أكد عبد العزيز عبدالله الغرير، رئيس مجلس الشركات العائلية الخليجية، وعضو شبكة الشركات العائلية العالمية، أن الشركات العائلية الخليجية تواجه تحدي نقل القيادة إلى الجيل التالي، وأن حُسن الاختيار يحصّن هذه الكيانات، داعياً إياها للبدء بالتخطيط للاستمرارية عبر الاستعداد وتسهيل إجراءات النقل الأمثل للقيادة والملكية إلى الأجيال القادمة ضمن مؤسساتها القائمة. وقال الغرير في تصريحات خاصة لـ البيان الاقتصادي إن مبدأ الشراكة بين أفراد العائلة الواحدة في إدارة عمل أو مشروع، يعزز بدوره فرص النجاح، كما يعمل على توثيق الروابط بين أفراد هذه العائلة مع الأيام، لكنه استدرك قائلاً: إن صِلَة الدم والروابط العائلية وحدها غير كافية لحماية هذه الشراكة وتأمينها ضد الأزمات والتحديات المستقبلية. مؤكداً ضرورة بناء الشراكات العائلية على أسس وقوانين واضحة، ضمن إطار شرعي مفهوم ومُقَر من الجميع، لكيلا تكون عرضة للاختلال في المستقبل. امتحان وذكر الغرير أن الشركات العائلية الخليجية في الوقت الراهن على أبواب نقل القيادة إلى الجيل الثاني أو الثالث، الأمر الذي يعتبر امتحاناً حقيقياً يضعها على مفترق طرق، مشيراً إلى أن العديد من الدراسات الدولية تفيد بأن 15%من الشركات العائلية حول العالم تتمكّن من الصمود والاستمرار حتى الجيل الثالث، بيد أن 25%من الشركات العائلية في مختلف دول العالم، تقوم بالتخطيط السليم والمدروس لمسألة نقل القيادة والملكية ضمن مؤسساتها القائمة. محاذير وتطرق إلى أسباب إحجام الشركات العائلية عن التخطيط لهذه المرحلة الحساسة، منوهاً إلى أن الكثيرين يعتبرون الخوض في مسألة التوريث والتخطيط لنقل القيادة في حياة المورِّث أمراً غير مُستساغ أو غير مُحبَّب، إضافة إلى أن الحديث عن التوريث بوجود المورِّث قد يُفهَم للبعض على أنه إشارة إلى ضَعف الأب المؤسس، وتقدّمه في السنّ، أو إيحاء بعدم قدرته على إدارة الشركة. وأضاف أن ارتباط هذه القضية بمجموعة من القرارات الحساسة يزيد من تردد بعض الشركات العائلية في نقاش مسألة التخطيط المستقبلي لكيفية النقل الأمثل للقيادة والملكية؛ منها الكيفية التي سيتم من خلالها نقل الثروة والإدارة من الجيل الحالي إلى الجيل الجديد، بالإضافة إلى ماهية الآلية التي ستُدير بها القيادة الجديدة أعمال الشركة، فضلاً عن مدى التزام الجيل القادم بالأعمال القائمة والمستقبلية، إلى جانب المعايير التي ستقيِّم أداء وإنجاز كل من الأشقاء وأبناء العم لبعضهم البعض؛ مما يزيد من صعوبة اتخاذ القرارات حيال ما يطرح عند التخطيط لنقل القيادة. وشدد على حتمية مناقشة الشركات العائلية لمسألة التخطيط المستقبلي والاتفاق عليه، بالرغم من اعتبار أمر الخوض فيه أمراً ليس باليسير أو السهل، مشيراً إلى أن ذلك هو السبيل الوحيد أمام العائلة في ضمان استمرارية أعمالها في المستقبل، ويجنبها الوقوع في شرَك الخلافات التي قد تدفع بجيل الأبناء والأحفاد إلى تقسيم الشركة العائلية الواحدة. حوكمة وأوضح الغرير أن الحل الأمثل في التعاطي مع المرحلة الحالية يبدأ من تطبيق الحوكمة المؤسسية السليمة، لافتاً إلى أن نمو الأعمال يصاحبه دائماً نمواً في الكوادر المؤسسية، معتبراً أن انضمام العديد من الأشخاص الجدد إلى الشركة، وتوليهم لمسؤوليات ومواقع مختلفة، قد لا يحظى بالتطابق التام بين اهتمامات هؤلاء الأشخاص أو من يخلفهم، مع اهتمامات الآخرين ورؤيتهم حول استراتيجيات القيام بالأعمال، بما يعني أن كل ما تم الاتفاق عليه وإنجازه في الماضي من خلال ما يعرف بالشراكة العائلية غير الرسمية، بات غير ممكن التطبيق، لذا وجب استبداله بدستور مؤسسي، وهيكلية قانونية واضحة تضمَن سلامة أعمال الشركة على المدى البعيد. وأفاد أن وضع النظم فحسب ليس كافياً في تحقيق الكفاءة الإدارية المنشودة، لافتاً إلى أن الدراسة التي قام بها مجلس الشركات العائلية الخليجية بالتعاون مع شركة ماكينزي آند كو أشارت إلى أن 66%من الشركات العائلية بدأت بالفعل بوضع القواعد الأولى لتطبيق الحوكمة