مزيد من السفن تتجنب البحر الأحمر رغم قرار تشكيل تحالف دولي

  • 12/22/2023
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

برلين - قالت شركة الشحن الألمانية هاباج لويد وشركة أورينت أوفرسيز كونتينر لاين ومقرها هونج كونج الخميس إنهما ستتجنبان البحر الأحمر لتنضما إلى شركات الشحن التي أقدمت على فعل ذلك بعد الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي اليمنية على سفن تجارية فيما قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن أكثر من 20 دولة في المجمل وافقت على المشاركة في التحالف البحري الجديد لحماية الملاحة البحرية من بينها 8 دول رفضت اعلان المشاركة. وتسببت هذه الهجمات في إرباك حركة التجارة العالمية واستدعت تشكيل قوة عمل بحرية. كما تسببت أعمال العنف في تقييد مرور السفن عبر قناة السويس التي يمر منها نحو 12 بالمئة من حركة التجارة العالمية. وتتمثل أهمية قناة السويس الكبرى في نقل البضائع بين آسيا وأوروبا، لكن خبراء شحن عالميين حذروا من أن الارتباك قد يعم صداه في أنحاء العالم ما لم تتوفر السفن والحاويات والمعدات الأخرى اللازمة لتغيير مسار البضائع في المسارات والموانئ البديلة. وقال ماثيور بورجيس نائب رئيس خدمات المحيطات العالمية لدى (سي.إتش روبنسون وورلدوايد) "يظل الموقف غير مستقر، ربما تتغير الأمور بسرعة، وذلك هو سبب ضرورة وجود خطط طارئة تشمل الخطة (أ) و(ب) و(ج) لإبقاء سلاسل الإمداد في حالة حركة". وأوضحت هاباج لويد أنها ستغير مسار 25 سفينة بحلول نهاية العام لتجنب الإبحار في البحر الأحمر مع ارتفاع أسعار الشحن البحري وصعود أسهم شركات الشحن بسبب حالة الارتباك. ويعني تجنب البحر الأحمر وقناة السويس استخدام السفن مسارا أطول كثيرا بالدوران حول قارة أفريقيا. ويشن الحوثيون، المتحالفون مع إيران والذين يسيطرون على معظم أراضي اليمن، هجمات منذ أسابيع على سفن تعبر مضيق باب المندب في جنوب البحر الأحمر في تحرك يقولون إنه يأتي ردا على حرب إسرائيل في غزة. ويهرع التجار في الوقت نفسه إلى إيجاد مسارات شحن بديلة لتوصيل البضائع إلى متاجر البيع بالتجزئة، ويزيد استخدام طريق رأس الرجاء الصالح مدة الرحلة ما بين 10 أيام إلى 14 يوما إضافية تقريبا. وقالت أورينت أوفرسيز كونتينر لاين في بيان أمس الخميس "حتى هذه اللحظة، وجهنا السفن التي تشغلها الشركة بتغيير المسار أو تعليق الإبحار إلى البحر الأحمر". وهي المرة الأولى التي تؤكد فيها وقف الإبحار مؤقتا. وأوضح كريستيان سور نائب الرئيس التنفيذي للشحن البحري في شركة يونيك للوجستيات إن حدوث أزمة في مرحلة واحدة من سلسلة التوريد يمكن أن يتسبب في تكدس السفن، مما يؤدي إلى إرباك جداول الوصول والمغادرة في الموانئ البحرية وتأخيرات متتالية في كل النظام. وارتفعت تكلفة شحن حاوية من الصين إلى البحر المتوسط 44 بالمئة في ديسمبر/كانون الأول لتصل إلى 2413 دولارا بسبب اضطرابات البحر الأحمر، حسبما قالت شركة فريتوس هذا الأسبوع. وقال سور إنه إذا استمر الصراع أو اشتد، فإن ما يسمى بالأسعار "الفورية" للشحن غير المتعاقد عليه "قد تزيد مثلين أو ثلاثة أمثال عن المستويات الحالية". وكانت إيكيا العالمية للأثاث من بين الشركات التي