صنعاء - تواصل مسلسل استهداف السفن في البحر الأحمر قبالة اليمن، رغم إعلان الولايات المتحدة عن تحالف دولي بهدف ردع هجمات جماعة الحوثيين. وقالت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري، اليوم الثلاثاء، إنها تلقت معلومات عن محاولة محتملة للصعود على متن سفينة على بعد 17 ميلاً إلى الغرب من مدينة عدن الساحلية في اليمن، مضيفةً أنّ الهجوم لم ينجح وأن جميع أفراد الطاقم بخير. وأوضحت في مذكرة لها "تلقت سفينة في المنطقة المجاورة اتصالاً عالي التردد من سفينة (تتعرض لهجوم قرصنة) في الموقع. وبعد نصف ساعة، وصلت طائرة إلى مكان الواقعة لتمشيط المنطقة". إلى ذلك، أظهرت مذكرة إرشادية، اليوم الثلاثاء، أنّ هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية تلقت تقريراً عن واقعة على بعد 80 ميلاً بحرياً شمال شرق جيبوتي في البحر الأحمر. وأضافت المذكرة أنّ السلطات تجري تحقيقاً في الحادثة. ويأتي هذا بعد أن أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء تشكيل تحالف دولي يضمّ عشرة بلدان للتصدّي لهجمات الحوثيين المتكررة على سفن يعتبرونها "مرتبطة" بإسرائيل في البحر الأحمر، والتي أدت إلى ارتفاع أسعار النفط. وجاء في بيان لوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن "البلدان التي تسعى إلى ترسيخ المبدأ الأساسي لحرية الملاحة عليها أن تتكاتف لمواجهة التحدّي الذي تشكّله هذه الجهة". وصعّد المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران هجماتهم على ناقلات النفط وسفن الشحن وغيرها في البحر الأحمر، معتبرين أنهم بذلك يمارسون ضغوطا على إسرائيل بسبب حربها مع حركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة. وقال أوستن إن التحالف الأمني سيعمل "بهدف ضمان حرية الملاحة لكل البلدان ولتعزيز الأمن والازدهار الإقليميين". وأعلن أوستن أن المملكة المتحدة والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا ستنضم إلى الولايات المتحدة في المهمة الجديدة. وستجري بعض الدول دوريات مشتركة بينما تقدم دول أخرى دعمًا استخباراتيًا في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. وذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" أن هدف الولايات المتحدة من تشكيل قوة عمل دولية موسعة لحماية السفن في البحر الأحمر تأتي نتيجة المخاوف من انقطاع إمدادات الطاقة، وبالتالي ارتفاع أسعار النفط والغاز. أوضحت الصحيفة أن فرقة العمل 153 تشكل جزءا من شراكة بحرية طوعية تضم 39 دولة. ولتعزيز إجراءات الحماية في البحر الأحمر، قال مسؤولون أميركيون للصحيفة إنهم يأملون في تعزيز قوة مهام بحرية دولية تقوم بالفعل بدوريات في الممر المائي، الذي يمر عبره أكثر من 9 ملايين برميل من شحنات النفط يوميًا، أو ما يقرب من عُشر الطلب العالمي. وأشارت الصحيفة إلى أن المبادرة ربما تتضمن تمركز سفن ثابتة يمكنها الحماية من ضربات الصواريخ أو الطائرات بدون طيار أو منع اختطاف السفن. وقال مسؤولون للصحيفة إن الولايات المتحدة لم تستبعد القيام بعمل عسكري ضد أهداف الحوثيين إذا استمرت الهجمات على السفن، وستتخذ "الإجراءات المناسبة". وأوضحت الصحيفة أن أوستن سيسافر إلى البحرين، الثلاثاء، حيث يعقد اجتماعا افتراضيا للشركاء الدوليين في مبادرة "حارس الازدهار" لمناقشة التهديدات المتصاعدة من جانب الحوثيين على الشحن البحري. وبعد زيارة البحرين، حيث يتمركز الأسطول الخامس للبحرية الأميركية، سيتوقف وزير الدفاع على متن السفينة "يو أس أس جيرالد آر فورد"، الموجودة حاليا في شرق البحر الأبيض المتوسط، ويسافر أيضا إلى قطر. واعتبر الناطق الرسمي باسم الحوثيين محمد عبدالسلام، اليوم الثلاثاء، أن التحالف المشكل أميركيا هو "لحماية إسرائيل وعسكرة للبحر دون أي مسوغ". ونقلت قناة "المسيرة نت"، التابعة للحوثيين، عن عبدالسلام قوله، في منشور عبر منصة "إكس"، إن "عمليات اليمن البحرية بهدف مساندة الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان والحصار على غزة، وليست استعراضا للقوة ولا تحديا لأحد، من يسعى لتوسيع الصراع فعليه تحمل عواقب أفعاله". وأضاف "التحالف المشكل أميركيا هو لحماية إسرائيل وعسكرة للبحر دون أي مسوغ، ولن يوقف اليمن عن مواصلة عملياته المشروعة دعما لغزة". وتابع "كما سمحت أميركا لنفسها أن تساند إسرائيل بتشكيل تحالف وبدون تحالف، فشعوب المنطقة لها كامل المشروعية لمساندة الشعب الفلسطيني، وقد أخذ اليمن على عاتقه أن يقف إلى جانب الحق الفلسطيني ومظلومية غزة الكبيرة". وقبل ساعات فقط من إعلان أوستن، قال الحوثيون إن "القوات المسلحة اليمنية" التابعة لهم "نفذت