلال إضفاء طابع لا مركزي عليها أو إنشاء وكالات تصنيف إقليمية أو متعددة الأطراف. أخيرا، ينبغي لوكالات التصنيف الائتماني أن تتبادل الإرشادات حول مدى تناسب الأخطار المناخية وجهود التكيف مع منهجياتها، خاصة عندما يتعلق الأمر بتصنيف ديون الكيانات السيادية. كما أصلح نظام التصنيف الائتماني في الولايات المتحدة بعد الأزمة المالية العالمية 2008 من خلال قانون دود ـ فرانك، لا بد من تحسين عمل وكالات التصنيف الائتماني في الاستجابة للتحديات التي تواجهها الدول الجزرية الصغيرة النامية الآن. الواقع أن هذه الدول، المبتلاة بالحرائق والفيضانات المرتبطة بأزمة مناخية لم يكن لها يد في إيجادها، تستحق الدعم، وليس العقاب. خاص بـ«الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2023.
مشاركة :