حذرت من احتمال تأخير الشحنات ونقص المنتجات. كما توقعت شركة كوني الفنلندية للمصاعد أن بعض الشحنات قد تتأخر لمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. وفي حين أن البضائع التي تُنقل بالحاويات مثل الملابس والألعاب والمواد الغذائية هي الأكثر عرضة للخطر، فإن المنتجات الأخرى تتأثر. ويبحث مصدرو فول الصويا في الولايات المتحدة، الذين كانوا بالفعل يحولون الشحنات من قناة بنما المنكوبة بالجفاف إلى قناة السويس، ما إذا كانوا سيبدأون في استخدام القطارات المتجهة إلى الساحل الغربي للوصول إلى السفن المتجهة مباشرة إلى الصين والأسواق الآسيوية الأخرى لتجنب المسارات البديلة الأطول مسافة حول أميركا الجنوبية أو أفريقيا. وحذر المحللون من أن بعض تجار التجزئة قد يبدأون في مواجهة نقص بعض السلع بحلول فبراير/شباط على الرغم من أنه بعد جائحة كوفيد-19، سعت المزيد من الشركات إلى تحقيق مرونة في سلاسل التوريد عن طريق الشراء من مصدرين في مناطق مختلفة. وقال سور "لقد أصبحنا أكثر خبرة بعد أن مررنا بكوفيد". وقال البنتاغون أمس الخميس إن أكثر من 20 دولة في المجمل وافقت على المشاركة في التحالف الجديد الذي تقوده الولايات المتحدة لحماية حركة التجارة في البحر الأحمر من هجمات حركة الحوثي اليمنية. ومع ذلك، فإن العدد الإجمالي الجديد يشير إلى أن ثمانية على الأقل من الدول التي قررت الانضمام لتلك الجهود ترفض الكشف عن مشاركتها علنا، في إشارة إلى الحساسيات السياسية للعملية مع تصاعد التوترات الإقليمية نتيجة الحرب بين إسرائيل وحماس. وقال الميجور جنرال باتريك رايدر "لقد وافقت الآن أكثر من 20 دولة على المشاركة" موضحا أن اليونان وأستراليا أعلنتا الانضمام مضيفا "سنسمح بمشاركة دول أخرى، الأمر متروك لها للحديث عن انضمامها". وأطلقت الولايات المتحدة عملية "حارس الازدهار" هذا الأسبوع قائلة إن أكثر من 12 دولة وافقت على المشاركة في جهد سيشمل دوريات مشتركة في مياه البحر الأحمر بالقرب من اليمن. وقال رايدر إن كل دولة ستساهم بما تستطيع واصفا العملية بأنها "تحالف الراغبين" مضيفا في مؤتمر صحفي "في بعض الحالات سيشمل ذلك سفنا. وفي حالات أخرى قد يشمل أفرادا أو أنواعا أخرى من الدعم". وهدد زعيم الحوثيين بتصعيد الهجمات لتشمل سفن البحرية الأميركية مما يزيد من توقعات اتساع نطاق الصراع حول مضيق باب المندب. وقال متحدث باسم شركة هاباج لويد إن سفينة الجسرة التابعة للشركة تعرضت لهجوم قرب اليمن في 15 ديسمبر/كانون الأول في أثناء توجهها إلى سنغافورة وإن الشركة ستتخذ مزيدا من القرارات حول المسارات بحلول نهاية العام. وأشار المتحدث إلى أن الشركة لم تتلق بعد أي معلومات تفصيلية حول التحالف البحري. وقال مسؤولون في مجال الشحن إن استقرار الممرات المائية الحيوية سيكون ضروريا لضمان استئناف حركة الشحن بالكامل. وأثرت تبعات اضطراب حركة الشحن البحري بشكل مباشر على إسرائيل. وقالت شركة أورينت أوفرسيز كونتينر لاين يوم السبت الماضي إنها "بسبب مشكلات تشغيلية" ستتوقف عن قبول أي شحنات من إسرائيل وإليها حتى إشعار آخر. وقال الرئيس التنفيذي لميناء إيلات أمس الخميس إن الميناء الواقع في أقصى جنوب إسرائيل شهد تراجعا بواقع 85 