نظرا للأحداث المستمرة في السياق الصحي التي أعقبت كوفيد - 19، وما نتج عنها من تغيرات اقتصادية وممارسات اجتماعية مختلفة عن الماضي، العالم قلق من أي قرارات إغلاق اقتصادي عالمي، بعد تصاعد لغة منظمة الصحة العالمية أخيرا من سرعة انتشار بعض المتحورات المتفرعة من كوفيد - 19، ومع ذلك يمكن النظر إلى بعض الأمور والعوامل المؤثرة التي تلعب دورا في إمكانية الإغلاق ومدى استعدادنا لها. إغلاق الاقتصاد يعد خطوة جذرية، وتأثيرها واسع في الحياة اليومية والأعمال التجارية، وقليل من الدول استوعبت الدروس الماضية، ويظل أمامها الاستثمار في الحلول والممكنات التي تحد من فرص الإغلاق الكلي. تشير الظروف الراهنة سواء المتعلقة بأزمات صحية عالمية أو أحداث طبيعية إلى أن الإغلاق الاقتصادي ضروري في بعض الحالات للحفاظ على الصحة العامة، ومع ذلك يعد الإجراء بمنزلة آخر خيار لتأثيراته الاقتصادية الهائلة. من أهم خيارات الاستعداد، تعزيز البنية التحتية الرقمية لتمكين الأعمال والتعلم عن بعد، وتحسين الكفاءة الاقتصادية بطرق جديدة، ومن ملاحظة خلال ديسمبر 2023 عقدت ثلاث فعاليات حكومية تسهم في تحقيق ما سبق، أولا، مؤتمر التميز التشغيلي الذي يشجع في نهاية المطاف الكفاءة الاقتصادية، وكان لمستشفى الصحة الافتراضي دور بارز في تقديم الرعاية عن بعد، ومن اللافت مما صرح به المسؤولون في المؤتمر، أنه لم تعد جدولة أي عملية، بسبب عدم توافر الإمدادات، ويعزى ذلك للمتابعة والتعامل المباشر والرصد، أي إنها طبقت مفاهيم التميز التشغيلي. ثانيا، مؤتمر سوق العمل الدولي، الذي استعرض أهم الاتجاهات العالمية في سوق العمل وكان من أهمها العمل الهجين كالعمل عن بعد الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى بيئة أعمال عامة وتجارية لا تتوقف مع تعزيز سياسات العمل وفق الاتجاهات الجديدة، ومن أبرز ما توافق عليه المشاركون والحضور والخبراء أن أسواق العمل تغيرت وعلى صناع السياسات الاستجابة السريعة لتلك التغيرات الحالية والمستقبلية. ثالثا، ملتقى الحكومة الرقمية، الذي يتعقب تطورنا في التحول الرقمي الموسع، من خلال إبراز إنجازات الحكومة الرقمية والإعلان عن قياس التحول الرقمي. إذا ما تأملنا الظروف العالمية والقيادة والتحول الاستباقي للمملكة، يمكننا الاستنتاج أن السعودية وأجهزتها العامة والتجارية لم تعد كيانات تتحرك على ردة فعل، بل تسابق الزمن وفق نظرة استشرافية وتحولات استباقية كبرى ـ إن صح التعبير ـ لاحتياجاتنا الوطنية وللتوجهات العالمية المنظورة وغير المنظورة، وجميع ما نراه يبرز الإدارة التنفيذية المتطورة، التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، من خلال حكومته ذات اللياقة التنفيذية العالية والاستشرافية المتقدمة. في ختام حديثنا اليوم، مهما كانت خيارات العالم، نحن في السعودية نمتلك خيارات أفضل، بفضل الله ثم برؤية 2030، حيث جعلت جميع السياقات الآنية والمستقبلية، صحيا واقتصاديا واجتماعيا في وضع يمكن الوثوق به، إضافة إلى قدرة قيادتنا السياسية على تعزيز التعاون الدولي لتحسين الاستجابة المشتركة للتحديات العالمية، والشواهد لا تزال ماثلة من كوفيد - 19.
مشاركة :