قلص الجيش الإسرائيلي وجوده في غزة وأعلن انسحابه من خان يونس، وقال إنه سيركز على شن عمليات مركّزة بناء على معلومات استخباراتية ضمن مرحلة ثالثة في حربه المتواصلة ضد القطاع، في حين كشف مصدر لشبكة «سي إن إن» أن الرئيس الأميركي هدد الدولة العبرية بعواقب وخيمة إذا لم تغير نهجها بالحرب وتحسن أوضاع المدنيين بسرعة. مع تزايد الضغوط الأميركية الرامية للجم عمليات حليفتها الوثيقة واحتواء الأزمة الإنسانية التي تسببت بها في غزة بعد نصف عام من بدء حربها الانتقامية ضد حركة حماس، أعلنت سلطات تل أبيب مغادرة كل القوات الإسرائيلية القطاع الفلسطيني، ليل السبت الأحد، باستثناء «الفرقة 162» ولواء «ناحال» الذي يفصل جنوب القطاع الفلسطيني عن شماله ويمنع النازحين من العودة إلى مساكنهم بالمناطق الشمالية، وبدء «مرحلة ثالثة» تعتمد أسلوب شن عمليات مركزة ضد أهداف محددة. وأفادت إذاعة الجيش بأن كامل «الفرقة 98» غادرت خان يونس، أكبر مدن جنوب القطاع، بعد انتهاء عملياتها هناك، عقب 4 أشهر من القتال، مشيرة إلى أن «الجيش سوف يركز على أسلوب المداهمات بناء على المعلومات الاستخبارية المتوفرة». ووسط غموض بشأن حجم تقليص إسرائيل لقواتها ومناورتها البرية بالقطاع وإذا ما كانت نابعة من ضغوط تمارسها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التي تبدّل لهجة تعاملها مع حليفتها في الوقت الراهن، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر بجيش الاحتلال أنه يحتفظ بقدرته على العودة إلى خان يونس التي يتحدر منها زعيم «حماس» بالقطاع يحيى السنوار «إذا لزم الأمر» والتي دخلها في 3 ديسمبر الماضي. وبرر المصدر خطوة الانسحاب التي جاءت دون تحرير أي رهينة بأنها تأتي ضمن الاستعدادات لمواصلة العمليات البرية ضد كتائب «حماس» التي لم يتم التعامل معها بدير البلح ورفح الملاصقة للحدود المصرية. ونفى المصدر وجود صلة بين الضغوط الأميركية التي تمارس على الدولة العبرية والانسحاب من خان يونس، زاعما أن الانسحاب يترك أماكن للنازحين الذين يقدر عددهم بنحو 1.4 مليون شخص والذي سيطلب منهم النزوح مرة أخرى من رفح بحال اجتياحها. لكن شبكة «سي إن إن» الأميركية نقلت عن مصدر مطَّلع، أمس، قوله إن بايدن هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مكالمتهما الأخيرة، بعواقب وخيمة إذا لم تغير إسرائيل طريقة حربها وتحسن ظروف المدنيين في غزة بسرعة ولوح بإبطاء إمدادات الأسلحة في ظل تشككه بشأن الاستراتيجية العملياتية لإسرائيل. واستهلت إسرائيل حربها بمرحلة أولى من القصف الجوي المكثف في السابع من أكتوبر الماضي ثم أعقبتها بمرحلة ثانية شملت اجتياحاً برياً للقطاع في 27 من الشهر نفسه بهدف إطلاق سراح عشرات المحتجزين والرهائن بغزة والقضاء على قدرات «حماس» والعسكرية والسلطوية. وكان من المفترض أن تبدأ المرحلة الثالثة، التي ضغطت واشنطن لتنفيذها بهدف تفادي سقوط المزيد من المدنيين، مطلع العام الحالي. وتزامن الإعلان الإسرائيلي مع استضافة القاهرة مباحثات جديدة، بمشاركة أميركية - قطرية حول اتفاق هدنة يتيح الإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة وإدخال مزيد من المساعدات إلى القطاع المحاصر الذي يواجه خطر انتشار مجاعة. جريحان في إطلاق نار على حافلة بشمال الضفة الغربية المحتلة... ودهس واشتباكات بتظاهرة حاشدة في تل أبيب ورغم الآمال المعقودة على إبرام اتفاق هدنة، ولو مؤقتة، لمنح غزة استراحة من القتال قبيل حلول عيد الفطر المتوقع الأربعاء المقبل، جدد رئيس وفد «حماس» خليل الحية، خلال تواجده في القاهرة موقف الحركة المشدد على أنها لن تتنازل عن مطالبها بـ»وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال، وعودة النازحين إلى أماكن سكنهم وحرية حركة الناس وإغاثتهم وإيوائهم، وصفقة تبادل أسرى جدية». وعشية مشاركة وفد الإسرائيلي بمباحثات القاهرة، أكد نتنياهو أنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار من دون إطلاق سراح الرهائن. وقال نتنياهو: «حماس تأمل في أن يدفع الضغط الدولي إسرائيل إلى الاستجابة لمطالبها لكن ذلك لن يحدث، إسرائيل مستعدة للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن من غزة لكنها ليست مستعدة للإذعان لمطالب حماس المبالغ فيها». ورأى أن «إسرائيل على بعد خطوة من تحقيق النصر لكن الثمن الذي دفعناه كان مؤلماً». ووسط تصاعد للانتقادات الداخلية بسبب تدهور الأوضاع وعدم تحقيق أهداف الحرب بعد 184 يوماً من اندلاعها، كرر رئيس الوزراء حديثه عن تدمير 19 كتيبة لـ»حماس» من أصل 24. وأمس، ثارت مخاوف إسرائيلية من اتساع شرخ داخلي يفضي إلى مواجهات عنيفة بعد أن دهست سيارة حشوداً خلال تظاهرة شارك بها عشرات الآلاف ضد حكومة نتنياهو اليمينية في تل أبيب ليل السبت ـ الأحد للمطالبة بإجراء انتخابات جديدة وإبرام صفقة تبادل رهائن فورية مع «حماس». صواريخ وحمام دم ميدانياً، أطلقت الفصائل الفلسطينية رشقة صاروخية من القطاع باتجاه مستوطنات غلاف غزة، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 4 من قوات «الكوماندوز» ليرتفع بذلك عدد قتلاه منذ بدء الحرب إلى 604، مشيراً إلى أنه تمكن من تصفية 12 ألف عنصر ممن وصفهم بـ«المخربين». وذكرت وزارة الصحة بغزة أن قوات الاحتلال ارتكبت 4 مجازر في القطاع راح ضحيتها 38 شهيداً و71 جريحاً خلال الـ24 ساعة الماضية. وبذلك يرتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 33 ألفاً و175 شهيداً و 75 ألفاً و886 مصاباً منذ 7 أكتوبر الماضي. وفي الضفة الغربية المحتلة، أفاد الجيش الإسرائيلي بإصابة مجندة ومستوطن في هجوم بإطلاق نار على حافلة. وفي وقت تشدد عدة دول داعمة للدولة العبرية خطابها جراء تصاعد انتهاكات الأخيرة بحق الفلسطينيين والمنظمات الإغاثية، قال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، إنّ لندن «مصدومة من حمام الدم» في القطاع و«هذه الحرب الرهيبة يجب أن تنتهي. يجب إطلاق سراح الرهائن وأن تتدفق المساعدات». وشدّد سوناك، خلال كلمة مساء أمس الأول، على أن «أطفال غزة بحاجة إلى هدنة إنسانية فورية تؤدّي إلى وقف إطلاق نار مستدام طويل الأمد»، معتبراً أنّ هذه هي «أسرع طريقة لإخراج الرهائن وإيصال المساعدات».
مشاركة :