بالمئة في نشاطه منذ تكثيف الحوثيين هجماتهم. واشنطن - أعلنت الولايات المتحدة قائمة بالدول المشاركة في تحالف بحري جديد لحماية الملاحة في البحر الأحمر من جماعة الحوثي اليمنية لكن غياب السعودية والامارات عن القائمة كان ملفتا للانتباه وربما مثيرا للدهشة. والسعودية لديها جيش مزود بعتاد أميركي وتشن حربا على الحوثيين منذ نحو تسع سنوات وتعتمد على موانئ البحر الأحمر في 36 بالمئة من الواردات. لكن المملكة وحليفتها الخليجية الإمارات أعلنتا عدم اهتمامهما بالمشروع الأميركي. والسبب الرئيسي فيما يبدو لغيابهما هو قلقهما من أن تنتقص المشاركة من هدف استراتيجي طويل الأمد يتمثل في نفض يديهما من حرب في اليمن ونزاع مدمر مع إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين. ولا يمكن للرياض ان تنسى موقف الولايات المتحدة الباهت خلال الحرب على الحوثيين في السنوات الماضية بل وسعي نواب اميركيين لمنع تزويدها بالسلاح بسبب حرب اليمن. ويشن الحوثيون الذين يسيطرون على جزء كبير من اليمن هجمات على السفن في البحر الأحمر منذ أسابيع ردا على الحرب التي تخوضها إسرائيل مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة. ولا يوجد تأثير مباشر كبير لهجمات الحوثيين على إسرائيل لأن شركات الشحن قالت إن عددا من السفن المستهدفة لم تكن متجهة إلى إليها، لكن الهجمات أضرت بحلفاء إسرائيل الغربيين بتعقيدها لمسار التجارة العالمية. وهدد زعيم الحوثيين اليوم الأربعاء بتوسيع هذه الحملة لتشمل السفن الحربية الأمريكية. لكن سواء امتنعا عن المشاركة تماما أو اضطلعا بدور في الدهاليز، يريد كلا البلدين تجنب الظهور بمظهر المشاركين في حملة قد تؤدي إلى الإخلال باستراتيجيتهما الإقليمية طويلة الأمد وتحويل الغضب العربي مما يحدث في غزة ضدهما. وقال مصدران في الخليج مطلعان على الأمر إن الغياب السعودي والإماراتي كان بسبب رغبتهما في تجنب تصعيد التوترات مع إيران أو تعريض جهود السلام في اليمن للخطر من خلال الانضمام إلى أي عمل بحري. وقال إياد الرفاعي من جامعة الملك عبدالعزيز في جدة "إن حربا أخرى ستعني الانتقال من العملية السياسية إلى عملية عسكرية أخرى قد تفسد الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط في الوقت الحالي". وحاولت السعودية والإمارات لسنوات، بدافع من قلقهما بشأن الالتزام الأميركي طويل الأمد، تغيير توجهات سياستهما الإقليمية، والبحث عن شركاء جدد، وإعادة النظر على العلاقات مع إسرائيل وتسوية التنافس مع إيران. وتمثلت أكبر الخطوات في هذه العملية حتى الآن في اتفاق بوساطة صينية بين السعودية وإيران في فبراير/شباط وإقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والإمارات عام 2020. لكن السعوديين يريدون أيضا إنهاء حربهم الدائرة منذ نحو تسع سنوات في اليمن والتي تحولت إلى مأزق أضر في بعض الأحيان بمصالحهم وتسبب في زعزعة الأمن من خلال هجمات الحوثيين بطائرات مسيرة على مطارات ومحطات طاقة. وصحيح أن الإمارات سحبت الكثير من قواتها في اليمن في عام 2020 لكن السلام هناك مازال مهما لها. وما زالت الإمارات تدعم جماعات في اليمن، واستهدف الحوثيون عاصمتها أبوظبي بهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ العام الماضي. وكانت السعودية تأمل في أن يسمح حل هذه النزاعات الإقليمية بالتركيز على قائمة طموح للأولويات تشمل بناء مدن جديدة تستشرف المستقبل واحتلال مكانة أكبر في الساحة الدولية، بما في ذلك استضافة كأس العالم 2034. وتخوض إسرائيل حربا في غزة بدعم أميركي كامل بعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وتهدد هذه الحرب بتقويض هذا الحلم السعودي وإلقاء المنطقة في حقبة جديدة من عدم اليقين وإثارة الغضب العربي ضد الغرب وحلفائه في الخليج. وأصاب الجفاء علاقات الإمارات وإسرائيل بسبب الحرب التي جعلت محادثات التطبيع السعودية الإسرائيلية تخرج عن مسارها، وجعلت أي اتباع للسياسة الأميركية خيارا غير مريح للقادة العرب. وفي الوقت نفسه، أشاد كثيرون من العرب بهجمات الحوثيين بطائرات مسيرة في استهداف لإسرائيل وبضربات الجماعة لحركة الشحن في البحر الأحمر كمثال نادر على العمل العربي لدعم الفلسطينيين. وفي المقابل، تقف إيران على رأس ما تسميه محور المقاومة وهو تحالف فضفاض يضم حماس بالإضافة إلى جماعات شيعية مسلحة في أنحاء المنطقة تواجه إسرائيل وحلفاءها الغربيين عسكريا. وتنفي إيران مزاعم سعودية وغربية بأنها تقدم دعما ماديا للحوثيين الذين يمثلون جزءا من محور المقاومة، أو توفر لهم الإرشاد والتوجيه. لكنها أوضحت وجهة نظرها بشأن تحالف البحر الأحمر. وقال علي شمخاني، وهو مستشار للمرشد الأعلى الإيراني، في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي، إن "أي دولة تنضم إلى التحالف الأميركي للتصدي لهذا العمل (الحوثي) هي مشارك مباشر في قتل النظام الصهيوني للأطفال". لكن التردد السعودي في العصف باستراتيجية إقليمية تقوم على الوفاق مع إيران والسلام مع الحوثيين ستوازنه حاجة المملكة إلى الأمن في البحر الأحمر عموما واعتمادها المستمر على المظلة الأمنية الأميركية. وقال السفير الأميركي السابق لدى اليمن جيرالد فيرستاين إن الولايات المتحدة "ربما لا تكون سعيدة" لأن السعودية والإمارات لم تشتركا علنا في قوة المهام. لكن فيرستاين أضاف أن البيت الأبيض "لا بد أنه كان أعمى وأصم وأبكم حتى لا يفهم ما يجري ويُفاجَأ برد الفعل من الجانب السعودي أو الإماراتي". وما زالت الولايات المتحدة أهم حليف للسعودية ومزودها الرئيسي بالسلاح، على الرغم من سنوات من الخلافات حول عناصر السياسة الشرق الأوسط. وقد يثير ذلك تساؤلات حول دور محتمل للسعودية في الدهاليز للعمل بشكل أكبر مع الولايات المتحدة بشأن أمن البحر الأحمر. والسعودية والإمارات عضوان بالفعل في القوة البحرية المشتركة بقيادة الولايات المتحدة التي تعمل في الخليج والبحر الأحمر، على الرغم من قول الإمارات في مايو أيار إنها ستنسحب من القوة. وردا على سؤال مباشر عن عدم المشاركة فيما يبدو من جانب الدولتين الخليجيتين، قال جون كيربي، المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض "أترك كل دولة عضو، سواء أرادت الإقرار بذلك أم لا، أن تتحدث هي عن نفسها". وقال كيربي لاحقا، دون إشارة مباشرة إلى أي من البلدين، "هناك بعض الدول وافقت على المشاركة وعلى أن تكون جزءا من هذا لكن... لها أن تحدد رغبتها في مدى علنية ذلك".

مشاركة :