الجوائز الأدبية.. تحفيز ملهم لإثراء المشهد الإبداعي

  • 12/31/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

هزاع أبوالريش (أبوظبي) تعتبر الجوائز الأدبية حافزاً مُلهماً للمبدع، وتثميناً لإبداعه، وتُكلل جهوده بدوافع الاستمرارية نحو تألق إبداعي برفد ثقافة الوطن بإنتاجات فكرية، تسهم بفاعلية في صياغة مشهد إبداعي رائد ومتفرد يُمثل قيمة وإضافة نوعية إلى المنجز الوطني، كما تُبرز الشخصيات الوطنية المبدعة القادرة على مواكبة التحديات وصناعة مستقبلٍ مليء بالإنجازات التي ترك بصماتها على صفحات تاريخ الثقافة. وفي سياق الحديث الجوائز الأدبية ودورها في إثراء المشهد الإبداعي، قال الكاتب عبدالله محمد السبب: «نظراً لما لها من حضور في ذهنية المبدع، من حيث أهمية وجودها، فإنها تخلق دافعية لتجويد منتجه الإبداعي، حيث إن المعايير التي تحكم مختلف الجوائز، والفئات المستهدفة، والمراحل العمرية المشترطة، كل ذلك مدعاة للتحفيز، من أجل ضمان واستقطاب المشاركة المتميزة التي تثري المشهد الإبداعي الذي ينتمي إليه، سواء أكان محلياً أم عربياً، وسواء أكان الجنس الإبداعي شعراً، أم قصة، أم روايةً، أم مقالاً، أم مسرحاً. والمهم في ذلك هو: ما هي أفضل طريقة للإعلان عن تلك الجوائز؟ وكيف يتسنى للمبدع الانخراط فيها وهو على يقين بأن الفترة المتاحة كافية للمشاركة؟ مبيّناً أن المشهد الإبداعي بحاجة إلى إثراء دائم متنوع ومستمر، والجوائز الأدبية من العناصر الفاعلة المساهمة في هذا الإثراء الثقافي الغني والغزير. سلبيات وإيجابيات وأوضحت هاجر العيسى، المؤسس والمدير التنفيذي لمنار المعرفة للاستشارات الإدارية والتدريب، أن الجوائز بشكل عام تضمن تحفيز المبدع مادياً ومعنوياً ليستمر في مشروعاته الإبداعية الأدبية. ويعتبر التحكيم من أكثر النقاط أهمية، وقد يطرح البعض في هذا السياق سؤالاً حاسماً: ما هي معايير التحكيم في الجوائز الأدبية محلياً وعربياً؟ مضيفة: ومع أهمية الجوائز لنقف وقفة صريحة، حيث إن التحفيز لبعض المبدعين قد يكون مطلوباً، ولكنه يجب ألا يتحول أيضاً إلى هوس يقلص مساحة الخيال والتجريب لصالح الاشتراك في المسابقات، ولذا نجد أن المبدعين الفائزين بالجوائز الكبرى، قد لا يستطيعون أحياناً التحرر بسهولة من أسر أضوائها وشهرتها وينغمسون في الحالة الخاصة بالتتويج وقد يمنعهم الفوز فيما بعد من تقديم أعمال على نفس المستوى أو التحرر من المعايير لإبراز إبداعاتهم الأدبية. وأحياناً قد تكون هناك ظروف معينة وسياق عام يعزز فرص فوز الأعمال الأدبية زيادة على مستوى الإبداع الفكري الذي تقيم على أساسه. وأشارت العيسى إلى أن أي تجربة ثقافية كالمشاركة في الجوائز الأدبية قد تكون لها سلبيات وإيجابيات، وفي مقدمة الأوجه الإيجابية، في المشهد الثقافي الإبداعي المحلي والعربي أن بعض الجوائز غيرت وعززت مفاهيم الإبداع الأدبي حيث كان لها بالغ الأثر في تنشيط عجلة النشر