هل ألحقتْ إسرائيل لبنان بـ «تبديل إستراتيجياتها» في المرحلة الثالثة من الحرب؟

  • 1/8/2024
  • 20:49
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تتوغّل الحرب «غير التقليدية» بين إسرائيل و«حزب الله» من خلف «الحدود المُرسَّمة» للمواجهات المستعرة منذ 8 أكتوبر الماضي لتُسابِقَ مساراتٍ ينخرط فيها «حشد ديبلوماسي» أميركي – أوروبي – عربي في محاولةٍ لـ «بناء» ترتيباتٍ سياسية لـ «اليوم التالي» لوقف حرب غزة والتي يُعتقد أن بلوغَها سيشكّل الأرضيةَ لإنهاء الصراع الأخطر الذي تشهده المنطقة منذ عقود بعدما أَنْذَر بانفجار شامل تقف على حافة الانخراط فيه دولٌ إقليمية ومن «الوزن الأثقل» عالمياً. وفي مؤشِّر جديدٍ إلى أن إسرائيل «تلعب على وَتَرَيْ» رفْض طهران الانجرار إلى حرب غزة - وهو ما تتقاطع فيه إيران مع واشنطن - ومداراةِ «حزب الله» هذه «الرؤية الإستراتيجية» التي صودف أنها تنسجم مع المصلحة اللبنانية ما يجعله يقيس استهدافاته العابرة للحدود بـ «ميزانٍ بالغ الدقة»، سدّدت تل أبيب أمس ما وصفه إعلامُها بـ «ضربة مؤلمة للحزب» باغتيال «المُجاهد القائد» كما وصفتْه «المقاومة الإسلامية» في بيان نعيه وسام حسن طويل (الحاج جواد) بغارة استهدفتْه بينما كان داخل سيارة في بلدته الجنوبية خربة سلم. وإذ جاء هذا الاغتيال بعد 6 أيام من تصفية إسرائيل القيادي في حركة «حماس» صالح العاروري في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، اكتمل بعملية أمس «مثلث» ضرب تل أبيب «محور الممانعة»، بدءاً من اغتيال القيادي في الحرس الثوري رضى موسوي في دمشق (25 ديسمبر)، من دون إغفال أن الشبهة لم تسقط عن «أصابع» أبعد من «داعشية» وراء تفجيريْ كرمان الدمويين في 3 يناير. الذكاء الاصطناعي وفي حين تكتسب العملية التي طاولت العاروري رمزية بالغة الحساسية لكونها وقعتْ في معقل «حزب الله» الذي لم يسبق لإسرائيل أن استهدفته منذ انتهاء حرب يوليو 2006، فإن اغتيال طويل لم يقلّ دلالة باعتبار أنه وُضع في إطار مزدوج: أولاً لكونه استكمال لمسارٍ ارتسم في الفترة الأخيرة وعمدت فيه تل أبيب لـ «مطاردة» عناصر وكوادر من «حزب الله» وبعضهم حتى بيوتهم حيث اغتالت العديد منهم، مع عدم استبعاد أن يكون هذا «النجاح» مزيجاً من خرق تقني عبر «الاتصالات»، ومن استخدام للذكاء الاصطناعي في عملياتِ كشْف مواقع إطلاق صواريخ في اتجاه الشمال الإسرائيلي. وثانياً لأن طويل، وهو أول «قائد» من حزب الله يسقط في الميدان باعتراف الحزب الذي لم يسبق في كل بيانات النعي أن أعطى هذه الصفة لأي من عناصره الذين قضوا، علماً أن وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت عن أنه برتبةٍ توازي لواء في الجيش الإسرائيلي. والأهمّ في اغتيال طويل عبر طائرة مسيّرة على بُعد نحو 11 كيلومتراً من الحدود مع إسرائيل عبّرت عنه المسؤوليات التي كُشف أنه كان يضطلع بها كما ربْطه بـ «الردّ الأولي» الذي نفذه «حزب الله» يوم السبت على استهداف العاروري في الضاحية بضربةٍ موجعة لإسرائيل طاولت قاعدة ميرون للمراقبة الجوية. وفي حين نقلت «فرانس برس» عن مصدر أمني أن طويل مسؤول عسكري بارز في «حزب الله» قُتل بقصف إسرائيلي من مسيّرة استهدف سيارته Honda CRV في خربة سلم قرب بلدة تبنين، وانه «كان يتولى مسؤولية قيادية في إدارة عمليات حزب الله في الجنوب»، قال مصدر آخر لـ «رويترز» إن «هذه ضربة مؤلمة للغاية»، في حين كشفت قناة «الحدث» أن طويل «قاد منذ شهر وحدة(122)في فرقة الرضوان بحزب الله». من جهتها، أوردت هيئة البث الإسرائيلية أن «الجيش أعلن رسمياً تصفية وسام طويل معاون قائد كتيبة الرضوان»، في الوقت الذي تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية أخرى عن «أن وسام طويل مسؤول عن إطلاق الصواريخ على قاعدة ميرون». واعتُبر هذا الاغتيال بمثابة رفْعٍ لوتيرة ما يوصف بأنه «استهدافات جراحية» متبادَلة بين إسرائيل و«حزب الله»، وسط انطباعٍ بأن تل أبيب تشمل الحزب بمرحلة «تغيير استراتيجيات الحرب والمواجهة»، من غزة مروراً بسورية الى جنوب لبنان حيث انتقلت الى ما وُصف بـ «الانتقام من الحزب». وإذ رأت أوساط مطلعة أن تل أبيب بتوسيعها دائرة الاستفزازات لإيران والحزب تَمْضي بإرساء ما تعتقد أنه «كماشة» فإما ينجرّان إلى «فخ» الردّ الذي يكون بمثابة ضغط على زرّ تفجير الحرب التي تفضّلها إسرائيل وإما يُحْصيان الأضرار المتراكمة على قوة ردعهما، توقفت عند الهجوم السيبراني الذي «أسقط» شاشات مطار بيروت الدولي عصر أول من أمس وعطّل جرارَ الحقائب ونظام التفتيش بالسكانر قبل أن «تُستعاد» الشاشات أمس ويُعمل على معالجة الأضرار الأخرى تباعاً، من دون استبعاد أن تكون هناك «يد» إسرائيلية في هذا الخرق الذي حمل رسائل مناهضة للحزب ودعوة لتحرير المطار منه وإعلان رفضٍ للحرب، وتبيّن أنه لم يكن من عمل مجموعة «جند الرب» التي وُقّعت «العملية» باسمها إذ نفت ضلوعها بـ «العمل الشيطاني». وعلى وقْع حبْس أنفاس ساد الجبهة الجنوبية حيال احتمالات اشتداد المواجهات عقب اغتيال طويل، اعتبرت أوساط غير بعيدة عن «محور الممانعة» أن سقوط القيادي بحزب الله في الميدان لن يجعل الحزب يتعاطى مع هذا التطور خارج سياقات سقوط عناصره الآخَرين الذين لا يميّز بينهم، سواء رتبة أو هوية أو ما شاكل، ولن يهيء له «رداً خاصاً»، بل المواجهات ستستمر وفق القواعد نفسها ومقتضيات التماثل في الاستهدافات، وسط ملاحظة أن إسرائيل أرفقتْ استهداف طويل بأمريْن: - توسيع رقعة الغارات والقصف جنوباً، والتي ألحقت أضراراً كبيرة في مسجد بلدة العباسية الحدودية بعد استهدافه بقذيفتي دبابة ميركافا أصابتا داخل المصلى ومئذنة المسجد. كما أطلق الجيش الإسرائيلي عدداً من القذائف على مزرعة دواجن وعدداً من الرشقات النارية في اتجاه رعاة الماشية على ضفاف نهر الوزاني، واستهدف أيضاً مؤسسة تجاريّة على طريق العديسة ما أدّى إلى اندلاع حريقٍ كبير فيها. وإذ أغارت مسيّرة إسرائيلية عصر أمس على منزل قرب الجامع في بلدة الضهير، ردّ «حزب الله» بعمليات عدة بينها ضد «تجمع لجنود العدو الإسرائيلي في شتولا بالأسلحة المناسبة» وتجمع آخر في محيط موقع جل العلام بالأسلحة الصاروخية، وذلك بعدما كان استهدف مستوطنة كريات شمونة للمرة الأولى بصاروخ «كورنيت» المضاد للدروع. - والأمر الثاني مواقف تهديدية أطلقها بنيامين نتنياهو من كريات شمونة نفسها حيث أكد «سنفعل كل شيء يلزم من أجل إعادة الأمن إلى حدودنا الشمالية وعليهم ألا يعبثوا معنا»، مؤكداً «حزب الله يرتكب خطأً كبيراً في تقديره إيانا. لقد ظن أننا شبكات عنكبوت، وفجأة رأى... يا له من عنكبوت»، وأضاف: «لقد ضربنا له مثالاً عما يحدث لأصدقائه في الجنوب، وهو ما سيحدث هنا في الشمال. سنفعل كل ما بوسعنا لاستعادة الأمن». وجاء موقف نتنياهو فيما تشهد حكومته تمدُّد التفسخات داخلها على خلفية إعلان وزير الدفاع يوآف غالانت