طرابلس - باتت الاتهامات بهدر المال العام والمبالغة في الإنفاق الحكومي لمختلف الأجهزة والمؤسسات في ليبيا تقلق رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة. وفي إشارة إلى حجم القلق، اعتقلت قوات تابعة للدبيبة أستاذا جامعيا بسبب تغريدة انتقد خلالها ما اعتبره هدرا للمال العام على المهرجانات مقابل تهميش قطاعات مهمة كالصحة والتعليم. ويواجه الدبيبة انتقادات سياسية وشعبية لاذعة في ظلّ اتهامات بتجاوزات في إدارة الخزينة العامة ومخالفات مالية، تعتبر أطراف أنه كان أحد أهم العناصر المتوّرطة والمساهمة فيها منذ تقلده المنصب. وفي وقت سابق، كشف تقرير لديوان المحاسبة لعام 2022 عن إنفاق مبالغ كبيرة من أموال الدولة في الأموال خاصة في ديوان رئاسة الوزراء، تضمّنت مصاريف باهظة في الإقامة بالفنادق الداخلية والخارجية وتذاكر السفر والمهام الرسمية وإيجار الطائرات لصالح عدد من المسؤولين. ناشطون أوضحوا أن عملية اعتقال بشير عريبي جاءت بعد نشره تدوينة اتهم فيها عبدالحميد الدبيبة بإهدار المال العام كما أظهرت بيانات مصرف ليبيا المركزي وجود فجوة في النقد الأجنبي بلغت 12.7 مليار دولار في الأشهر العشرة من العام الجاري، حيث بلغت إيرادات النقد الأجنبي 17.9 مليار دولار خلال الفترة من مطلع يناير إلى نهاية أكتوبر 2023، في حين بلغ إجمالي استخدامات والتزامات النقد الأجنبي 30.6 مليار دولار. وفي أكتوبر الماضي، اعتبر رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد أن تصريحات الدبيبة بشأن “وجود إنفاق مواز” بمثابة “تبرير لإخفاق حكومته في جميع المجالات، وآخرها افتعال أزمة وهمية لزيادة أسعار النقد الأجنبي في السوق الموازية”، متهما حكومة الوحدة بـ”إهدار مئات المليارات دون سند قانوني يجيز له ذلك”، لافتا إلى أن القضاء منع حكومة الدبيبة من التصرف في المال العام دون الالتزام بضوابط الإنفاق العام. ووصف حماد تصريحات الدبيبة بأنها “محاولات يائسة للقفز على ما ورد في تقرير ديوان المحاسبة لعام 2022 من فساد مالي وإداري”، داعيا الجهات المختصة إلى “اتخاذ إجراءاتها اللازمة تجاه ما ورد بالتقرير، وتطبيق القانون على مرتكبي الجرائم الواردة به”. وأفاد أن “الحكومة الليبية ومنذ منحها الثقة من مجلس النواب تقوم بالصرف وفقا للميزانيات المعتمدة من المجلس”، متهما حكومة الدبيبة بأنها “تمارس أساليب الكذب والتضليل من خلال وعودها الوهمية للشعب الليبي”، ومشيرا إلى أن السياسات المالية لحكومة الوحدة الوطنية أدت إلى “إهدار غير مسبوق للمال العام”، ودون تحقيق أيّ مصلحة للمواطن، وهو ما رآه يؤدي إلى “انهيار الاقتصاد وإفلاس الدولة بشكل عام”، ويرتقي إلى “جرائم جنائية تستوجب المحاسبة”. وتدخل النائب العام الليبي الصديق الصور الثلاثاء لنزع فتيل أزمة كانت في طريقها نحو التفاقم بالعاصمة طرابلس ، وذلك من خلال قراره بالأفراج عن عضو هيئة التدريس في قسم العلوم النووية بكلية الهندسة الدكتور بشير عريبي بعد إحالة ملفه من قبل جهاز الأمن الداخلي. واستنكرت جامعة طرابلس ما تعرض له عريبي من اقتياد من قبل مجموعة لم تسمّها إلى جهة غير معلومة. واعتبرت الجامعة أن هذه العملية تهديد لسلامة المختطف، ولسلامة الجامعة واستقرارها، داعية إلى إطلاق سراحه فورا دون قيد أو شرط. وطلبت جامعة طرابلس من الجهات المختصة تحمل مسؤولياتها بحماية عريبي وضرورة معرفة الجهة المسؤولة عن اقتياده بأسرع وقت، وباتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان سلامة أعضاء هيئة التدريس وحمايتهم داخل الحرم الجامعي. وأعلنت أسرة عريبي أنه تعرض للاعتقال داخل حرم جامعة طرابلس بعد مشادة كلامية بينه وبين عناصر الأمن، واصفة الواقعة بالاختطاف، لأنه حدث بعد مناقشته لعناصر الأمن حول معاملتهم مع أعضاء هيئة التدريس. بيانات مصرف ليبيا المركزي تظهر وجود فجوة في النقد الأجنبي بلغت 12.7 مليار دولار في الأشهر العشرة من العام الجاري وأغلق أهالي تاجوراء طريق “البيفي” وطريق الشط عند جزيرة “سبان” المدخل الشرقي للمدينة، وكوبري غوط الرمان، احتجاجا على اعتقال عريبي الذي يعد من أعيانها البارزين، وقالوا إنهم سيرفعون دعاوى جنائية لدى القضاء والمحاكم، ضد من شارك في ما سموها عملية “الاختطاف”، مشيرين إلى أنهم سيصعّدون الموقف. وأوضح ناشطون أن عملية اعتقال الأستاذ الجامعي جاءت بعد نشره تدوينة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، اتهم فيها عبدالحميد الدبيبة “بإهدار المال العام وأنه يصرف ما تبقى من نهب الميليشيات على الغناء والفنانين وليس مهم الصحة والتعليم”. في بالمقابل، أوضح جهاز الأمن الداخلي في طرابلس أن عريبي حرّض أعضاء هيئة التدريس بكلية الهندسة للاعتصام وإيقاف الدراسة بقصد تهديد الحكومة وإجبارها على تنفيذ مطالبهم. وتابع الجهاز “فوجئنا بدعوة تحريضية يقودها عريبي لإجهاض العملية التعليمية وإفشال العام الدراسي”، مردفا أن “الأستاذ المذكور تهجم على مؤسسات سيادية أمنية بالدولة بوصفها أنها هيئات إرهابية وقمعية” . وبحسب بيان الجهاز “تم التحقيق مع عريبي واعترف بما نسب إليه وأحيل إلى مكتب النائب العام من حيث الاختصاص”، مشيرا إلى أن أيّ تصعيد غير قانوني بقصد إجباره على تلبية رغبات خاصة لن يكون له أيّ تأثير، وفق نص البيان . وقال مكتب النائب العام إنه تم الإفراج عن عريبي والاتفاق مع أهالي تاجوراء على إعادة فتح الطرق والشوارع وتجاوز الأزمة قبل تفاقمها في ظل حالة الاحتقان الاجتماعي التي تعرفها البلاد وخاصة في المنطقة الغربية نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب وتراجع مستوى الخدمات.
مشاركة :