فجوة التمويل التجاري تعوق الاقتصادات النامية «1 من 2»

  • 1/6/2024
  • 20:47
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

من الواضح أن الاقتصاد العالمي بدأ يفقد زخمه. فمع انخفاض التوقعات لكل من الناتج والتجارة إلى مستويات أقل كثيرا من المتوسط في الأمد البعيد، أصبح إحياء النمو أولوية قصوى من منظور صناع السياسات في كل مكان. ويعد تمويل التجارة من الأدوات المتاحة تحت تصرفهم، ولا تحظى بالتقدير الكافي. ليس سرا أن الدول التي حققت نموا مرتفعا مستداما وتمكنت من خفض معدلات الفقر بشكل كبير في العقود الأخيرة تدين بقدر كبير من نجاحها للتجارة الدولية. حقيقة أخرى أقل استرعاء للانتباه هي أن التجارة عبر الحدود ستتضاءل للغاية في غياب التمويل التجاري، رأس المال العامل للمصدرين والمستوردين الذي يمكنهم من تخفيف أخطار الدفع المتأصلة في المعاملات الدولية. يكمن أحد الأسباب وراء إغفال أهمية تمويل التجارة في توافره بتكاليف معقولة في الاقتصادات المتقدمة. لكن هذه ليست الحال في الدول منخفضة الدخل، حيث تبدي البنوك الأجنبية شهية محدودة للعمل في أفضل الأوقات. وفي ظل إحكام المتطلبات التنظيمية على نحو متزايد ـ عندما يتعلق الأمر بكفاية رأس المال، وغسل الأموال، وإنفاذ العقوبات ـ تضاءلت جاذبية هذه الأسواق بدرجة أكبر. الخلاصة هي، أن الوصول إلى التمويل التجاري يتسم بالتفاوت الشديد بين الدول وشركات الأعمال. يظهر بحث جديد مشترك بين مؤسسة التمويل الدولية ومنظمة التجارة العالمية أن 25 في المائة على الأكثر من التجارة في غرب إفريقيا ومنطقة الميكونج مدعومة بتمويل التجارة، مقارنة بنحو 60 إلى 80 في المائة في الاقتصادات المتقدمة. حتى عندما تتمكن الشركات في غرب إفريقيا من الوصول إلى التمويل التجاري، فإن أسعار الفائدة التي تحصل عليها تكون أعلى كثيرا من سعر الفائدة المحلي، حتى رغم أن تمويل التجارة ينظر إليه عموما على أنه منخفض الأخطار، لأن البضائع التي تشحن تعمل كضمان. تبلغ العلاوة على الأسعار القياسية المحلية نحو أربع إلى عشر نقاط مئوية للشركات الضخمة، وسبع إلى 17 نقطة مئوية للشركات صغيرة الحجم، مقارنة بنحو نقطة مئوية واحدة أو أقل لشركات الاقتصادات المتقدمة. في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، تقترب الفجوة بين الطلب على تمويل التجارة والمعروض منه من 2.5 تريليون دولار، وفقا لتقديرات بنك التنمية الآسيوي. وتزداد الفجوة اتساعا بين المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة ومتوسطة الحجم والشركات التي تقودها نساء، واللاتي هن أكثر عرضة، مقارنة بالرجال، لرفض تمويل تجارتهن. وبخلاف ذلك، يجب في كثير من الأحيان التخلي عن معاملات مجدية. الواقع أن سد فجوة التمويل التجاري لن يحقق أرباحا كبيرة للتجارة العالمية فحسب، بل سيساعد الدول أيضا على إيجاد فرص العمل، والحد من الفقر، وضمان الوصول إلى السلع الحرجة مثل الغذاء والدواء. تشير تقديرات خبراء الاقتصاد في منظمة التجارة العالمية إلى أن زيادة تغطية تمويل التجارة من 25 إلى 40 في المائة ـ وهو سيناريو واقعي تماما ـ من شأنها أن تزيد التدفقات التجارية السنوية بنحو 8 في المائة في المتوسط. ومع اكتساب الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وغيرها القدرة على الوصول إلى شبكات الإنتاج والتجارة العالمية، على النحو الذي يعزز النمو وتشغيل العمالة، ستصبح التجارة العالمية أكثر تنوعا، وديناميكية، وشمولا على المستوى الاجتماعي. خاص بـ«الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2023.

مشاركة :