أن بلاده تتجه إلى المرحلة الثالثة من الحرب على قطاع غزة والتي ستشهد خفضاً لمستوى العمليات العسكرية المكثفة والانتقال نحو العمليات الخاصة، وهو ما انتفض بوجهه وزير الأمن ايتمار بن غفير معتبراً أنه «بمثابة إعلان نهاية الحرب قبل الحسم وهذا مرفوض»، في الوقت الذي وُضع هذا «الاهتزاز» في سياق تداعيات الضغط الأميركي المتصاعد على تل أبيب لخفْض منسوب الأعمال الحربية في غزة وتالياً سحْب فتائل التصعيد الأعلى على جبهة جنوب لبنان. القرار 1701 وفي حين يحمل وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن هذا الضغط إلى إسرائيل التي وصل إليها مساء أمس، فإنّ واشنطن تمضي في محاولاتِ إكمال مسارٍ عمليّ لإيجاد حلّ دائم للجبهة اللبنانية – الإسرائيلية تحكم «اليوم التالي» لوقف الحرب ويرتكز على تطبيق القرار 1701 من تل أبيب على قاعدة بت النقاط الخلافية على الخط الأزرق ووضع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا في عهدة الأمم المتحدة والانسحاب من الجزء اللبناني من قرية الغجر، في مقابل تنفيذ الشق اللبناني من القرار القاضي بجعل جنوب الليطاني منطقة منزوعة السلاح أي خالية من «حزب الله». وفي حين أعطى حزب الله إشاراتٍ حمّالة أوجه لاستعداده للحوار والتفاوض على قاعدة«الفرصة التاريخية للتحرير الرابع»ولكن بعد وقف الحرب، في ما اعتُبر حجزاً مبكّراً لهو من خلفه إيران لمقعد متقدّم على طاولة التسويات في المنطقة، ستشكّل زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لبيروت هذا الأسبوع امتحاناً لمسعى واشنطن هو الذي كان قصد إسرائيل الأسبوع الماضي. وفي حين تتهيأ بيروت لاستقبال وزيرة الخارجية الألمانية آنالينا بيربوك، اليوم، نفى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تلقي بيروت أي طرح بنشر قوات ألمانية على الحدود الجنوبية. وقال ميقاتي في حديث إلى«قناة الحرة»إن لبنان تلقى عبر موفدين دوليين تحذيرات«من تدميرٍ وحرب على لبنان»، مضيفاً «أبلغنا الجميع استعدادنا للدخول في مفاوضات لتحقيق عملية استقرار طويلة الأمد في جنوب لبنان وعند الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، والالتزام بالقرارات الدولية وباتفاق الهدنة والقرار 1701». ورأى أن «المطلوب إحياء اتفاق الهدنة وتطبيقه واعادة الوضع في الجنوب الى ما قبل العام 1967، وإعادة مزارع شبعا التي كانت تحت السيادة اللبنانية قبل البدء باحتلالها تدريجياً. المطلوب العودة الى خط الانسحاب السابق بموجب اتفاق الهدنة». وتابع «نعمل على حل ديبلوماسي ربما سيكون تطبيقه مرتبطاً بوقف العدوان على غزة». وقال ميقاتي إن «التهديدات التي تصلنا مفادها بأنه يجب انسحاب حزب الله الى شمال الليطاني، في الوقت الذي نشدد نحن على أن هذا الأمر جزء من البحث الذي يجب أن يشمل انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي التي تحتلها ووقف اعتداءاتها على لبنان وخرقها للسيادة اللبنانية. وتلقينا عرضا بالانسحاب الى شمال الليطاني، ولكننا نشدد على الحل الشامل ومن ضمنه حل الموضوع المرتبط بسلاح حزب الله». ولفت إلى أن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل، تحدث في بيروت «عن ضرورة التنبه لعدم توسيع الحرب. ونحن شددنا على أننا نمد أيدينا الى المجتمع الدولي سعياً لارساء الاستقرار في المنطقة، واذا استطعنا تحصيل حقوق لبنان، فإن حزب الله لا هدف له إلا المصلحة اللبنانية». تتوغّل