* كروائية لديك عدم قناعة بالوصايا الكتابية التي يقدمها الكثير من الكتاب، لكنك تنظرين لمطبخ الروائي الألماني"زيبالد" الكتابي برؤية مختلفة، ما سر هذه الرؤية؟ وكيف وجدتي الوصايا؟ - يعثر الكاتب على صوته الخاص حين يخون وصايا الآخرين، وحين ينصت إلى منطق عمله، مستلهماً أسلوب الكتابة وتقنياتها من العمل نفسه وما يقترحه عليه، إذ لكل عمل فني لاوعي خاص به، وعلى الكاتب أثناء الكتابة أن ينتبه إلى المخبوء في لاوعي نصه، ويواصل الكتابة استرشاداً بمقترحات النص. إن كان ثمة "قواعد" ما يسترشد بها الكاتب، فالمفترض به أن يستخلصها من خبراته في الكتابة؛ من المشكلات التي تواجهه والحلول التي يكتشفها له، وحتى هذه "القواعد" تكون متغيرة ومرنة، يستمتع الكاتب بالتلاعب بها وخيانتها وإعادة اختبارها، كما أنّ الأمر يختلف من عمل لآخر، ففي رواية ما قد يكون المكان هو البطل الرئيسي ورواية أخرى قد تتطلب الغوص النفسي داخل الشخصيات، وثالثة قد يكون سرها في تقديم الشخصيات كظلال شبحية ملتبسة، وكل مثال من الأمثلة السابقة يتطلب مقاربة حساسة ومختلفة. لا أقول إنني ضد قراءة نصائح الكتاب الآخرين والتعرف على خبراتهم مع الكتابة، فقط أرفض التعامل معها كقواعد صارمة ينبغي اتباعها لمجرد أنها صادرة من كتاب مهمين، قد يستهويني التعرف على مطابخ كتابيّ المفضلين بدافع الفضول، أو لأنها يمكن أن تعينني على فهم أعمق لعوالمهم الإبداعية، لكنها ليست قاعدة ملزمة بالضرورة. الكاتب الملتزم بقواعد معينة هو الكاتب المتوسط، فالكتاب الجيدون يكسرون القواعد ويتمردون عليها، وفي سياق مقارب أنظر لشيوع محترفات الكتابة بتحفظ، فهي وإن كانت مفيدة للكتاب المبتدئين بشرط توافر الموهبة بالطبع، لكن لا يمكننا التغاضي عن جوانبها السلبية المحتملة ومنها تصدير أسلوب المشرف على المحترف إلى الكتاب المشاركين فيه، أو قولبة أعمالهم وفق قوالب وقواعد صماء في حين أن الأصل في الإبداع الخروج على القواعد وتحطيم القوالب الجامدة.
مشاركة :