مسقط - العُمانية أشارت وزارة الاقتصاد ضمن الحصاد الاقتصادي لعامِ 2023م إلى أنّ سلطنة عُمان شهدت خلال هذا العام العديد من التطوراتِ والإنجازاتِ الّتي كان لها الأثر الإيجابي في الارتقاءِ بأداءِ الاقتصاد العُماني، وتحسين مستوى معيشة المواطن، وضمان استدامة توفير سُبُل العيش الكريم له، وبما ينْسجم مع الأولويات الوطنية وأهداف خطّة التنمية الخمسية العاشرة والتوجهات الاستراتيجية لـ "رؤية عُمان 2040". وقال سعادة الدكتور ناصر بن راشد المعولي وكيل وزارة الاقتصاد إنّ العام الجاري يختتم أعماله بتحسن نوعي في أداءِ الاقتصادِ العُماني والمؤشرات الاقتصادية إيجابية ومطمئنة، وتؤكد نجاح السياسات الاقتصادية والمالية المتخذة، وهناك توقّعات بمواصلةِ الاقتصاد العُمانيّ لتحقيقِ المزيد من النموِّ في عامِ 2024م من خلالِ مواصلةِ انتهاجِ سياسات اقتصادية مرنة تستجيب للمتغيراتِ العالميةِ واستمرار تبنّي سياسات اقتصادية مُحفّزة والعمل على التحسينِ المُستمر في الإجراءات والتشريعات الاقتصادية المختلفة. وأضافَ سعادته لوكالةِ الأنباء العُمانية أنّ هناك تقدّم ملحوظ في أداءِ الاقتصادِ العُماني لعام 2023م والذي يتضح في أداء المالية العامة للدولة، والتحسّن في التصنيفِ الائتماني إلى جانبِ مؤشّرات النموّ الإيجابية المؤشّرات الاقتصادية. وفيما يتعلق بالمؤشراتِ الاقتصادية أشار سعادته إلى نموِّ الناتج المحليّ الإجماليّ بالأسعارِ الثابتةِ بنسبةِ 2 بالمائة ليصل إلى نحو 26.4 مليارِ ريالٍ عُمانيٍّ حتى نهاية الربع الثالث من عام 2023م مُقارنة بنحو 25.9 مليار ريالٍ عُمانيٍّ خلال الفترة نفسها من عام 2022م، بالرغمِ من تراجعِ إنتاجِ النفطِ بنسبةِ 0.9 بالمائة. وبين سعادته أنّه على مستوى الأنشطةِ الاقتصاديةِ، فقد ارتفعت القيمة المضافة للأنشطة النفطية بالأسعار الثابتة بنسبة بلغت 0.5 بالمائة لتشكّل ما نسبته 34.3 بالمائة من الناتجِ المحلي الإجمالي حتى نهاية الربع الثالث من عام 2023م، في حين نمت القيمة المضافة للأنشطة غير النفطية بوتيرة أعلى وبنسبة بلغت 2.7 بالمائة مُشكّلةً ما نسبته 68.8 بالمائة. وأرجع سعادته هذا إلى الارتفاعِ في القيمةِ المضافةِ للأنشطةِ غير النفطية نتيجة لنموّ معظم الأنشطة الاقتصادية والّتي تراوحت معدلات نموّها بين 26.8 بالمائة لنشاط الاتصالات والمعلومات، و0.6 بالمائة لأنشطة الإقامة والخدمات الغذائية، وفي المقابل سجّل نشاط الإنشاءات ونشاط الصناعات التحويلية والأنشطة المالية وأنشطة التأمين تراجعًا بنسبة 5 بالمائة و2.6 بالمائة و9 بالمائة على التوالي. وحول المستوى العام للأسعارِ، أكّد سعادة الدكتور وكيل وزارة الاقتصاد أن الإجراءات الحكومية الاستباقية في عام 2023م أسهمت في حماية الاقتصاد العُماني من التضخمِ والمحافظة عليه في حدود آمنة، حيث تمكنت سلطنة عُمان من الحفاظ على معدلات التضخّم وِفق مؤشّر أسعار المستهلك ضمن الحدود المقبولة والآمنة وبما يضمن تفادي الانعكاسات السلبية على مستوى معيشة المواطنين، حيث بلغ معدل التضخّم نحو 1.03 بالمائة خلال الفترة (يناير- نوفمبر) من عام 2023م مقارنة مع 2.9 بالمائة خلال الفترة ذاتها من عام 2022م. تجدر الإشارة