الحرب «غير التقليدية» بين إسرائيل و«حزب الله» من خلف «الحدود المُرسَّمة» للمواجهات المستعرة منذ 8 أكتوبر الماضي لتُسابِقَ مساراتٍ ينخرط فيها «حشد ديبلوماسي» أميركي – أوروبي – عربي في محاولةٍ لـ «بناء» ترتيباتٍ سياسية لـ «اليوم التالي» لوقف حرب غزة والتي يُعتقد أن بلوغَها سيشكّل الأرضيةَ لإنهاء الصراع الأخطر الذي تشهده المنطقة منذ عقود بعدما أَنْذَر بانفجار شامل تقف على حافة الانخراط فيه دولٌ إقليمية ومن «الوزن الأثقل» عالمياً.وفي مؤشِّر جديدٍ إلى أن إسرائيل «تلعب على وَتَرَيْ» رفْض طهران الانجرار إلى حرب غزة - وهو ما تتقاطع فيه إيران مع واشنطن - ومداراةِ «حزب الله» هذه «الرؤية الإستراتيجية» التي صودف أنها تنسجم مع المصلحة اللبنانية ما يجعله يقيس استهدافاته العابرة للحدود بـ «ميزانٍ بالغ الدقة»، سدّدت تل أبيب أمس ما وصفه إعلامُها بـ «ضربة مؤلمة للحزب» باغتيال «المُجاهد القائد» كما وصفتْه «المقاومة الإسلامية» في بيان نعيه وسام حسن طويل (الحاج جواد) بغارة استهدفتْه بينما كان داخل سيارة في بلدته الجنوبية خربة سلم. «هاباغ لويد»: الوضع في البحر الأحمر لا يزال خطيراً وسنواصل الإبحار عبر رأس الرجاء الصالح منذ 5 دقائق «حزب الله» يعلن استهداف مقر قيادة المنطقة الشمالية الإسرائيلية في صفد منذ 24 دقيقة وإذ جاء هذا الاغتيال بعد 6 أيام من تصفية إسرائيل القيادي في حركة «حماس» صالح العاروري في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، اكتمل بعملية أمس «مثلث» ضرب تل أبيب «محور الممانعة»، بدءاً من اغتيال القيادي في الحرس الثوري رضى موسوي في دمشق (25 ديسمبر)، من دون إغفال أن الشبهة لم تسقط عن «أصابع» أبعد من «داعشية» وراء تفجيريْ كرمان الدمويين في 3 يناير.الذكاء الاصطناعيوفي حين تكتسب العملية التي طاولت العاروري رمزية بالغة الحساسية لكونها وقعتْ في معقل «حزب الله» الذي لم يسبق لإسرائيل أن استهدفته منذ انتهاء حرب يوليو 2006، فإن اغتيال طويل لم يقلّ دلالة باعتبار أنه وُضع في إطار مزدوج:أولاً لكونه استكمال لمسارٍ ارتسم في الفترة الأخيرة وعمدت فيه تل أبيب لـ «مطاردة» عناصر وكوادر من «حزب الله» وبعضهم حتى بيوتهم حيث اغتالت العديد منهم، مع عدم استبعاد أن يكون هذا «النجاح» مزيجاً من خرق تقني عبر «الاتصالات»، ومن استخدام للذكاء الاصطناعي في عملياتِ كشْف مواقع إطلاق صواريخ في اتجاه الشمال الإسرائيلي.وثانياً لأن طويل، وهو أول «قائد» من حزب الله يسقط في الميدان باعتراف الحزب الذي لم يسبق في كل بيانات النعي أن أعطى هذه الصفة لأي من عناصره الذين قضوا، علماً أن وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت عن أنه برتبةٍ توازي لواء في الجيش الإسرائيلي.والأهمّ في اغتيال طويل عبر طائرة مسيّرة على بُعد نحو 11 كيلومتراً من الحدود مع إسرائيل عبّرت عنه المسؤوليات التي كُشف أنه كان يضطلع بها كما ربْطه بـ «الردّ الأولي» الذي نفذه «حزب الله» يوم السبت على استهداف العاروري في الضاحية بضربةٍ موجعة لإسرائيل طاولت قاعدة ميرون للمراقبة الجوية.وفي حين نقلت «فرانس برس» عن مصدر أمني أن طويل مسؤول عسكري بارز في «حزب الله» قُتل بقصف إسرائيلي من مسيّرة استهدف سيارته Honda CRV في خربة سلم قرب بلدة تبنين، وانه «كان يتولى مسؤولية قيادية في إدارة عمليات حزب الله في الجنوب»، قال مصدر آخر لـ «رويترز» إن «هذه ضربة مؤلمة للغاية»، في حين كشفت قناة «الحدث» أن طويل «قاد منذ شهر وحدة(122)في فرقة الرضوان بحزب الله».