ضمن فعاليات منتدى الثلاثاء، نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية شعرية مساء الثلاثاء، شارك فيها الشعراء: جاكيتي الشيخ سك، وهبة شريقي، وعبدالله العبد، ومحمد الأمين جوب، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت. قدم الأمسية الإعلامي يوسف الغضبان الذي أشاد بما قدمه بيت الشعر من فعاليات إبداعية تعود عليها الجمهور الحاشد الذي ملأ ساحة البيت، وألفها طوال العام، مثمناً الدعم اللامحدود من قبل الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي سجلت مبادراته الثقافية حضوراً مشعاً على امتداد الزمن، بما يعكس مدى اهتمام سموه بالشعر والشعراء. وقد حلقت قصائد الشعراء في فضاءات الدهشة، وعبرت عن فلسفة الحياة، ودارت في فلك الذات، فأثرت بطابعها الوجداني في الحضور، إذ تغنوا بالحب ومواجده، والتحموا بذائقة الجمهور الذي تفاعل مع مشاعرهم وكلماتهم التي عبرت عن نماذجهم الإبداعية، ومدى قدرتهم على بلورة أحاسيسهم في تجسيد معاني الفقد والعتاب، واستعادت الذكريات، ومن ثم برع بعضهم في كتابة المدائح النبوية في ظل حضور كثيف ونوعي من قبل محبي الشعر. افتتح القراءات الشاعر جاكيتي الشيخ سك الذي ألقى قصيدة"بساط النور" التي أظهرت عفويته ببعدها الجمالي، وهو يترجم ببوح صادق في واحدة من مدائحه النبوية أساليب التعبير المبتكر في تضفير الصورة، وحملها على محمل الجمال، يقول في قصيدته: "يا من قصدتكَ كي تُبدِّدَ حَيرتِي فإذا بذاتي منك تنهلُ كَوثرَا وإذا بأنفاسي تُرَتِّلُ شَجوَهَا وكأنَّ داوودا بها قد زمَّرَا فلقد عبرتَ الدهرَ كُنْهَ بشارة وانداحَ بالغفران ذكرك مذ سَرَى" وواصل القراءة بقصيدة أخرى حملت عنوان "معراج" التي تفيض بالمشاعر النبيلة، إذ يخاطب فيها الشاعر وجه آخر للحياة وهو مستبشر بما ينسج من معاني رقيقة وعذبة من هذه القصيدة نختار: "يا مَن بحضنِ جمالِكِ المسحوقِ وطنٌ يُؤَذّن معلنا تطويقي وطنٌ تلُوحُ على مَدَى بصماتِه مِنّي الجذورُ فيستثيرُ بَريقِي يا مَن بحضنكِ كلُّ ما أمَّلتُه مُذ جئتُ في فلك الحياة طَريقِي". وقرأت الشاعرة هبة شريقي أولى نصوصها الشعرية الذي حمل عنوان"عكس السراب" ويحمل دلالات مرهفة تخضع للتأمل، فهي تبوح بما في داخلها من مواجد من خلال هذه الكلمات: "مُستصغِراً كُلَّ المخاوفِ قلبي يعدو غزالاً في أقاصي الحُبِّ لمْ يلتفِتْ أبداً مخافةَ غادرٍ بل كي يُطمئنَني بأنَّكَ قُربي في الأمسِ وشوشَتِ الطيورُ فِراخَها: "بعضُ القلوبِ تطيرُ عكسَ السّربِ". ثم قرأت قصيدة أخرى بعنوان "شيءٌ يكرهُ الأشياء" التي عبرت فيها بجسارة عن لذع البوح في جمل متتابعة تستحضرها من عبق الذاكرة حيث تقول: "هُمْ أحرقوكَ وهُمْ رشّوا عليكَ الماءْ هُم لم يسيؤوا، ولكن أنتَ مَن يستاءْ! مُذْ صرتَ لُعبتَهُمْ تبكي بلا سببٍ وتستحيلُ إذا أغضبتَهُمْ أشلاءْ.. يجمّعونَكَ لو حنّوا إليكَ، عليـ كَ.. يختفي منكَ شيءٌ بعدَ كُلِّ رجاءْ". وقرأ الشاعر عبدالله العبد ثالث شعراء الأمسية قصيدة بعنوان "اللؤلؤة" التي تشف عن أشجان يجترها الشاعر من معين حكاياته، عبر لوحات وصفية تفيض بالشجن، يقول فيها: "خذيني حيث شئتِ وأنتِ أدرى بما لا أستطيع عليه صبرا ولا ترضي عن الشعراء حتى يقولوا كل شيء عنكِ شعرا ولا ترضي عن الشمس التي لم تقل لكِ كلما أشرقتِ: شكرا". ثم قرأ قصيدة أخرى بعنوان "سيرة ذاتية" التي حفز من خلالها ذاكرته، فعبر عما استقر في وعيه من أشجان، فهو يلتقط مشاعره المختفية في الذات ويبلورها في هذه الإيقاعات، فيقول: "سموك عبد الله كنتَ فراشةً للشمس عبد الله لا للظلِّ سموك في ملأٍ يجرُّ عقيقةً ونسوك وانشغلوا بذاك الحفلِ ماذا سيبكي الماء يا ابن ثلاثةٍ ماذا سيبكي والبكاء تخلِّ". "وألقي الشاعر محمد الأمين جوب آخر شعراء الأمسية قصيدة بعنوان "آخر مقامات التجلّي" التي تعبر عن ثرائه الجمالي، وإرادته المتنامية وهو يمدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بأسلوب جمالي خالص فيقول: "إن قِيلَ: أَحْمَدُ يُصْغِي الكَوْنُ أَحْرُفَهُ وحَيْثُ نَادَى تُلَبِّي أمَّةٌ وَقُرَى مُحَمَّلاً بِهُمُومِ الآخَرِينَ لَهُ قَلبٌ إذَا نَامَ يَغفُو يَحْضنُ السُّوَرَا سَعَى إلَى الله مُنذُ المَهْد يحملُ في صحْرَاء مكّةَ قَلْبًا أبيضًا نَضرَا". ثم قرأ قصيدة أخرى حملت عنوان "سليل الأُغْنيَات" التي يعبر من خلالها عن أبعاده الرمزية في صياغة واقعه بمفردات مشوقة، فيقول: "أَنَا يَا سَلِيلَ الأُغْنِيَاتِ غَزَالَةٌ تَرَكَتْ وَرَاءَ المُتْعَبِينَ نَشَامَى أَنَا مُتْرَعٌ جِدًّا وَمُزْدَحِمٌ دَمِي يَرْتَجُّ والدُّنيَا تَهبُّ لِمَامَا قَالُوا مَن البطل الكَبِيرِ فقل لهمْ أَنَا فِي الهَوَى بَطَلٌ بِهِ أَتَسَامَى". وفي الختام كرّم الشاعر محمد البريكي، شعراء الأمسية ومقدمها.
مشاركة :