والرواية، ولكن ليس من المطلوب أن يكون السعي وراء الجوائز شغفاً في حد ذاته، إلى درجة أن بعض ذوي التجربة الأدبية المحدودة في الأساس قد يطمحون لنيل تلك الجوائز. واختتمت مؤكدة أهمية رعاية استمرار وتطوير المشروع الأدبي أو الفكري للكاتب الفائز، وتهيئة المجال له للاستمرارية والمتابعة لتحقيق الفائدة المرجوة سواء على الصعيد المحلي أو العربي. الأثر التحفيزي الملهم وقالت الدكتورة أمل حميد بالهول، إننا إذا عرفنا علاقة الأديب بمنتجه، وترقبه رأي الناقد والمتمثل في «لجان الجوائز» التي سيراجع أعضاؤها عمله قبل إعلان النتيجة فسنتعرف على حالة ترقب وتشويق يعيشها الأدباء المتقدمون تختلف عن التوتر والقلق المتوقع من أمثالهم كالفنانين من الرسامين في الجوائز الأخرى، والسبب أن اختلاف الفهم بين الكاتب والناقد قد يؤدي أحياناً إلى اتساع مسافة التلقي بينهما، ويؤثر سلباً على الحركة النقدية الجادة باعتبارها محركاً لعملية تطور الحركة الأدبية، مضيفة أن عدم تحديد مهام النقد وتعدد مذاهبه وعدم وضع مواصفات خاصة بالنقاد أحياناً في بعض دولنا العربية تحديداً قد لا تعزز العلاقة بين الكاتب والناقد التي من المفترض أن تكون علاقة تكامل بحيث يكمل أحدهما الآخر لمواكبة التطور في الحركة الأدبية العالمية. وتابعت بالهول: إن أكثر التهم الموجهة أحياناً للناقد غير المحترف أو غير الموضوعي هي تدخل انطباعاته وأهوائه الشخصية في عمله النقدي مجانباً المنطق في إصدار أحكامه التي هي في الغالب أحكام غير ملائمة ولا تخدم تجويد النص الأدبي وقد تحمله ما لا يحتمل من آراء وأبعاد، فالنقد غير البناء يهدم حيث يتوجب البناء، ويبث الشك حيث يتطلب الأمر تعزيز الثقة بالنفس والتشجيع وبث الأمل. وبينت بالهول أن تيار النقد يندفع في مجرى ثلاثي زواياه: (الناقد/ القارئ/ الأديب). والنقد البناء والناجح هو الذي يستفزّ إبداع الأدباء ليدفعهم نحو الرقي بأعمالهم، ويرضي القراء حين يكشف لهم عمّا خفي من جماليات في العمل الأدبي، من مختلف جوانبه الإبداعية. إضافة حقيقية أكد هشام المظلوم، مصمم إماراتي، أن الجوائز بمختلف أنواعها وفروعها ورؤيتها يمكن أن تختزل في عدة نقاط، وهي: دور المبدع والإضافة الحقيقية في الابتكار، والإضافة إلى الثقافة العربية من خلال كتابة النقد والإبداع الفني والمسرحي، بحيث تترك طابعاً معبراً عن مدى المصداقية التي يقوم بها المبدع ومكانة المحتوى الذي يقدمه من خلال ديمومة عطاء هذا المبدع، وتحفيز الأجيال الجديدة للتواجد والمشاركة والحضور الإبداعي الملهم، مشيراً إلى أن الدور الثقافي الإيجابي لهذه الجوائز ليس مقتصراً فقط على المستوى المحلي أو العربي، وإنما هو ممتد على الصعيد الإنساني ككل، فهناك ترجمات عديدة للإصدارات والمؤلفات وتنتج أفلام كثيرة للمشاريع الثقافية والفنية، وهذا ما يجعلها تؤكد على دور التواصل مع الآخر والتعريف بالمبدع وإيصال أعماله لشريحة أكبر من الجمهور.

مشاركة :