منذ الإعلان عن اتفاق باريس الذي يستهدف الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ومن زيادة درجة الحرارة العالمية، والغرب يجتهد لفرض سياسات وقوانين متحيزة ضد الطاقة الأحفورية بحجة التغير المناخي. هناك اتفاق عالمي على ضرورة حماية كوكب الأرض، وتجنيبه مخاطر التلوث، وإرتفاع درجات الحرارة والعمل على تحقيق متطلبات اتفاقية التغير المناخي، يقابله تباين في مواقف الدول المنتجة للنفط، والنامية والفقيرة التي ترى ضرورة حماية مصالحها الوطنية، والأخذ في الاعتبار أهمية القدرة على تحقيق متطلبات الاتفاقية، بما فيها مستوى الدخل والقدرات التكنولوجية. التحيز ضد النفط والدول المنتجة أثر سلبًا على نزاهة ملف التغير المناخي، ومتطلبات حماية البيئة، ما أثار قلق الدول المنتجة للنفط، والدول النامية والفقيرة التي تعاني أصلا من «فقر الطاقة» والموارد المالية المعينة على توفير الطاقة اللازمة لشعوبها وإقتصاداتها الضعيفة. تتعامل دول الغرب بانحياز تام، واستبداد مع ملف التغير المناخي، وبمعزل عن مصالح الدول، وربما استغلته لتحقيق أهداف إستراتيجية بعيدة عن الأهداف البيئية المعلنة، ومضرة بالدول المنتجة. إعلان «كوب 28» أعاد جانبا مهما من الواقعية في التعامل مع ملف التغير المناخي ومتطلباته، وأعاد صياغة بعض بنوده ليكون أكثر توافقا مع المصالح الوطنية والإمكانات المتاحة وتوفير جملة من الخيارات المناسبة للدول من جهة، وأهمية الحد من الانبعاثات الضارة والوصول بها إلى مستويات دنيا تسهم في الحد من زيادة درجة الحرارة العالمية، وبما يتماشى مع خصائص كل دولة ويعزز التنمية المستدامة، من جهة أخرى. سمو وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، أشار في مقابلة مع «العربية Business» إلى «مراجعة نص البيان الختامي لكوب 28 كلمة بكلمة»، وأن الاتفاق لم ينص على التخلص الفوري أو المتدرج من الوقود الأحفوري بل إلى «عملية تحوّل». تكتسب مواد البيان الختامي، بنصوصها وكلماتها الدقيقة أهمية قانونية، وتُضفَى عليها الشرعية وتتحول إلى مرجعية قانونية للدول الموقعة عليها. ورود جملة «عملية تحول» في البيان الختامي، ستمكن الدول المنتجة، وفي مقدمها المملكة من المواءمة بين استدامة الإنتاج، وخفض الانبعاثات، وستسهم أيضا في الحد من محاولات غربية لاستغلال اتفاقية التغير المناخي في تحقيق أهداف مضرة بالدول المنتجة. دعوة البيان الدول للمشاركة، بدلا من فرض إجراءات محددة وملزمة، مع وجود خيارات متعددة تمكنها من إختيارالمنهجية المناسب لها، سيسهم في حماية المصالح الوطنية، والمواءمة بين قدرات وما يناسبها من منهجية وفق إمكانياتها المتاحة. أعاد بيان «كوب 28 « تصويب اتفاقية التغير المناخي، وبما يحقق أهدافها الرئيسة، ويأخذ في الاعتبار مصالح الدول. سمو وزير الطاقة علق على البيان بقوله: «دُفن التخلص الفوري أو التدريجي من الوقود الأحفوري، ودفنت المنهجية الفرعونية، لا أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد». تصريحات مؤطرة بالواقعية والحزم، بُنيت على تحول تشريعي مهم، أُطِّرَ ببيان «كوب 28 « الذي أعاد «فهم الاتفاقية»، وعزز مواقف الدول المنتجة للنفط، التي واجهت تحديات مختلفة بسبب تحيز الغرب ضد الوقود الأحفوري، وسعيهم الدائم لاستصدار قوانين منحازة ضد الدول المنتجة، والصناعة النفطية، وبما يهدد اقتصاداتها الوطنية. تحول إيجابي في التعامل الدولي مع ملف «التغير المناخي» ومنهجية الدول المشاركة فيه، والتزاماتها الدولية، وبما يمكنها من حماية مصالحها الوطنية. تحول مهم كان لسمو وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وفريق العمل دورا رئيسا في تحقيقه حماية لمصالح المملكة الوطنية، والدول المنتجة، والدول النامية والفقيرة. أختم بالتأكيد على أن مكافحة التغير المناخي جزء رئيس من رؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان البيئية، والهادفة لخلق مستقبل أكثر خضرة، ونظافة واستدامة، وبما يضمن حماية البيئة وصحة الإنسان، ويعزز القدرة التنافسية للمملكة، ويحد من الانعكاسات السلبية على الاقتصاد، والصناعة النفطية، ويحقق لها الإلتزام التام بمتطلبات اتفاقية التغير المناخي، بما فيها التحول الإستراتيجي في مجال الطاقة.
مشاركة :