تغريدة فلسطينية جديدة، جمعت كل الحكايا والآلام التي عاشها الشعب الفلسطيني، في حقبة الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم، داخل مقهى عاصر الأحداث الجسام، التي مرت بها فلسطين المحتلة، فهي حكاية وطن مغتصب، وهي روح الصمود والكفاح ضد المحتل، حين كان يأتي إليها كبار الشخصيات والمخاتير والتُجار والمثقفون والسياسيون، هنا كانوا يجلسون ويتناقشون ويختلفون ويتفقون ويبلورون مواقفهم النضالية على «مقهى زعترة»، الذي يحمل اسم هذا العرض المونودرامي الفلسطيني، والذي جاء ضمن فعاليات اليوم الثالث من مهرجان الفجيرة الدولي للفنون، وتم عرضه على خشبة مسرح المونودراما بدبا الفجيرة، وهو من تأليف وتمثيل حسام أبوعيشة وإخراج كامل الباشا. على خشبة المسرح لا توجد مفردات كثيرة، مجرد طاولة وكرسي وأرجيلة وحقيبة صغيرة، الفضاء متسع ورحب، وهذه هي كل مفرداته، هنا في هذا المقهى البسيط، سيكون على الممثل حسام أبو عيشة تقمص كل شخصياته، التاجر والسياسي والقائد في جيش المحتل، والفلسطيني البسيط، وعليه أن يصنع تغريدته الجديدة، ويجسدها بصوته وجسده وتعبيرات وجهه. النص في العرض امتاز ببنية قوية لا تخلو من الدراما في أجزاء كثيرة، كما لا يخلو من الحس الكوميدي الخاطف، وقد وقع على الممثل عبئاً كبيراً وضخماً ومساحة افتراضية على الخشبة توصف بالفقر الشديد، رغم رحابة الفضاء المسرحي. وقد يعاب على النص في مجمله العام، البطء الشديد في الارتقاء الدرامي للحدث، لدرجة أن بدايته تصلح أن تكون نهايته والعكس، فلا حدث يتطور وينمو أمامك، فقط اعتمد النص على السرد ولا شيء سواه. وفي «مقهى زعترة»، تفوق حسام أبو عيشة على نفسه، وقدم لنا صورة مجسدة لكل الواقع الفلسطيني، وتنقل بنا من حارة إلى حارة، ومن القدس إلى الخليل والمدينة القديمة، حيث قص حكايات الأجداد الذين تمسكوا وبذلوا الكثير من الدم من أجل الأرض المقدسة والتراب الفلسطيني في مجمله. وامتاز هذا العرض ببساطته في كل شيء، في تقنيات الكتابة المسرحية، ومفردات السينوغرافيا، وأداء يمكن أن يوصف بالسهل الممتنع.
مشاركة :