استطاع أن يستخدم قصاقيص القماش وتحويلها إلى إبداع خاص، ذلك ما قدمه الفنان إبراهيم البريدي في معرض أقيم مؤخراً بالقاهرة تحت عنوان «ديك وحصان»، وتضمن 56 لوحة ملونة بأسلوب سهل وبسيط حمل معاني إنسانية شديدة الثراء، بتجانس بين الخامة والخيط من مشاهد الحارة المصرية الشعبية بأطفالها وطيورها وموسيقاها. ويعتمد البريدي في فنه على أسلوب تجريدي معاصر مفهوم للمتلقي، يحمل روح البهجة والسعادة والابتسامة، وأوضح متابعون للمعرض أن المعروضات تمنح طاقة ايجابية كبيرة لمتابعيه. ويشرح الفنان البريدي لـ «الاتحاد» أن الرسم بـ «المرج خيط» فن سهل جداً، ويمكن لأي أحد أن يقوم به، لكن صعوبته تكمن في اختيار الألوان والتلقائية والطريقة التي يتمسك بها الفنان في أعماله، وهو بعيد عن فن الخيامية الصعب، حيث يعتمد الفنان على إظهار الخيوط وليس إخفاءها، وأن الخيوط عامل مهم في تكوين اللوحة. أخبار ذات صلة محمد مندي: 50 عاماً في حب الخط.. ومازلتُ في بدايتي سراء الشحي تفوز بجائزة "أبوظبي للثقافة والفنون" و"جلف كابيتال" للفنون التشكيلية وأشار إلى أن البساطة والخامة سيدة الموقف في المعرض، وحرص أن تكون لوحاته قريبة من المشاهد ونابعة من الناس من خلال الملابس وقصاقيص القماش، وعبرت عن أغنيات تمحورت حول الديوك أو الخيول، ومنها أغنية فيروز «الحلوة دي قامت تعجن في البدرية، والديك بيدن كوكو كوكو في الفجرية»، و«يهديك يرضيك» لعفاف راضي، و«من فوق ظهر الحصان» لفهد بلان، و«برة الشبابيك» لمحمد منير، وأخرى كانت بمثابة حوارات ما بين الديوك والخيول، أو حالة من الحب والعشق والبسمة ممثلة في القمر والمقهى والبلياتشو، وأنه تعمد إظهار الخيوط في لوحاته لأنه يركز على المشهد ويؤكد على فكرته بشكل أوضح. عالم سحري واعتبر الفنان الدكتور رضا عبدالسلام أعمال البريدي بمثابة عالم سحري أسطوري في زمن الرقمنة، الذي تراجع فيه العمل اليدوي والإحساس الآدمي المباشر وحرفية الصنعة المتقنة، ليبقى على ما هو جوهرياً وأصيلاً من تقاليدنا ومتعتنا البصرية منذ أن كنا أطفالاً وصبية عشنا في زمن البساطة والقناعة والابتكار. وترى الناقدة هناء حلمي أن البريدي فنان الأرض الطيبة، تيسر أعماله على المتلقي تعب الحياة ومعاناتها، بالبسمة والفرحة، وتذكرنا بساطتها في الفكر والعلاقات بأيام الشقاوة واللعب والجد والحب والفرحة، التي تخلو من أي ضغوط أو مسؤوليات. ومن وجهة نظر الفنانة التشكيلية ليلى حسين، تمحو أعمال البريدي الأمية البصرية، وتفوح لوحات «ديك وحصان» بالمحبة، فيها طيبة الوجوه والقلوب، وشمس الروح والنخيل وموج النيل والقمر، ولحن أغنيات تراثنا، وفي خطوطها وألوانها سماحة وطيبة قلب البريدي. أما الناقد والشاعر سعدني السلاموني، فقال إنه يرى البريدي محلقاً في فضاءات لوحاته، التي هي ابنة بصمة روحه البصرية، لا تقبل بصمة أخرى، خصوصاً وأنه يحول روحه الكونية الطفولية إلى فرشاة ويرسم بها، فكل شخصياته البصرية لها وجه طفولي، تدعو للبهجة والسعادة والبراءة، نسخة منه وهو نسخة من رسوماته. الفن المبهج وأشار الفنان والناقد أيمن أبو زيد إلى أن البريدي يواصل من خلال «ديك وحصان» رحلته مع الفن المبهج، وإبداعه بأسلوبه الخاص الذي أطلق عليه «مرج خيط» باستخدام قطع القماش الملونة وتثبيتها بالخيط الملون، وقدم أعمالاً جديدة بعيدة عن ثوب الشعبيات التي مارسها في المرحلة السابقة، والتزم فيه بقواعد التكوين التشكيلي والزخرفي، فأخرج أعمالاً متوازنة ومتناسقة بها إيقاعات موسيقية.
مشاركة :