تقرير سنوي: مصر تظهر دورا إقليميا نشطا في عام 2023 رغم التحديات الاقتصادية

  • 12/23/2023
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

عززت مصر خلال عام 2023 دورها الإقليمي ونهجها الإيجابى المتنامي للحفاظ على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، على الرغم من التحديات الاقتصادية التي تواجه أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان. وتحيط بمصر صراعات واضطرابات في الدول المجاورة بما في ذلك ليبيا غربا، والسودان جنوبا، وقطاع غزة في شمال شرق البلاد. في الوقت نفسه، تسعى مصر جاهدة لاحتواء الأزمة الاقتصادية المتمثلة في نقص الدولار الأمريكي وانخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع معدل التضخم. ومع ذلك، لم تمنع التحديات الاقتصادية القاهرة من مواصلة وساطتها النشطة في الأزمات الإقليمية الحرجة لتقريب المواقف بين الأطراف المتصارعة من أجل تسوية هذه الأزمات. ــ دور إقليمي نشط واستضافت القاهرة في يناير 2023 اجتماعات مكثفة بشأن الأزمة الليبية، من بينها اجتماع ضم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة آنذاك خالد المشري، اللذين اتفقا على "وضع خارطة طريق لاستكمال كل الإجراءات اللازمة لإتمام الانتخابات" الليبية. كما التقى خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي وعقيلة صالح رئيس البرلمان أيضا في القاهرة، حيث تم الاتفاق على وقف التدخلات لتسوية الأزمة الليبية. وبشأن الأزمة السودانية، استضافت القاهرة في يوليو الماضي قمة دول جوار السودان، التي نجحت في توحيد مواقف دول الجوار تجاه أزمة السودان، حيث اتفق القادة المشاركون على تشكيل آلية على مستوى وزراء الخارجية لوضع حلول عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال في السودان والتوصل إلى حل شامل للأزمة. وفي الشأن الفلسطيني، استضافت مصر في أكتوبر 2023 قمة القاهرة للسلام لبحث تطورات القضية الفلسطينية على خلفية الحرب في غزة، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وقادة وممثلي 34 دولة و3 منظمات دولية وإقليمية هي الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية. وفي نوفمبر الماضي، نجحت مصر بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة الأمريكية في التوصل إلى هدنة مؤقتة دامت أسبوعا بين إسرائيل وحركة حماس، جرى خلالها إطلاق سراح 240 فلسطينيا و81 إسرائيليا و22 من جنسيات أخرى كانوا محتجزين لدى الطرفين. وشهد عام 2023 أيضا استئناف العلاقات الدبلوماسية بين كل من مصر من جانب وتركيا وسوريا من جانب آخر، وذلك بعد سنوات من القطيعة. وقال الدكتور ماجد بطرس أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان إن مصر دولة إقليمية كبرى ونقطة توازن استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط. وأضاف بطرس لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن مصالح مصر وأمنها القومي ليس فقط في حدودها الداخلية بل لها دوائر تأثير مثل السودان وليبيا، واليمن التي تؤثر على أمن البحر الأحمر وقناة السويس، قبل أن يتابع أن هذه الدول تمثل الامتداد الطبيعي للأمن القومي المصري. وأردف أن مصر قوة مؤثرة إقليميا رغم الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها حاليا، في ظل تأثيرها السياسي وقوتها العسكرية خاصة أنها تملك جيشا مصنف دوليا، وحافظت على دور محوري في السياسة والتوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط. ورأى بطرس أن مصر ليست وسيطا فقط في أزمة غزة لكنها طرفا أساسيا في ظل المخطط الإسرائيلي لتهجير سكان غزة، والسلطة الفلسطينية والفصائل من بينها حماس تقدر الدور المصري في إفشال الخطط الإسرائيلية على المدى الطويل. واستطرد أن مصر في موقف لا تحسد عليه لأن إسرائيل تجبر الفلسطينيين في غزة بطريقة مباشرة على الذهاب إلى سيناء، وتدرك أن مصر لن