نشرتْ مجلة رماح للبحوث والدراسات- وهي مجلة دولية علمية محكمة والصادرة عن مركز البحث وتطوير الموارد البشرية برماح الأردن بالتعاون مع جامعة القرآن وتأصيل العلوم بالسودان- في عددها 82 لشهر نوفمبر الماضي بحثي العلمي المحكم بعنوان "الإستراتيجية النفسية للأطباء في التعامل الطبي والتأهيل النفسي للمرضى. وقد تطرقتُ في بحثي إلى الموضوع الرئيس وهو "الإستراتيجية النفسية للأطباء"، لأهمية هذا المجال في تحويل تفكير وتدبير الطبيب المعالج "خارج صندوق الاعتياد"، وأوصيتُ بضرورة أن يتحلى الطبيب بالإجراءات اللازمة، والمرونة النفسية، التي من شأنها أن تجعله إنساناً ناجحًا، وأن لا يكون اهتمامه منصبًا على الربح المادي، وأكدتُ أن يكون جهد الطبيب مرتكزاً على الإنسانية من أجل تحقيق الأهداف والمنافع على الطبيب والمريض وأسرته في آن واحد. لقد خرجَ بحثي من عمق الملاحظات والاستشارات، والأبحاث والرؤى والاسترشاد الذي يأتيني من حالات وردت إليَ بحكم تخصصي، وأكدتُ أن هذه الإستراتيجية تتطلب التركيز على وجود التقييم لأعمال الأطباء والعاملين في القطاعات الطبية من خلال لجان متخصصة وفق النتائج والأهداف وبإشراف إداري. وتوفير أفكار للتسهيلات، ومصاعد كافية ومتعددة، ومواقف خاصة للمرضى من ذوي الحالات الصعبة مع توفير "عربات" متحركة، وعاملين لنقلهم من وإلى العيادة. وأوصيتُ بأهمية الاجتماعات اليومية في قطاعات العمل، ورسم خارطة العمل اليومي، ورصد الإنتاج، والأداء، وخلق مساحات متواصلة من "العصف" الذهني بين فرق العمل وزيادة التعاون، والتكاتف بين الأقسام المختلفة من أجل مصلحة العمل. إعلان وأكدتُ في "توصياتي "المتمخضة عن البحث وضع تقنيات جديدة تعتمدُ على رصد انعكاسات "الرضا" عن الخدمات من قبل العملاء، والمرضى وتقييمهم لها من خلال مؤشرات مئوية، وبدرجات مع ذكر الشكاوي، وأيضًا المقترحات والمطالب المطلوبة من القطاع. ورأيت اهمية وضعُ آلية لتوفير التواصل مع الأطباء، وتهيئة الاستشارات الطبية المجانية والعاجلة، مع توفير خطوط خدمات الإنترنت داخل المستشفيات. ومن أهم التوصيات الفريدة التي تضمنها البحث والتي تسهم في تجميل المشهد البصري والعمق الذهني للمرضى وجوب تزويدُ أقسام المستشفيات بلوحات كُتبتْ عليها آيات الصبر، والشفاء، والتوكل والسكينة مع أسماء الله الحسنى. ورأيتُ أنه من الأوجب تزويدُ أقسام الانتظار بشاشات بلازما لعرض المُفيد، والنافع للطفل، والرجل، والمرأة وأيضًا نشر التلاوات القرآنية المباركة باستمرار بعيداً عن تلك الإعلانات المكررة التي تروج للأطباء في كل أرجاء المستشفيات، لأن إعلان موحَّد في مدخل المبنى أو الرسائل التقنية كافية لأيصال المعلومات، فهي تصل للمريض قبل أن يصل للمستشفى. وإمعاناً في إخراج "المريض والمرافق" من دوائر الألم والانتظار والتوجس والتشاؤم والقلق رأيت أن تبادر القطاعات الصحية بتزويد مواقع الانتظار بالمياه، والورد، والشاي، والقهوة كخدمة محببة ومَطلب مهم للمرضى ومرافقيهم. ونظراً لأهمية القراءة في تعزيز الجانب النفسي وتبديد قلق المرضى وذويهم وإخراج الإنسان من متاهات التفكير إلى مسارات التفكر أكدت على تزويد أقسام الانتظار بكُتيبات تنفعُ المرضى وذويهم، وتقطعُ وقت الانتظار، وتُركّز على الجوانب الدينية، وبعض القيم والإرشادات الصحية، والقصص المسلية. واستناداً إلى أهمية السلوك في تجويد المسلك ركزت في توصياتي على ضرورة تأهيل العاملين والعاملات في القطاعات الطبية، وخصوصًا في المكاتب الأمامية على للباقة والحديث المهذب، والتعامل الراقي والمُبهج مع الجمهور. ومن أهم الجوانب التي تضمنها ملخص البحث إخضاع العاملين في القطاع الطبي إلى دورات وورش عمل مهنية تتعلق بمفاهيم المناعة النفسية وضرورة نفع المرضى بها لمواجهة المتاعب المرضية وعوائق المراجعات في المنشآت الصحية، وأخرى عن الدبلوماسية السلوكية تتعلق بضرورة أن يكون الطبيب أو المختص الإداري أو الصحي ملماً بها لتحقيق الاحترافية المهنية وفق إستراتيجيات مدروسة. وفي سياق دقيق تطرقتُ إلى أهمية اتجاه المنشآت الصحية والطبية لتوفير متخصصين في علم النفس الإداري وعلم النفس السلوكي لمواجهة المشكلات في محيط العمل وتحويل المختصين طبياً وإدارياً إلى موظفين فاعلين يوظفون الإنسانية في التعامل الطبي والمهني. ونظراً لأهمية التقييم في تجويد الأداء طالبتُ بضرورة تقييم المتخصصين والموظفين في المنشآت الطبية والمراكز العلاجية من النواحي الإنسانية وتطبيق مبادئ وأسس الثواب والعقاب في هذا الجانب. وتضمن البحث مطالبتي واقتراحي على كليات الطب والجامعات والأكاديميات والجهات التعليمية أن تؤسس مناهج تتعلق بسلوك وأخلاق المختص الطبي للتعامل مع المرضى.
مشاركة :