تحليل إخباري: التصعيد بين الجماعات المسلحة العراقية والقوات الأمريكية يفاقم التوترات في الشرق الأوسط

  • 1/8/2024
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

منذ اندلاع القتال بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في قطاع غزة ومحيطه في السابع من أكتوبر الماضي، تصاعدت المواجهة بين الجماعات المسلحة العراقية والقوات الأمريكية المتواجدة في المنطقة بشكل ملحوظ. ويرى محللون أن التوتر والتصعيد بين الطرفين يؤدي إلى تفاقم التوترات وزعزعة الاستقرار الهش في الشرق الأوسط، وامتداد التداعيات غير المباشرة للصراع بين حماس وإسرائيل إلى أوسع نطاق في المنطقة. -- العين بالعين في الثامن من ديسمبر الماضي تعرضت السفارة الأمريكية لدى العراق في المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد لهجوم بالصواريخ للمرة الأولى منذ تشكيل الحكومة العراقية الحالية، وأمر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في نفس اليوم بملاحقة مطلقي الصواريخ. وقال السوداني حينها "إن استهداف البعثات الدبلوماسية أمر لا يمكن تبريره ولا يمكن القبول به تحت أي ظرف ومهما كانت الإدعاءات والأوهام التي تقف وراء هذه الأفعال المشينة". وفي الآونة الأخيرة شنت فصائل عراقية شيعية مسلحة تطلق على نفسها اسم "المقاومة الإسلامية في العراق" عدة هجمات ضد قواعد عسكرية عراقية يتواجد فيها مستشارون من قوات التحالف الدولي وقواعد أمريكية في سوريا بطائرات مسيرة وصواريخ. ووضعت الجماعة المسلحة هجماتها في إطار "مقاومة قوات الاحتلال الأمريكي في العراق والمنطقة، والرد على عدوان إسرائيل بحق غزة". وردا على تلك الهجمات نفذت القوات الأمريكية ضربات في 26 ديسمبر الماضي على ثلاث منشآت تستخدمها كتائب حزب الله العراقي والجماعات التابعة لها في العراق، ما أدى إلى مقتل أحد أفراد الأمن وإصابة 18 آخرين بجروح مختلفة. وفي 4 يناير الجاري، قتل قائد لواء بقوات الحشد الشعبي ومساعده وأحد مرافقيه وأصيب خمسة آخرون في ضربة نفذتها طائرة مسيرة على مقر للحشد الشعبي شرقي بغداد، وحملت السلطات العراقية التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية الهجوم. ووصف الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول الهجوم بأنه اعتداء سافر وصارخ على سيادة العراق وأمنه ولا يختلف عن الأعمال الإرهابية باستهداف أحد المقار الأمنية في العاصمة بغداد. وقال لياو باي تشي، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط التابع للمعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن استمرار الهجمات والانتقامات المتبادلة بين الجانبين يؤدي إلى تفاقم التوترات في الشرق الأوسط، وقد تمتد نيران الصراع إلى مزيد من الدول في المنطقة في حال تصاعد الوضع المستمر. كما حذر المحلل السياسي العراقي صباح الشيخ من أن الأعمال العسكرية المفرطة قد تعطل جهود مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في البلاد وقد تخلق فراغا أمنيا يمكن لمسلحيه استغلاله. -- دعوات لإنهاء وجود التحالف الدولي في العراق في نهاية عام 2021 أنهى العراق "المهام القتالية" لقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على أن يبقى بحدود 2500 جندي للعمل بصفة مدربين ومستشارين يقدمون المشورة والإسناد والدعم الاستخباري للقوات العراقية في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وفق إحصائيات غير رسمية. وبجانب قوات التحالف المتواجدة في العراق تنتشر قوات أمريكية في عدة قواعد عسكرية بسوريا. لكن ونتيجة للهجمات الأمريكية على المواقع العسكرية في العراق والخسائر البشرية والمادية الناجمة عنها، دعت جماعات مسلحة عراقية إلى طرد قوات التحالف الدولي من العراق. وكان رئيس الوزراء العراقي قد أكد في 28 ديسمبر الماضي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإسباني بيدرو سانشيز، أن الحكومة العراقية ماضية باتجاه إنهاء وجود قوات التحالف الدولي في البلاد، قائلا إن "الحكومة العراقية في طور إعادة ترتيب العلاقة مع التحالف الدولي في ظل وجود قوات عراقية متمكنة". وفي 5 يناير الجاري أكد السوداني مجددا موقف حكومته "الثابت والمبدئي" في إنهاء وجود التحالف الدولي بعد أن "انتهت مبررات وجوده" في العراق، في كلمة ألقاها بالحفل التأبيني الذي أقامته هيئة الحشد الشعبي في الذكرى الرابعة لمقتل نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني. ويعتقد مراقبون أن انحياز الولايات المتحدة لإسرائيل في الجولة الجديدة من الصراع العنيف مع حماس وهجماتها على أهداف في العراق مؤخرا أثار استياء الشعب العراقي من الإدارة الأمريكية والتحالف الدولي، كما أعطى جماعات مسلحة عراقية فرصة ومبررا للدعوة إلى طرد قوات التحالف. وذكر المحلل السياسي العراقي ناظم عبد الله "أن الولايات المتحدة ارتكبت جرائم إنسانية بشعة ضد العراقيين تحت شعار حماية حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية منذ شنت الحرب على العراق في عام 2003". وقال صباح الشيخ إن الضربات الجوية الأمريكية القاتلة فتحت الباب للتشكيك في هدف وجود قوات التحالف الدولي في العراق، والتي أعلنت السلطات العراقية مرارا وتكرارا أنها كانت بناء على دعوة من الحكومة العراقية للتدريب وتقديم المشورة لقوات الأمن العراقية في القتال ضد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية، وأن هذه القوات لم تعد لها مهمة قتالية في البلاد. كما قال لياو باي تشي إن هناك عواطف قوية معادية للولايات المتحدة في بعض دول المنطقة، خاصة بعد اندلاع الصراع في غزة في 7 أكتوبر الماضي، مشددا على أن "الحقائق والتاريخ تثبت مرة أخرى أن سياسات الهيمنة التي تنتهجها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لا تحظى بشعبية".

مشاركة :