من جهتها، أوردت هيئة البث الإسرائيلية أن «الجيش أعلن رسمياً تصفية وسام طويل معاون قائد كتيبة الرضوان»، في الوقت الذي تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية أخرى عن «أن وسام طويل مسؤول عن إطلاق الصواريخ على قاعدة ميرون».واعتُبر هذا الاغتيال بمثابة رفْعٍ لوتيرة ما يوصف بأنه «استهدافات جراحية» متبادَلة بين إسرائيل و«حزب الله»، وسط انطباعٍ بأن تل أبيب تشمل الحزب بمرحلة «تغيير استراتيجيات الحرب والمواجهة»، من غزة مروراً بسورية الى جنوب لبنان حيث انتقلت الى ما وُصف بـ «الانتقام من الحزب».وإذ رأت أوساط مطلعة أن تل أبيب بتوسيعها دائرة الاستفزازات لإيران والحزب تَمْضي بإرساء ما تعتقد أنه «كماشة» فإما ينجرّان إلى «فخ» الردّ الذي يكون بمثابة ضغط على زرّ تفجير الحرب التي تفضّلها إسرائيل وإما يُحْصيان الأضرار المتراكمة على قوة ردعهما، توقفت عند الهجوم السيبراني الذي «أسقط» شاشات مطار بيروت الدولي عصر أول من أمس وعطّل جرارَ الحقائب ونظام التفتيش بالسكانر قبل أن «تُستعاد» الشاشات أمس ويُعمل على معالجة الأضرار الأخرى تباعاً، من دون استبعاد أن تكون هناك «يد» إسرائيلية في هذا الخرق الذي حمل رسائل مناهضة للحزب ودعوة لتحرير المطار منه وإعلان رفضٍ للحرب، وتبيّن أنه لم يكن من عمل مجموعة «جند الرب» التي وُقّعت «العملية» باسمها إذ نفت ضلوعها بـ «العمل الشيطاني».وعلى وقْع حبْس أنفاس ساد الجبهة الجنوبية حيال احتمالات اشتداد المواجهات عقب اغتيال طويل، اعتبرت أوساط غير بعيدة عن «محور الممانعة» أن سقوط القيادي بحزب الله في الميدان لن يجعل الحزب يتعاطى مع هذا التطور خارج سياقات سقوط عناصره الآخَرين الذين لا يميّز بينهم، سواء رتبة أو هوية أو ما شاكل، ولن يهيء له «رداً خاصاً»، بل المواجهات ستستمر وفق القواعد نفسها ومقتضيات التماثل في الاستهدافات، وسط ملاحظة أن إسرائيل أرفقتْ استهداف طويل بأمريْن:- توسيع رقعة الغارات والقصف جنوباً، والتي ألحقت أضراراً كبيرة في مسجد بلدة العباسية الحدودية بعد استهدافه بقذيفتي دبابة ميركافا أصابتا داخل المصلى ومئذنة المسجد.كما أطلق الجيش الإسرائيلي عدداً من القذائف على مزرعة دواجن وعدداً من الرشقات النارية في اتجاه رعاة الماشية على ضفاف نهر الوزاني، واستهدف أيضاً مؤسسة تجاريّة على طريق العديسة ما أدّى إلى اندلاع حريقٍ كبير فيها.وإذ أغارت مسيّرة إسرائيلية عصر أمس على منزل قرب الجامع في بلدة الضهير، ردّ «حزب الله» بعمليات عدة بينها ضد «تجمع لجنود العدو الإسرائيلي في شتولا بالأسلحة المناسبة» وتجمع آخر في محيط موقع جل العلام بالأسلحة الصاروخية، وذلك بعدما كان استهدف مستوطنة كريات شمونة للمرة الأولى بصاروخ «كورنيت» المضاد للدروع.- والأمر الثاني مواقف تهديدية أطلقها بنيامين نتنياهو من كريات شمونة نفسها حيث أكد «سنفعل كل شيء يلزم من أجل إعادة الأمن إلى حدودنا الشمالية وعليهم ألا يعبثوا معنا»، مؤكداً «حزب الله يرتكب خطأً كبيراً في تقديره إيانا. لقد ظن أننا شبكات عنكبوت، وفجأة رأى... يا له من عنكبوت»،وأضاف: «لقد ضربنا له مثالاً عما يحدث لأصدقائه في الجنوب، وهو ما سيحدث هنا في الشمال. سنفعل كل ما بوسعنا لاستعادة الأمن».