عملية نوعية ضد سفينتين لهما ارتباط بالكيان الصهيوني الأولى سفينة سوان اتلانتيك محملة بالنفط والأخرى سفينة إم إس سي كلارا تحمل حاويات وقد تم استهدافهما بطائرتين بحريتين". وحذّر الحوثيون في بيانهم الإثنين "كافة السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من أي جنسية كانت من الملاحة في البحرين العربي والأحمر حتى إدخال ما يحتاجه إخواننا الصامدون في قطاع غزة من ماء ودواء". وأصيبت السفينة النروجية "إم/في سوان أتلانتيك" الاثنين "بجسم غير محدد" في البحر الأحمر، وفقاً للشركة المالكة "انفينتور كيميكال تانكرز" Inventor Chemical Tankers التي قالت في بيان "لحسن الحظ لم يصب أفراد الطاقم الهندي بأذى، وتعرضت السفينة، وفقًا لهم، لأضرار محدودة"، مشيرة إلى أن الناقلة التي انطلقت من فرنسا باتجاه جزيرة ريونيون، لا تربطها أي علاقة بإسرائيل. والسفينة "إم/في سوان أتلانتيك" هي الآن تحت حماية البحرية الأميركية. ولا تتوفر في الوقت الحالي معلومات حول السفينة الثانية التي ورد اسمها في البيان الصادر من صنعاء. ولم يجب بيان أوستن عن العديد من الأسئلة، ومنها ما إذا كانت تلك الدول مستعدة لفعل ما فعلته السفن الحربية الأميركية في الأيام القليلة الماضية من إسقاط صواريخ وطائرات مسيرة أطلقها الحوثيون والاندفاع لمساعدة السفن التجارية التي تتعرض للهجوم، وفقا لوكالة "رويترز". ودخل الحوثيون على خط الصراع بين إسرائيل وحماس من خلال مهاجمة السفن في البحر الأحمر، بل وإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل على بعد أكثر من 1500 كيلومتر من قاعدة قوتهم في العاصمة اليمنية صنعاء. ويمر نحو 15 بالمئة من حركة الشحن العالمية عادة عبر قناة السويس، وهي أقصر طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا، لتعبر بعد ذلك أيضا البحر الأحمر قبالة اليمن. لكن الاضطرابات عطلت التجارة البحرية، إذ أعادت شركات شحن توجيه رحلاتها حول أفريقيا بدلا من ذلك، مما زاد تكاليفها ومدتها. وإثر الهجمات، علقت شركات شحن كبرى المرور عبر مضيق باب المندب الذي تمر عبره 40 في المئة من التجارة الدولية إلى حين ضمان سلامة الملاحة فيه. ومن بين هذه الشركات الدنماركية ميرسك والألمانية هاباغ-ليود والفرنسية سي ام إيه سي جي إم والإيطالية السويسرية إم أس سي. وأعلنت شركة النفط البريطانية "بريتيش بتروليوم" (بي بي) أنها علقت عبور جميع سفنها "نظرا لتدهور الوضع الأمني للنقل البحري في البحر الأحمر" وذلك على نحو مؤقت. وبعد الظهر، قالت شركة "فرونتلاين" وهي الرابعة عالميًا بين شركات الناقلات العملاقة ومقرها العام في ليماسول، في قبرص، إنها ستتجنب المرور عبر البحر الأحمر وخليج عدن. وأدى قرار شركة بريتيش بتروليوم بتجاوز البحر الأحمر إلى ارتفاع أسعار النفط الاثنين، مع ارتفاع سعر خام القياس العالمي برنت بنسبة 1.8 في المائة عند 77.95 دولاراً للبرميل. ودفعت أخبار شركة "بريتيش بتروليوم" أسعار النفط إلى الارتفاع، الاثنين، حيث ارتفع سعر خام برنت القياسي العالمي بنسبة 2.6 في المئة إلى ما يقرب من 79 دولارا للبرميل. وقفز سعر الغاز القياسي في المملكة المتحدة بأكثر من 8 في المئة، الاثنين، في حين ارتفع سعر تداول الغاز في المركز الأوروبي بأكثر من 7 في المائة. ويشعر التجار بالقلق أيضا بشأن التهديدات التي تواجه إمدادات الغاز الطبيعي المسال القطري إلى أوروبا مع حلول فصل الشتاء، وفقا للصحيفة. وقال محللون للصحيفة إن الهجمات أثارت احتمال حدوث انقطاع جديد وطويل الأمد في شحنات الطاقة والبضائع العالمية، بعد أقل من عامين من الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات على صادرات الطاقة الروسية التي تسببت في إعادة ترتيب طرق تجارة النفط والغاز المستمرة منذ عقود. ووفقا للصحيفة، تأتي خطة الولايات المتحدة لتعزيز حماية السفن في الوقت الذي يبدأ فيه موردو الطاقة العالميون والشاحنون التجاريون في تجنب مضيق باب المندب الضيق في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، حيث تبحر الناقلات على مسافة قريبة من المتمردين الحوثيين في اليمن. وقال ألبرت جان سوارت، المحلل في بنك "أيه.بي.إن أمرو" لرويترز إن الشركات التي حولت مسار السفن مجتمعة "تسيطر على نحو نصف سوق شحن الحاويات العالمية". وخلال زيارة لإسرائيل، الاثنين، حمل أوستن إيران المسؤولية المباشرة عن هجمات الحوثيين. وقال "دعم إيران لهجمات الحوثيين على السفن التجارية يجب أن يتوقف". وأضاف في مؤتمر صحافي في تل أبيب "بينما نسعى لتحقيق الاستقرار في المنطقة، تزيد إيران التوتر من خلال الاستمرار في دعم الجماعات والميليشيات الإرهابية".
مشاركة :