تستخدم الرصاص ضد الفلسطينيين، لكن مصر أكدت أن ذلك "خط أحمر". من جهته، أكد السفير عزت سعد المدير العام للمجلس المصري للشؤون الخارجية أن مصر واصلت على مدى عام 2023 نهجها الإيجابى المتنامى فى محاولة لتعزيز الرابطة العضوية بين الاستقرار الداخلي للدولة واستقرار الإقليم التي تقع فيه، وبما ينطوى عليه ذلك من سعي دؤوب لتوطيد الأمن وتحقيق التنمية المستدامة داخليا وخارجيا. وأوضح سعد لـ((شينخوا)) أن منطقة الشرق الأوسط واحدة من أكثر بؤر التوتر فى العالم، ومصر تحرص دائما على إيجاد تسويات لصراعات وأزمات المنطقة بغية تعزيز الأمن والاستقرار فيها. وأشار إلى أن مصر سعت منذ بداية الصراع المسلح في السودان إلى التوسط لإيجاد تسوية مرضية للقوى السودانية، واستضافت فى يوليو 2023 قمة دول جوار السودان، وفي نوفمبر الماضي مؤتمر القضايا الإنسانية فى السودان، فضلا عن المشاركة فى تنظيم الاجتماع الوزاري لدعم الاستجابة الإنسانية في السودان، لاسيما أن مصر استقبلت أكثر من 300 ألف سوداني منذ اندلاع الأزمة. وأضاف سعد أن القاهرة لعبت دورا كبيرا فى التنسيق لإجلاء الرعايا الأجانب من غزة ودخول المساعدات إلى القطاع، وكذلك تنفيذ الهدنة بين إسرائيل وحماس. ونوه بأن الدبلوماسية المصرية أظهرت كفاءة وفاعلية ومرونة فى التعامل مع القضايا المختلفة في المنطقة، على الرغم من التحديات الاقتصادية في مصر. ــ تحديات اقتصادية وتتمثل هذه التحديات في شح العملة الأجنبية في مصر، حيث مرت مصر خلال 2023 بصعوبات كبيرة في تدبير العملات الأجنبية التي تحتاجها من أجل صناعة التنمية، حسبما قال الدكتور وليد جاب الله عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي لـ((شينخوا)). وأرجع جاب الله هذه الأزمة إلى تمسك البنك الفيدرالي الأمريكي بسياسة رفع أسعار الفائدة ما خفض حصة مصر من الاستثمارات الأجنبية الخاصة بالأموال الساخنة، فضلا عن مشكلات متعلقة باتجاه كثير من المصريين نحو استخدام الدولار كوعاء إدخاري وليس وسيلة لتسوية المدفوعات الخارجية. وأشار إلى أن أزمة شح الدولار أدت إلى زيادة معدلات التضخم في مصر، التي بلغت معدلات قياسية هذا العام، فضلا عن التذبذب الشديد في المؤشرات الاقتصادية. وبلغ معدل التضخم السنوي في مصر خلال نوفمبر 2023 حوالي 36.4%، بحسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. ومع ذلك، أكد جاب الله أن مصر مارست دورها الإقليمي خلال 2023 بحكمة، وثقلها الإقليمي واضح. ورأى أن مصر نجحت من خلال دورها الإقليمي في الحفاظ على مقدرات الأمن القومي المصري، رغم صعوبة التحديات الاقتصادية وتزايد نطاق الصراع في المحيط الإقليمي. وشدد على أن "الدولة المصرية متمسكة بثوابتها وحماية أمنها الوطني بصورة عاقلة ورشيدة، وهذا ما حدث في عام 2023 وأتصور أنه سيستمر في المستقبل". ــ ولاية رئاسية جديدة وفاز الرئيس عبدالفتاح السيسي بولاية رئاسية ثالثة بعد أن تصدر الانتخابات التي جرت أيام 10 و11 و12 ديسمبر الجاري. وحصل السيسي على تأييد 89.6% من أصوات الناخبين الذين صوتوا في انتخابات الرئاسة، التي شهدت مشاركة هي الأعلى في تاريخ مصر بنسبة 66.8% . وقال طارق الخولي وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري إن فوز السيسي بولاية جديدة هو ضمانة الاستقرار في مصر والحفاظ على الأمن القومي المصري بعد فترات عصيبة مرت بها مصر في مكافحة الإرهاب. ورأى الخولي في تصريح لـ((شينخوا)) أن فوز السيسي بولاية ثالثة سوف يؤدي إلى تسريع عمليات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي في مصر وتدعيم دور ومكانة مصر على المستوى الإقليمي والدولي والعمل على حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة. وأشار إلى أن استمرار السيسي يضمن الاستقرار لمصر والحفاظ على حدودها خاصة في محيط إقليمي يموج بالصراعات، حيث توجد صراعات دامية على حدود مصر الجنوبية والغربية والشرقية.

مشاركة :