نسبتْ العربُ كلَّ عجيب إلى وادي عبقر؛ فإذا استعظموا شيئاً قالوا: هذا عبقري! قال الراغب: «عبقر: هو موضع للجن، ينسب إليه كل نادر من إنسان وحيوان، وثوب». قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: سَأَلتُ أَبَا عَمْرو بْن الْعَلَاء عَن العبقري فَقَالَ يُقَال: هَذَا عبقري قوم كَقَوْلِك: هَذَا سيد قوم وَكَبِيرهمْ وقويهم. قال طرفة بن العبد: مَن عائِدي اللَّيلَةَ أم مَن نَصيحْ بِتُّ بِنَصْبٍ، فَفُؤادي قَريحْ عالَينَ رَقماً، فاخراً لَونُهُ منْ عَبْقَرِيٍّ، كَنَجيعِ الذّبيحْ وفي اللسان: هو أبرد من عبقر، ويرويه أبو عمرو بن العلاء: أبرد من عبّ قر، والعب اسم للبرد الذي ينزل من المزن، وهو حب الغمام، فَالْعَيْنُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْحَاءِ. والقُرُّ: البَردُ؛ وأَنشد: كأَنَّ فَاهَا عَبُّ قُرٍ باردٌ أَو ريحُ مِسْكٍ مَسَّه تَنْضاحُ رِكْ وَيُرْوَى: كأَنَّ فَاهَا عَبْقَرِيٌّ بَارِدٌ.. ولقد حدَّثنا الرواة عن شياطين الشعراء، كما حدثونا عن وادي عبقر؛ الذي تسكنه الجن، بل إن الشعراء أنفسهم حدثونا في أشعارهم عن أسماء شياطينهم، «فلاحظ بن لاحظ» شيطان امرئ القيس، و«أبو مسحل» شيطان الأعشى، و«هبيد» شيطان عبيد بن الأبرص، «وهارد» شيطان النابغة. وكان الشاعر القديم صاحباً للجن والجن أهل قوة، ووحشة، وخفة، وجسارة تخترق الحجب. قال حسان: ولي صاحبٌ من بني الشيصبان فطـــــــــوراً أقـــــــــــــــول وطــــــــــــوراً هـــــــــــــــوه ولعله إنما خاطبه حيث قال: أسألت رسم الدار ألم تسأل..؟ وقال قيس بن الخطيم: أتعرف رسماً كاطراد المذاهب..؟ وقد سار على هذا النهج عمر بن أبي ربيعة وهو إسلامي حضري مكي فقال مثلاً: ألم تسأل الأطلال فالمتربعا وكتب الأدب مشحونة بمثل هذا! ولم تقتصر خرافة الجن على الأدب، بل تعدته إلى الحماسة والشجاعة والقتال! فهذا «تأبط شراً» ثابت بن جابر بن سفيان، كان يدعي أنه لقي الغول، ويصف ذلك في الشعر؛ ومما يروى له: ونار تنورتها موهناً فبت لها مدبراً مقبلا فأصبحت والغول لي جارة فيا جارتا لك ما أغولا Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :