من قرية "دير أسد" الجبلية شمال فلسطين المحتلة، جاء صوتها يحمل ببحته الكثير، جاء يحمل البندقية والحب والشهادة والأمومة والمقاتلين الذين اختبئوا بصوتها وبمغائر جبال "دير أسد"، وخبئوا بجيبهم صورة للوطن، وفي القلب صورة أخرى لعائلاتهم، بيدهم اليمنى سلاح المقاومة، وبيسراهم موال زجل. سناء موسى، التي حملت على خشبة مسرح "البلد"، صوت فلسطين ومواويلها ورصاصها، وذلك ضمن فعاليات "حاصر حصارك"، بالأسبوع العالمي لمقاومة الإستعمار، مساء الجمعة الفائت بالعاصمة الأردنية عمان. وبحضور العديد من الشخصيات الفلسطينية الثقافية، كالفنانة التشكيلية القديرة "تمام الأكحل" زوجة الفنان الفلسطيني العالمي "إسماعيل شموط"، وحضور الشاعر العربي الفلسطيني "إبراهيم نصر الله" وغيرهم من الشخصيات، بدأت موسى ليلتها بموال فلسطيني تمايلت على إثره رؤوس الحاضرين طرباً، وأمسكوا عبراتهم من طرف عيونهم، لتتبعها بحالة كبيرة من فرح التراث والفلكلور الفلسطيني بأغنية "وعيونها"، التي راقصت الحضور بأنغامها، ومن كلماتها كانت: "وعيونها يا طير وتقول فنجان..... فنجانة بالقهوه ممتليه يا عيونك سود وحلوه يا عيونك وسنونها يا طير وتقول مرجان مرجانة على اللولو مختليه يا عيونك سود وحلوه يا عيونك.." وتابعت موسى تحليقها في ليلة عمانية فلسطينية، وغنت للحاضرين "نيالك ما أهدى بالك يا طير البيت"، التي خاطبت من خلالها "طائر البيت" وبثت له همومها بفراق من تحب وعن سكاكين الهوى الذي خلفتها أوجاع الفراق بها ومنها: "نيالك ما أهدا بالك يا طير البيت جبت السَعد لحالك وأنا ظليت نيالك ما أهدا بالك يا طير البوم حشت الورد لحالك وانا المحكوم.." وتحدثت موسى عن "الجمّال" بالتاريخ الفلسطيني، الذي ينقل الأحبة من ديارهم إلى أراضٍ أخرى، وسؤال المحمومين بالفراق عن أخبار من هجروا، وأين أخذتهم الدنيا، وغنت "عذّب الجمّال قلبي" ومنها: "عذب الجمّال قلبي يوم نوى عالرحيل قلتلو جمّال خذني قال أنا حملي ثقيل قلتلو جمّال بمشي قال انا دربي طويل.." وعن ذكريات الأمهات الفلسطينيات ومعاناتهم مع حادثة "سفربلك" عندما أخذت الدولة العثمانية، أبنائهن للتجنيد الإجباري ولم يعودوا من بعدها، لتقدم أغنية "سفربلك". "ها يّما ودعيني قبل ما أمشي ما تدري بعثراتي وأنا وامشي يا قايد المراكب قيد وامشي عسى الله نلحق ضعن الأحباب هايما ودعيني قبل ما أروح ما تدري بعثراتي وأنا أروح.." ولم تخلُ الليلة من الدبكة الفلسطينية التي أثارت حماسة الجمهور ما جعله يعتلي الخشبة بصف واحد، شُبكت به أيادي الشباب والصبايا من بينهم موسى نفسها، وعلى أنغام اليرغول للعازف "خالد ارتاحي". وأنهت موسى هذه الليلة الفلسطينية بـ"الروزنا" التي غنتها برفقة الحضور، ولأن أعداد الجمهور كانت كبيرة جداً بحيث أن الكثيرين لم يستطيعوا حضور الحفل، أحيت موسى حفلاً آخراً بعد الأول مباشرة، حتى يتاح لجميع الذين حضروا أن يسمعوها ويستمتعوا بما قدمت.
مشاركة :