إلى أنّ معدلات التضخّم الشهرية اتجهـت نحو الانخفاض منذ بداية عام 2022م، حيث تراجعت من 4.4 بالمائة في يناير 2022م إلى نحو 0.6 بالمائة في نوفمبر 2023م، ويعزى ذلك إلى التدابيرِ والسياسات الحكومية المتخذة للتخفيف من حدة التضخّـم، أهمها تثبيت أسعار الوقود وفقًا لأسعار شهر أكتوبر 2021م ودعم المواد الغذائية الأساسية إلى جانبِ انخفاضِ مستوى الأسعار العالمية وخاصة للسلع الغذائية. وعلى صعيد أداء المالية العامة، أكد سعادته على مواصلةِ تحسن الوضع المالي خلال عام 2023م، على الرغم من انخفاضِ الإيرادات العامة بنسبة ملموسة بلغت 17.4 بالمائة لتصل إلى نحو 9.8 مليار ريال عُماني حتى شهر أكتوبر 2023م جراء انخفاض متوسط أسعار النفط ليبلغ 81 دولارًا أمريكيًّا للبرميلِ، وانخفاض الإنفاق العام بنسبة 15.8 بالمائة، ليبلغ نحو 9 مليارات ريالٍ عُمانيٍّ نتيجة لمواصلةِ تنفيذ إجراءات الضبط المالي، ما أدّى إلى تحقيقِ الميزانيةِ العامة للدولة فائضًّا ماليًّا مقداره 830 مليون ريالٍ عُمانيٍّ مقابل فائض مالي مقداره 1.21 مليار ريالٍ عُمانيٍّ في الفترة ذاتها من عام 2022م. وأوضح سعادته أنّ تحسن أداء الميزانية العامة إلى جانبِ تحسينِ إدارةِ المحفظةِ الاقراضية أدى إلى انخفاض إجمالي الدين العام لسلطنة عُمان بنحو 1.3 مليار ريالٍ عُمانيٍّ أي ما نسبته 7.4 بالمائة عن مستواه في نهاية عام 2022م، ليبلغ نحو 16.3 مليار ريالٍ عُمانيٍّ في نهاية شهر أكتوبر 2023م. وأشار سعادته إلى تحسّن التقييم الائتماني لسلطنة عُمان من قبل مؤسّسات التقييم الدولية الرئيسية والّتي أصدرت تقييمها في عام 2023م حول سلطنة عُمان، حيث رفعت وكالة "فيتش" تصنيفها الائتماني لسلطنة عُمان في سبتمبر 2023م إلى BB+ مـع نظـرة مسـتقبلية مسـتقرة، كما رفعت وكالة "ستاندرد اند بورز" التصنيف الائتماني للسلطنة في سبتمبر 2023م إلى BB+ مـع نظرة مستقبلية مسـتقرة أيضًا، وكذلك رفعت وكالة "موديز" تصنيفها الائتماني في مايو 2023م إلى Ba2 مع الإبقاء على نظرتها المستقبلية الإيجابية، وذلك نتيجة لتحسن مؤشّرات أداء المالية العامة ومواصلة تنفيذ إجراءات ومبادرات الضبط المالي وانخفاض مخاطر الديْن العام. وأكّد سعادته أن التحسن في التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان سينعكس إيجابًا على تهيئة البيئة الجاذبة للاستثمار واستقطاب أكبر عدد من الاستثمارات الخارجية النوعية، وتحسين صورة الاقتصاد العُماني لدى المنظمات الدولية والتي يعتمد على بياناتها المستثمرون لاتخاذ قرار الاستثمار في بلد معين من عدمه. وأشار سعادته إلى أن خطة التنمية الخمسية العاشرة بعد مضي 3 سنوات من تنفيذها تسير وفق الخط الزمني المرسوم لها، وتسرّع في تحقيق مستهدفات "رؤية عُمان 2040"، موضحًا أنّ الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بلغ 31.4 مليار ريالٍ عُمانيٍّ حتى الربع الثالث من عام 2023م أي يتجاوز المستهدف والمقدر ضمن الخطة بـ 30.1 مليار ريالٍ عُمانيٍّ، كما بلغ معدل النمو للأنشطة غير النفطية 2.7 بالمائة وهي نسبة قريبة من المخطط 3 بالمائة. وأكد سعادته أن "معدل التضخم مُطَمْئِن ولا زال في الحدود الآمنة