فقد المجتمع امرأة فاضلة انتقلت إلى رحمة الله، المرأة الفاضلة شيخة بنت محمد الربيعة، حرم عبدالله بن عبدالرحمن الهبدان -رحمهما الله جميعاً- وصُلي عليها عصر يوم الجمعه الموافق 26-4-1445هـ، في المسجد الكبير بمحافظة المجمعة، ومن المؤلم أن يغيّب الموت رجلاً أو امرأة فيهما صلاح وخير يحتاجه المجتمع، والأخت أم عبدالرحمن من النساء اللاتي ذاع صيتها بالخير والفضيلة، فمنذ ثلاثين سنة وأنا أسمع عنها كل خير، فعم أبنائها صديق لي وزميل دورتي الأخ إبراهيم، دائماً يذكرها بالخير ويذكر مناقبها بقوله والله يا بوزيد من وفاة والدتي هي اللي قايمة بنا بدون كلل أو ملل، وقايمة بوالدي -رحمه الله- ومع مرور السنوات عرفت أنها تصوم الاثنين والخميس وتفطر العمالة الصائمين معها وبخاصة العمالة الذين يرتبطون بأسرتها، وأيضاً كانت مضيافة لأي ضيف يقدم لمركز الخيس من أسرة زوجها سواء من قريب أو بعيد، فهي تبادر بطبخ الولائم وتضعها في المقلط وتلح على الضيف يدخل للمجلس ليرتاح من عناء السفر ويتناول الوجبة الذي أعدتها كرماً لا رياء ولا مجاملة، فهي كما علمت بأنها تخرَّجت من مدرسة والدها -رحمه الله - الذي رباها على الاستقامة والكرم والمبادرة والصبر والعفاف، فهنيئاً لها هذه السمات التي يحبها الله، وهنيئاً لها الجمع الغفير الذي صلى عليها في المسجد وفي المقبرة، وهنيئاً لها محبة الخلق الذين يدعون لها وخاصة من أحسنت لهم، اعتصر قلبي حزناً عندما شاهدت أثر الحزن على وجه ابنيها عبدالرحمن وعبدالمحسن بعد دفنها، فهما شباب أبكاهم فقد والدتهم، فهي غالية جداً عندهم وفقدها مؤلم جداً ولكن عقولهم الراجحة تساعدهم على الصبر والرضاء بقضاء الله وقدره، ففيهم سمت الكبار وأدب جم، وأيضاً اعتصر قلبي حزناً عندما فقد المجتمع أختاً لنا في الإسلام متميزة بكثير من الفضائل التي نحتاج أن يتوارثها الأجيال، فعندما انتهى الدفن حان وقت استجابة الدعوة الساعة التي قبل غروب شمس يوم الجمعة فخرجت من المقبرة واتجهت لأحد المساجد ودعوت لها من أعماق قلبي، فهذا الذي أملكه لهذه المرأة الصالحة، حباً بأبنائها وزوجها وأسرتها وأسرة زوجها الذين تربطني بهم معرفة ومحبة منذ عشرات السنين، فزوجها عبدالله بن عبدالرحمن الهبدان -رحمه الله - من ضمن خمسة كانوا يراجعون جوازات محافظة المجمعة عندما كنت مديراً لإدارة الوافدين فيها قبل أكثر من 25 سنة، وكانت مراجعتهم لنا باستمرار، وسأكر مناقبهم وفاءً لهم وإعجاباً بصنيعهم، فأبوعبدالرحمن -رحمه الله - كان مسخراً وقته أثناء المراجعة للضعفاء والمساكين ومن ليس لديه مقدرة على المراجعة، أو يحتاج لشفاعة لدينا فنحن نلوي عنق النظام ونسخره في إنجاز المعاملة بكل سهولة فصلاحياتنا التقديرية تساعدنا ونوظفها لصالح المراجع وخاصة من يحتاج للمساعدة، فشفاعة أبوعبدالرحمن للمساكين يرجو منها الأجر والثواب وأشركنا في هذا الأجر، فهنيئاً له ما قدمه لنفسه من أعمال الخير وهنيئاً للبقية، فهم قدموا لأنفسم خيراً عظيم، ومن باب الوفاء لهم سأذكرهم بالاسم، ثلاثة منهم توفاهم الله وأدعو الله لهم بالرحمة والغفران، وأن يرفع الله درجاتهم في جنات النعيم، فالأول هو عبدالله بن سعد المزروع (أبو علي) من وجهاء مركز جلاجل -رحمه الله - والثاني هو عبدالله بن عبدالرحمن الهبدان (أبو عبدالرحمن) رئيس مركز الخيس السابق ومن وجهاء أسرة الهبدان -رحمه الله - والثالث عبدالعزيز بن حمد المسند (أبو حمد) من وجهاء المجمعة -رحمه الله - واثنان ما زالا على قيد الحياة وأدعو الله أن يمتعهم بالصحة والعافية وهم الأخ عبدالمحسن بن محمد النحيط (أبومحمد) من وجهاء مركز التويم والأخ إبراهيم بن فهد العثمان (أبوفهد) من وجهاء مركز تمير، فهؤلاء الخمسة باستمرار يراجعون جوازات محافظة المجمعة خدمة للمساكين والضعفاء ومن يحتاج للشفاعة طوال السنوات التي عملت فيها مسؤولاً في جوازات محافظة المجمعة وحوطة سدير، فرحم الله أم عبدالرحمن التي امتد فضلها علينا بعد وفاتها بأن أكتب هذا المقال لذكر مناقب زوجها وذكر مناقب من عمل مثله من أعمال الخير، فأدعو الله أن يكثر من أمثالهم في مجتمعنا، فمجتمعنا -ولله الحمد - ليس بعقيم وإنما ينجب باستمرار فضلاء يحرصون على خدمة الناس وفعل الخير، وختاماً أقول رحم الله أم عبدالرحمن رحمة واسعة، وأدعو الله أن يرفع درجاتها في جنات النعيم، وأن يلهم أبناءها وبناتها وأسرتها وأسرة زوجها الصبر والثبات. - حوطة سدير
مشاركة :