أثارت مواطنة ثلاثينية دهشة الأهالي وفضولهم في ساحل منطقة المعمورة برأس الخيمة، مطلع الأسبوع الجاري، ليتجمهر عدد منهم قريباً منها، متسائلين عما تفعل على الساحل وداخل مياه الخليج العربي، واكتشفوا أنها أطلقت مبادرة بيئية فريدة من نوعها تنفذها بنفسها وحيدة. الخليج ذهبت لتتعرف أكثر إلى المواطنة الشابة وتسلط الضوء على مبادرتها غير المألوفة. أم ليلى هكذا اكتفت بتعريف نفسها، تقول إنها أطلقت مبادرتها قبل نحو أسبوعين، وتواظب على تنفيذها منذ ذلك الحين يومياً، وتنصب مبادرتها على تنظيف البحر وشاطئه بنفسها وبيديها، دون الاستعانة بأي عمالة أجنبية، مرتدية فوق رأسها مظلة ظلال، في اللهجة الإماراتية، أو شمسية تقيها الشمس وحرارتها، ومستخدمة في يديها عصا حديدية طويلة، يقدر طولها بنحو 3 أمتار لاستخراج النفايات والمخلفات التي يلقيها البعض من جوف البحر وأكياس خيش لوضع النفايات التي تجمعها ونقلها لاحقاً إلى المكبات والأماكن المخصصة لها. وتقول أم ليلى التي تسكن منطقة جلفار أو الجولان، من ضواحي مدينة رأس الخيمة، إن هاجسها الذي دفعها إلى إطلاق مبادرتها وتنفيذها بنفسها هو الحس الوطني والغيرة على صورة الإمارات في عيون السياح والآخرين، وحبها الغريزي للخليج كمواطنة إماراتية، في ظل العلاقة الوثيقة بين أبناء الدولة والبحر، واهتمامها بالقضايا البيئية، وما تشاهده وتعانيه بين فترة وأخرى من تعديات أفراد وأسر وجهات من مرتادي الشواطئ وغيرهم على البيئة البحرية المحلية. صاحبة المبادرة تحمل شهادة ثانوية عامة، ودرست في كلية التقنية العليا، لكنها لم تكمل دراستها فيها لظروف خاصة. تؤكد أنها لم تأبه بالعيب وثقافته المتفشية في مجتمعاتنا، ولا بالنظرة الدونية لدى كثيرين تجاه من يتولون أعمال النظافة في أماكن ومرافق عامة، معتبرة أن غيرتها على صورة وطنها والمظهر الحضاري والجمالي للدولة أكبر من نظرات الدهشة والاستغراب والفضول في عيون كثيرين. وتشير إلى أنه سبق لها أن نفذت مبادرات أخرى متفرقة، لكنها كانت ذات مدى أقصر، كتنظيف جزء من شارع عام في منطقة النخيل التجارية والحيوية بمدينة رأس الخيمة، بعد أن أثارت صورة كمية من النفايات استياءها، لتتوجه إلى المكان وتجمع المخلفات من الشارع العام، مؤكدة أنها في تلك المبادرة وسواها من مبادراتها لم تلجأ أو تستعين بالجهات المختصة بشؤون النظافة العامة وحماية البيئة، التي تؤكد أنها تبذل جهوداً كبيرة للمحافظة على النظافة العامة وحماية البيئة، وفضلت العمل بنفسها وبيديها. توضح أم ليلى (39 عاماً)، أن أكثر ما تستخرجه من مياه الساحل، على مقربة من الرمال، هو البلاستيك، أو المواد المصنعة منه، وهو ما يشكل خطراً على البيئة البحرية وتهديداً لسلامة أحيائها، في حين يلفت نظرها كثرة العبوات والقطع الزجاجية المكسورة، العائدة للعصائر والمشروبات الغازية، ملقاة على الشاطئ بصورة تؤذي الأهالي والسياح والمتنزهين، وربما تؤدي إلى جرحهم، وتشوه المظهر الحضاري والجمالي للساحل. صديقة البحر تؤكد أنها لم تخبر أهلها وأشقاءها بمبادرتها، والوحيدة التي تعلم بها هي والدتها التي تحذرها وتخاف عليها من أن يلحقها أي أذى من جهة البحر أو سواه، مشيرة إلى أن جميع من شاهدوها وهي تعمل بيديها في تنظيف الشاطئ ومياهه أبدوا إعجابها بمبادرتها وتشجيعهم لها، وسط مواقف إيجابية من جانبهم، على الرغم من أن صورة سيدة وهي تنظف الشاطئ أمر غير مألوف.
مشاركة :