ضمن أعمالها، مضيفاً أن 33%من الشركات بحسب نتائج الدراسة أقرَّت بأن الممارسات التي قامت باتخاذها تعمل بفاعلية. وبيّن أن الدراسة كشفت عن أن الشركات التي نجحت بشكل كبير في تطبيق الحوكمة المؤسسية، هي التي قامت بإشراك عدد أكبر من أفراد العائلة في عملية انتقاء واختيار نظام الحوكمة المؤسسي، منوهاً إلى أن العاملين في الشركات التي نجحت بشكل كبير في تطبيق الحوكمة أكدوا أهمية تطبيق مبدأ الحوكمة المؤسسية، واعتبروها عملية انتقالية تَتِم بالتدريج، معربين عن رغبتهم في العمل والمساهمة في الوصول إلى الصيغة المُثلى لنظام الحوكمة. البدء في إجراءات تسوية الملكية ضرورة حيوية شدد عبد العزيز الغرير على ضرورة بدء الشركات العائلية بإجراءات تسوية الملكية؛ لافتاً إلى أن هذه القضية تزداد تشابكاً وتعقيداً مع تقدم الزمن، لاسيما مع زيادة عدد أفراد العائلة، داعياً هذه الشركات إلى مراجعة هيكليتها القانونية الحالية، بما يسهم في توضيح الرؤية المستقبلية للعائلة الواحدة، من خلال اعتماد هيكلية ملكية مناسبة لطبيعة أعمال كل شركة على حدة، مع الأخذ في الاعتبار أوضاع أفراد العائلة ضمن الهيكلية الجديدة، مؤكداً ضرورة توضيح الأخيرة لقواعد الملكية، إضافة إلى العزل التام بين أعمال الشركة وأي قضايا شخصية قد تنشأ في المستقبل نتيجة التوسع في أعمال أفراد العائلة المساهمين. تأهيل وقال الغرير إن الشركات العائلية الخليجية بحاجة ماسة إلى تأهيل وإعداد الجيل القادم في وقت مبكر من خلال تمكينهم على استيفاء المتطلبات الخاصة بإدارة الأعمال، علاوة على الفهم الأعمق المتعلق بالمسؤوليات الموكلة إليهم، كمالكين ومديرين لشركاتهم في الوقت نفسه، مطالباً بوجود نقاش مفتوح وصريح مع جيل القيادات الشابة فيما يخص تطلعاتهم نحو المستقبل، الأمر الذي يساعدهم على التعرف بصورة أكبر على ما يقدمه العمل في الشركة العائلية من مسؤوليات وما يتيحه من فرص للنمو والارتقاء على المستوى المهني. ولفت إلى أن مسؤولية تأهيل ودمج القيادات الشابة في الشركة لا تقع على عاتق المالك أو الرئيس التنفيذي للشركة فحسب، إنما يتوجب على المديرين الاشتراك في المسؤولية والتكاتف من أجل تحقيق هذا الهدف، إلى جانب إخضاع القيادات الشابة لبرامج تدريب وتأهيل متنوعة، فضلاً عن منحها قدراً من الثقة والحرية في اتخاذ القرارات، الأمر الذي يعمل على تطوير مواهبهم وتعزيز ثقتهم، إضافة إلى تكريس أهمية دورهم المؤسسي. تجديد وأردف بالقول: إن نقل الملكية والإدارة وإدخال قيادات ديناميكية شابة إلى غرفة صناعة واتخاذ القرارات، أمران أساسيان في تعزيز الابتكار المؤسسي، في عصر تقنية المعلومات دائم التطور الذي تزداد فيه المنافسة يوماً بعد يوم. مجدداً دعوته للشركات العائلية إلى التفكير بجدية والتخطيط مع نظرة طويلة الأمد، بما يعزز الاستدامة والاستمرارية لهذه الشركات، مشيراً إلى ضرورة الاستعانة بالخبراء في هذا المجال، فضلاً عن الاستفادة من دروس وتجارب الشركات الأخرى. برامج أكد الغرير أن مجلس الشركات العائلية الخليجية يعمل على العديد من المبادرات والبرامج لمناقشة القضايا التي تهم وتفيد الشركات العائلية العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي، مشيراً إلى أن جدول أعمال المجلس يتضمن مؤتمراً سنوياً يقام في شهر أبريل المقبل، يشتمل على حلقات نقاش دورية، فضلاً عن دورات تدريب وتطوير مخصصة للكفاءات والقيادات من الجيل القادم. مرجعية أكد عبد العزيز الغرير أن الحوكمة المؤسسية تعمل كمرجع ثابت وسياسة رسمية معتمدة من قبل كل أفراد العائلة في التعاطي مع جملة القضايا الرئيسة والمحورية المسؤولة عن نجاح الشركة واستدامة أعمالها، مشيراً إلى أن هذه القضايا تتضمَّن مسائل عدة منها على سبيل المثال الاتصال المؤسسي الفعّال، وآليات صنع واتخاذ القرارات، الأمر الذي يسهم إلى حدٍ كبير في تسوية الخلافات المؤسسية، إلى جانب تأهيل المواهب والقيادات الشابة على نحوٍ يعزز قدراتها على الإدارة والقيادة بكل جدارة واقتدار.
مشاركة :