وجاء موقف نتنياهو فيما تشهد حكومته تمدُّد التفسخات داخلها على خلفية إعلان وزير الدفاع يوآف غالانت أن بلاده تتجه إلى المرحلة الثالثة من الحرب على قطاع غزة والتي ستشهد خفضاً لمستوى العمليات العسكرية المكثفة والانتقال نحو العمليات الخاصة، وهو ما انتفض بوجهه وزير الأمن ايتمار بن غفير معتبراً أنه «بمثابة إعلان نهاية الحرب قبل الحسم وهذا مرفوض»، في الوقت الذي وُضع هذا «الاهتزاز» في سياق تداعيات الضغط الأميركي المتصاعد على تل أبيب لخفْض منسوب الأعمال الحربية في غزة وتالياً سحْب فتائل التصعيد الأعلى على جبهة جنوب لبنان.القرار 1701وفي حين يحمل وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن هذا الضغط إلى إسرائيل التي وصل إليها مساء أمس، فإنّ واشنطن تمضي في محاولاتِ إكمال مسارٍ عمليّ لإيجاد حلّ دائم للجبهة اللبنانية – الإسرائيلية تحكم «اليوم التالي» لوقف الحرب ويرتكز على تطبيق القرار 1701 من تل أبيب على قاعدة بت النقاط الخلافية على الخط الأزرق ووضع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا في عهدة الأمم المتحدة والانسحاب من الجزء اللبناني من قرية الغجر، في مقابل تنفيذ الشق اللبناني من القرار القاضي بجعل جنوب الليطاني منطقة منزوعة السلاح أي خالية من «حزب الله».وفي حين أعطى حزب الله إشاراتٍ حمّالة أوجه لاستعداده للحوار والتفاوض على قاعدة«الفرصة التاريخية للتحرير الرابع»ولكن بعد وقف الحرب، في ما اعتُبر حجزاً مبكّراً لهو من خلفه إيران لمقعد متقدّم على طاولة التسويات في المنطقة، ستشكّل زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لبيروت هذا الأسبوع امتحاناً لمسعى واشنطن هو الذي كان قصد إسرائيل الأسبوع الماضي.وفي حين تتهيأ بيروت لاستقبال وزيرة الخارجية الألمانية آنالينا بيربوك، اليوم، نفى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تلقي بيروت أي طرح بنشر قوات ألمانية على الحدود الجنوبية.وقال ميقاتي في حديث إلى«قناة الحرة»إن لبنان تلقى عبر موفدين دوليين تحذيرات«من تدميرٍ وحرب على لبنان»، مضيفاً «أبلغنا الجميع استعدادنا للدخول في مفاوضات لتحقيق عملية استقرار طويلة الأمد في جنوب لبنان وعند الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، والالتزام بالقرارات الدولية وباتفاق الهدنة والقرار 1701».ورأى أن «المطلوب إحياء اتفاق الهدنة وتطبيقه واعادة الوضع في الجنوب الى ما قبل العام 1967، وإعادة مزارع شبعا التي كانت تحت السيادة اللبنانية قبل البدء باحتلالها تدريجياً. المطلوب العودة الى خط الانسحاب السابق بموجب اتفاق الهدنة».وتابع «نعمل على حل ديبلوماسي ربما سيكون تطبيقه مرتبطاً بوقف العدوان على غزة».وقال ميقاتي إن «التهديدات التي تصلنا مفادها بأنه يجب انسحاب حزب الله الى شمال الليطاني، في الوقت الذي نشدد نحن على أن هذا الأمر جزء من البحث الذي يجب أن يشمل انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي التي تحتلها ووقف اعتداءاتها على لبنان وخرقها للسيادة اللبنانية. وتلقينا عرضا بالانسحاب الى شمال الليطاني، ولكننا نشدد على الحل الشامل ومن ضمنه حل الموضوع المرتبط بسلاح حزب الله».ولفت إلى أن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل، تحدث في بيروت «عن ضرورة التنبه لعدم توسيع الحرب. ونحن شددنا على أننا نمد أيدينا الى المجتمع الدولي سعياً لارساء الاستقرار في المنطقة، واذا استطعنا تحصيل حقوق لبنان، فإن حزب الله لا هدف له إلا المصلحة اللبنانية».

مشاركة :