القيادة المتزنة لمنظمات القطاع الحكومي في ظل انحسار عوائد النفط

  • 3/28/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تعتبر القيادة المحرك الرئيسي لمنظمات القطاع العام (الحكومي) باتجاه تحقيق أهدافها الإستراتيجية وفي إدارة أنشطتها وأفرادها نحو تطور المنظمة ومشاركتها الفعالة في بيئتها سواء المحلية أو الإقليمية أو حتى العالمية؛ فالقيادة في هذا القطاع لا تختلف من حيث أهميتها ودوافعها أو حتى أنماطها أو أدوارها عن تلك التي تتم ممارستها في القطاع الخاص؛ إلا أنها تخضع وفي جميع جوانبها للتدقيق والمراجعة من قبل شريحة أوسع من المستفيدين من أدائها، حيث يمثل المواطنون شريحة مهمة من المستفيدين إضافة للعاملين والإدارة العليا والتي في هذه الحالة قد تكون الدولة ممثلة في مؤسساتها الرقابية والتشريعية؛ وبالتالي فإن تعرض القطاع العام إلى تحديات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية كما هو حاصل حالياً في دول المنطقة بانحسار عوائد النفط التي تركت ميزانيات حكومات هذه الدول في عجز ضخم، إضافة إلى ضغط أدوار هذه المنظمات المتمثلة في جلها في تقديم خدمات محسنة ومطورة للمواطن حيث لا تزال هذه الحكومات تواجه مواطنين يتوقعون زيادة في جودة الخدمات العامة، يؤدي بقادة هذه المنظمات على المستويين المركزي والمحلي إلى ممارسة مجموعة من القدرات القيادية لم يألفوا عليها من أجل مواجهة المتغيرات التي حدثت في استراتيجيات منظماتهم والتي قد تعرض بدورها بعضا من هذه المنظمات إلى فشل في مساعدة الحكومات في مواجهة التحديات. كما أن الانطباع السائد والتصور النمطي الذي تواجهه القيادة في هذا القطاع والمتمثل بأن منظمات القطاع الحكومي لا تستطيع العمل بمبدأ الإنتاجية المثمر وتعيق أنظمتها عامليها من الإبداع ولا تستطيع هذه المنظمات إظهار قدرات العمل الاحترافية بمستوى ما هو متوفر لدى منظمات القطاع الخاص؛ أدى إلى إعاقة التنفيذ الفعال وإعاقة القيادة الفعالة على جميع مستويات المنظمة؛ إضافة لذلك فإن عدم استغلال نقاط القوة المتمثلة في حقيقة أن هذه المنظمات وعلى النقيض من العديد من مؤسسات القطاع الخاص تمتاز بعدم وجود المنافس وإمكانية تقديم الجودة الدائمة في خدماتها من خلال الاستفادة من التقدم المعرفي، والعمل على توجيه المتغيرات نحو إيجابياتها وتفادي سلبياتها كدافع لتقديم الأفضل، أدى إلى عدم تمكين هذه المنظمات للانتقال إلى واقع مثمر للغاية، يتمثل في منظمات محترفة منتجة. إن تفادي جميع ما ذكر من سلبيات يتأتى من خلال ممارسة قدر أكبر من القيادة في جميع مستويات المنظمة وليس من خلال تجنيد أو تطوير المزيد من القادة، حيث إن القيادة الناجحة في القطاع العام تعرف من خلال الأنشطة أو القرارات وليس من خلال النظر البحت في قوة الشخصية أو الصفات، كما أنها ترتبط بالنجاح في إيصال النتائج، وبالتالي فإن المطلوب في هذه المنظمات قادة فعالون في جميع مستويات المنظمة أو النظام يتميزون بقدرات قيادية رئيسية أربعة هي تطوير الأفكار اللازمة لنجاح التغيير داخل النظم المعقدة، بناء المهارات المعرفية لتحقيق إدارة فعالة في البيئات الاستهلاكية، ممارسة التفاعل العاطفي لتحفيز العاملين، وتشجيع ممارسة القيادة في جميع مستويات المنظمة؛ كما أن المطلوب من هذه المنظمات تطوير القدرات القيادية لدى قادتها والتأكد من أن الهياكل المعقدة بشكل مفرط لا تعيق قدرة الأفراد في جميع أنحاء المنظمة من ممارسة القيادة. هذا ونظراً إلى أن القيادة في القطاع العام تتأثر بشكل مباشر وسريع بالظروف الاقتصادية والتغيرات الديموغرافية والسياسية للبلد، والتي قد تؤدي في غالب الأحيان إلى تحول وتغيير على مستوى القيادة وبوتيرة أسرع من نظيرتها في القطاع الخاص؛ فإن لأدوار القيادة في القطاع العام دور مهم في تخفيف هذا التأثر وفي تطوير مستوى أداء المنظمات، فتطبيق مفهوم القيادة المتكاملة في القطاع العام والمرتكز على خمسة أدوار مهمة للقيادة هي التغيير من أجل التطوير، التنوع في طرق العمل من أجل جودة التنفيذ، العلاقات مع العاملين من أجل تلمس حاجيتهم وحل النزاعات، انجاز المهام من خلال التوجيه، والنزاهة في التقييم؛ والتي يتم تنفيذها بشكل جماعي من قبل الموظفين والقياديين على مختلف مستويات التسلسل الهرمي؛ لها تأثير إيجابي وكبير على أداء المنظمات واستقرارها في ظل هذه المتغيرات. وامتدادا لهذا السياق، فإن لأهمية المحافظة على التوازن المناسب بين إدارة العمليات الجارية وبين قيادة التطوير والتغيير في منظمات القطاع العام عند أداء القائد لمهامه دور في الوصول إلى أهداف المنظمة الإستراتيجية وتحقيق رسالتها وتأكيد رؤيتها في ظل هذه المتغيرات والتحديات. فالقدرة على الإدارة والقيادة في ذات الوقت مسألة كفأه لأن الإدارة والقيادة يرتبطان بقيم متعاكسة، ولكن إذا ما ارتبطت القدرات الإدارية للقائد في منظمات القطاع العام مع القدرات القيادية الفعالة فإن ذلك سوف يؤدي لتطور في مخرجات المنظمة وأدائها، بل ويمثل عنصراً مهماً لتحقيق أهدافها الإستراتيجية والتفاعل الإيجابي مع بيئتها.

مشاركة :