والمعقولة، فقد بلغ معدل التضخم 1.03 بالمائة حتى نوفمبر 2023م، في حين أن المخطط له وفقًا لِخطّة هذا العام أن يبلغ 3.4 بالمائة". وحول الموقف التنفيذي للبرامج الاستراتيجية لخطة التنمية الخمسية العاشرة، أوضح سعادته أنه جاري تنفيذ 85 بالمائة من البرامج أي ما يعادل 367 من 430 برنامج استراتيجي. وبالنسبة لقطاعات التنويع الاقتصادي في الخطة، بيّن سعادته أنّ قطاعات الزراعة والسياحة والتعدين حققت معدلات نموّ تجاوزت المخطط لهذا العام وهي على التوالي 1.4 بالمائة و1.8 بالمائة و0.7 بالمائة مقارنة بالمخطط 1.2 بالمائة وواحد بالمائة و0.6 بالمائة، في حين أنّ الصناعات التحويلية وقطاع النقل والخدمات اللوجستية لا تزال نسبة نموّهما بعيدة عن المخطط لعام 2023م، أما قطاعي التعليم والثروة السمكية فقد بلغت نموّها بالترتيب 0.9 بالمائة مقارنة بالمخطط واحد بالمائة، و4.8 بالمائة مقارنة بالمخطط 4.9 بالمائة. وعن البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي، قال سعادته إنه من خلال عمل البرنامج في المرحلة الأولى واعتمادًا على الأدوات الاستراتيجية، خرج البرنامج بحزمةٍ من السياسات المقترحة والمبادرات التنفيذية للمساهمة في حلحلة التحديات وتعزيز القاعدة الإنتاجية في القطاعات الاقتصادية بالتركيز على العلاقات التشابكية بين القطاعات المحددة، وهي: التجمع الاقتصادي المتكامل في محافظة الداخلية، والتجمع الاقتصادي المتكامل بمنطقة شليم، والتجمع الاقتصادي المتكامل بمنطقة النّجد، إضافة إلى التجمع الاقتصادي لسلسلة التبريد في الدقم، والتجمع الاقتصادي المتكامل في منطقة صحار. وأكد سعادته أن البرنامج انتهى من تحليل سلاسل القيمة للتجمعات الاقتصادية الخمسة المرتبطة بقطاعات التنويع الاقتصادي بالتعاون مع أكاديمية الابتكار الصناعي، حيث تم رصد أبرز التحديات والفرص المتعلقة بها، والفرص الاستثمارية المتعلقة بهذه التجمعات وتأطير الأبرز منها والممكنات، مبينًا أن البرنامج قام باقتراح الحوكمة المناسبة لهذه التجمعات، وأجرى عددًا من الزيارات الميدانية للمواقع المقترحة لهذه التجمعات للالتقاء بشكل مباشر بالجهات ذات العلاقة ومعرفة الجهود القائمة وسير الأعمال بالإضافة إلى التنسيقِ مع الجهات المنفذة والمساندة لهذه المخرجات والعمل معها على وضع خطط أولية للتنفيذ، وسيقوم البرنامج بعد اعتماد هذه المخرجات من مجلس الوزراء بشكلها النهائي بإعداد مؤشرات لقياس الأداء ومتابعة التنفيذ لهذه المخرجات وسيتولى البرنامج دور التقييم والمتابعة وتتولى الجهة المنفّذة تطوير وتنفيذ هذه المخرجات. ولفت سعادته إلى الجهود الحثيثة التي أولتها الحكومة لقطاع الطاقة المتجددة والوصول إلى اقتصاد أخضر يستجيب للاحتياجات الوطنية وينسجم مع التوجهات العالمية، مؤكِّدًا أن سلطنة عُمان تمضي قُدُمًا وبخطى متسارعة في مجال الهيدروجين والطاقة المتجددة، فقد تم مؤخرًا الاتفاق على 6 مشاريع هيدروجينية عالمية المستوى في "قمة عُمان للهيدروجين الأخضر"، وبتكلفة تقديرية تبلغ 38 مليار دولارٍ أمريكيٍّ في محافظتي الوسطى وظفار، وعند تشغيلها بحلول عام 2030م تستهدف إنتاج نحو مليون طنٍّ سنويًّا من الهيدروجين الأخضر. كما أكد سعادته أن سلطنة عُمان تأتي في في طليعة الدول في استخدام الطاقة النظيفة، وتمتلك البنية الأساسية لمشاريع إنتاج وتصدير الهيدروجين، إلى جانب وجود حوافز جاذبة للمستثمرين في هذا المجال، ما يؤهلها أن تكون أحد أكبر المنتجين للهيدروجين الأخضر على مستوى العالم بحلول عام 2030م، وتكلّل هذا السعي الجاد بالتوجيهات السامية بإنشاء مركز عُمان للاستدامة لضمان تنفيذ الخطة الوطنية للحياد الصفري. وقد شهد عام 2023م صدور عدد من القوانيين والتشريعات الحاكمة للإطار التشريعي للشأن الاقتصادي بسلطنة عُمان ودعم استمرار زخم النمو الاقتصادي في هذا العام، أبرزها: قانون الحماية الاجتماعية، وقانون العمل، وقانون الدين العام، وقانون السياحة إضافة إلى نظام صندوق الحماية الاجتماعية. وأكد سعادة الدكتور وكيل وزارة الاقتصاد أنّ هذه القوانين ذات تماس مباشر بالشأن الاقتصادي وهي ببعديْها الاقتصادي والاجتماعي تمثل محركًا أساسيًا في التنمية الاقتصادية، وإيلاء الحكومة هذا الاهتمام بالمنظومة التشريعية يعكس العمل الجاد للوصول إلى تحقيق المستهدفات الوطنية المرتبطة بالمحاور الأربعة في "رؤية عُمان 2040" وهي محور الإنسان والمجتمع، والاقتصاد والتنمية، والبيئة، والحوكمة والأداء المؤسسي. كما شهد هذا العام افتتاح عدد من المشاريع الكبرى برعاية سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظّم -حفظه الله ورعاه- وهي الأكاديمية السُّلطانية للإدارة المختصّة بإعداد وتطوير الكوادر العُمانية في القطاعين الحكومي والخاص اتساقًا مع مسارات الاقتصاد الجديد، ومتحف عُمان عبر الزمان بمحافظة الداخلية كجهةٌ عالميةَ المستوى، تحفظ الإرث الثقافي وتسلط الضوء على الطابع الفريد لسلطنة عُمان، إضافةً إلى تدشين مدينة السُّلطان هيثم التي تُعد نموذجا للمدن المستقبلية في سلطنة عُمان ووجهة جاذبة ومعززة للاستثمار. وأشار سعادته إلى المبادرات والمشاريع الاستراتيجية الأخرى التي يؤمل أن تنعكس إيجابيًا على النشاط الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة المواطن، فقد تمّ خلال عام 2023م اتّخاذ عدد من المبادرات والمشاريع أبرزها إنشاء مدينة خزائن الاقتصادية في محافظة جنوب الباطنة، والبدء في إقامة مشروع مدينة رياضية متكاملة تستقطب استضافة البطولات والمسابقات على المستويين الإقليمي والعالمي، وافتتاح مشروع "ربط" الاستراتيجي (المرحلة الأولى) الذي تنفذه الشركة العُمانية لنقل الكهرباء، والإعلان عن إطلاق صندوق عُمان المستقبل في نهاية مايو 2023م وبرأسمال قدره مليارين ريالٍ عُمانيٍّ ضمن إطار المساعي المستمرة لجهاز الاستثمار العُماني نحو تعزيز التنويع الاقتصادي وتمكين القطاع الخاص ودعم المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة وجذب الاستثمار الأجنبي. وأكّد سعادة الدكتور ناصر بن راشد المعولي وكيل وزارة الاقتصاد في ختام تصريحه على مواصلة الاقتصاد العُماني نموه وتعزيز تنافسيته ويستشرف المستقبل ويواصل مسيرة البناء والتنمية التي يقودها حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظّم -حفظه الله ورعاه- للمُضِيّ قُدُمًا نحو مستقبل أفضل وأرحب.
مشاركة :