انفتاح كيسنجر على الصين سيطارد السياسة الأمريكية «2 من 2»

  • 12/23/2023
  • 23:35
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

على مدى عقود من الزمن، كانت السوق المحلية في الصين صغيرة، وكانت جاذبيتها الرئيسة في نظر المستثمرين تتلخص في توافر العمالة الرخيصة، وهو الأصل الذي تدعمه البنية الأساسية الممولة من قبل الحكومة والسياسات المصممة لإرضاء أصحاب الأعمال. وبتشجيع من البيت الأبيض، أصبحت الصين أكبر مقترض في البنك الدولي في التسعينيات، ثم تم قبول عضويتها في منظمة التجارة العالمية في 2001، بناء على طلب من المستثمرين الأجانب والمسؤولين في مجموعة السبع. لقد أصبح ازدهار الصين بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية ممكنا بفضل خفض قيمة الرنمينبي بشكل متعمد "وهو ما يتعارض مع قواعد ومعايير صندوق النقد الدولي" واستمرار قمع العمال. وسرعان ما أدى هذا المزيج إلى زيادة الواردات الصينية الرخيصة إلى الولايات المتحدة، الأمر الذي أدى إلى تسريع تراجع التصنيع في مختلف أنحاء الغرب الأوسط وأجزاء أخرى من البلاد، مع فقدان أكثر من مليوني وظيفة بين 1999 و2011. بطبيعة الحال، سمح اندماج الصين في الاقتصاد العالمي بتحقيق نمو سريع في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، الأمر الذي أدى إلى صنع أكبر طبقة وسطى في العالم. ومع ذلك، اتسعت فجوة التفاوت بشكل حاد، وقد أفاد النمو الاقتصادي في المقام الأول المهنيين المتعلمين وذوي العلاقات الجيدة في المناطق الحضرية، لا المزارعين والعمال العاديين، الذين يظل دخلهم منخفضا. وكان من الممكن أن يكون مسار التنمية البديل الأقل اعتمادا على العمالة الرخيصة والصادرات المدعومة "كما هو الحال في أجزاء أخرى من شرق آسيا" أفضل بكثير بالنسبة إلى الطبقة العاملة الصينية. بغض النظر عمن سيفوز برئاسة الولايات المتحدة في نوفمبر المقبل، فسيواجه البيت الأبيض الصين المتزايدة الهجومية، حتى في حال ظلت الصادرات الصينية تشكل مكونات أساسية لأغلب ما ينتجه ويستهلكه الأمريكيون. رغم أن ترمب يتحدث بثقة عن الوقوف في وجه الصين، إلا أن نهجه غير المبدئي القائم على الصفقات والمعاملات يمثل تصعيدا لسياسة كيسنجر الواقعية الساخرة. وعلى غرار كيسنجر، فإنه يرفض الحاجة إلى الدفاع عن قيم مثل حقوق الإنسان والديمقراطية. قد تبين أن نظرية كيسنجر حول التاريخ الصيني خاطئة تماما، وهو ما يزيد الأمور سوءا. فقد حذر في 1989 قائلا: "يتعين على القادة الصينيين إدراك، وإلا سيدرك خلفاؤهم، أن الإصلاح الاقتصادي مستحيل دون دعم الجماعات المتعلمة التي أسهمت في تأجيج الاضطرابات والعمال الذين أظهروا قدرا كبيرا من الشجاعة". ومع ذلك، فقد استخدم الحزب الشيوعي الصيني الإصلاح فقط أداة لجذب رأس المال الأجنبي والتكنولوجيا. والآن بعد أن أصبحت قيادة الحزب أكثر تركيزا على قوتها ومكانتها العالمية، فقد تم التخلي عن الإصلاحات التحريرية، بل حتى عكس توجهها. هذا هو إرث كيسنجر. وبدلا من الاستفادة منه، ينبغي للولايات المتحدة وحلفائها تبني نهج أكثر اعتمادا على المبادئ في التعامل مع الصين والتجارة عامة. كانت هذه هي الرؤية الأصلية لاتفاقية بريتون وودز عندما كان من المفهوم أن الوصول غير المقيد إلى سوق الولايات المتحدة يجب أن يكون متاحا فقط للدول التي تلتزم التزاما قويا بحقوق الإنسان والحرية السياسية. وبينما تعمل الولايات المتحدة على إعادة تشكيل مشاركتها الاقتصادية العالمية، فيتعين عليها ضمان أن سياسات الإبداع والاستثمار والتوظيف المحلية تخدم هدف الرخاء المشترك لجميع العمال الأمريكيين. لقد فشلت سياسة كيسنجر تجاه الصين، المستندة إلى تصوره الضيق إزاء القوة الأمريكية، في تحقيق أي من ذلك. ترمب أيضا مهتم فقط بالسلطة، السلطة الخاصة به. من شأن رئاسة ترمب الثانية أن تأخذ عقلية كيسنجر إلى نهايتها المنطقية، التي تفيد القلة على حساب الأغلبية. خاص بـ«الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2023.

مشاركة :