الرباط - تدور قصة فيلم "كل سنة مرة" للمخرج التونسي علي مروان الشكي حول شخصية "الأسعد" الشاب الذي يبلغ الأربعين من عمره وهو بائع متجوّل يلتقي بامرأة مسنة تُدعى "عائشة"، والتي فقدت طريق العودة إلى المنزل حيث تقيم ابنتها الوحيدة "حسناء"، فيقرر الأسعد مساعدتها وينطلق في رحلة البحث عنها. والفيلم من إنتاج مجدي الحسيني وسيناريو أحمد الأندلسي، ويشارك في بطولته كل من أحمد الأندلسي ولطيفة الڨفصي. وفاز هذا العمل الفني بجوائز متميزة، منها أفضل إخراج في مهرجان الفيلم المغربي الدولي بوجدة، وأفضل فيلم قصير في مهرجان داكا الدولي للأفلام الثقافية، وجائزة النقاد في مهرجان باريس سيني فييستا، كما نالت إبداعاته تقديرًا على مستوى الإخراج الجديد في مهرجان دبي الدولي للسينما، ونال جائزة لجنة التحكيم في مهرجان الفيلم الفرنكوفوني القاهرة. وفاز الممثل أحمد الاندلسي بأفضل ممثل في مهرجان الأفلام الشهري، إلى جانب جوائز أخرى مهمة، مما أضفى عليه طابعًا فريدًا، كما وصل إلى نصف النهائي في مهرجان كان العالمي للأفلام، وتم اختياره رسميًا في شبكة ليفت-أوف العالمية، مما يظهر تأثيره البارز والإبداعي في عالم السينما الدولية. وفي هذا الصدد أجرت صحيفة ميدل ايست اونلاين حوار مع مخرج فيلم "كل سنة مرة" في إطار اختياره ضمن المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة بمهرجان الإمارات السينمائي بدبي في دورته العاشرة، الذي يُقام في أواخر يناير/كانون الثاني 2024. وفيما يلي نص الحوار: كيف وضعت فكرة فيلم "الأسعد"، وما الذي ألهمك لسرد هذه القصة بشكل خاص؟ الفكرة هي فكرة أحمد الأندلسي، هي في الأساس حلم، حلم به أحمد فدونه كفكرة، ثم طورها كسيناريو للفيلم، واقترحها علي بحكم الصداقة، وسبق لنا أن عملنا في العديد من الأعمال حيث كنتُ ممثلًا وهو كمخرج منفذ إذ قمنا ببعض التعديلات في الجانب الإنساني. وطريقة طرحها كانت مميزة، لذا وافقت بدون تردد، وقد حدث نفس الأمر مع المنتج الذي تكفل بجميع المصاريف واتصل بأبرز التقنيين في تونس كمدير التصوير بشير المهبولي، مهندس الصوت محمد شوقي الكعلي، ومخرجة مساعدة، والمخرج فريال بوڨرين، وسكريبت سلمى الجازي، والملابس إيمان شقرون وألفة قريعة، والماكياج شيماء بو جنفة، ثم انطلقنا في التصوير. هل يمكنك أن تشرح لنا عملية اختيار الممثلين، خاصة اختيارك لأحمد لندلسي للدور الرئيسي؟ أحمد الأندلسي ولطيفة الڨفصي من أبرز الممثلين في تونس، تجمعني معهما علاقة صداقة بحكم الأعمال التي شاركناها مع بعضنا، وخاصة تطلعاتهم إلى الامام، وعندما قمنا بالتعديلات على السيناريو، ونحتنا الشخصيات في جميع الجزئيات، وتبنيناها، لم يعد من الممكن أن أطمئن على شخصية "الأسعد" مع ممثل آخر سوى أحمد الأندلسي الذي أبدع في أدائه. ما هي التحديات التي واجهتك أثناء تصوير الفيلم؟ في كل عمل هناك تحديات ولكن في "كل سنة مرة" هو أول فيلم لي كمخرج، وكان التحدي هو الخروج من قبعة المساعد، ولم يكن هناك عراقيل حيث مكننا المنتج من فترة لابأس بها للتحضير، ووفر لنا كل السبل لإنجاح التجربة مع فريق الإنتاج القائم على العمل. كيف تصف العلاقة بين شخصيات "الأسعد" و"عائشة"، وكيف ساهمت هذه الديناميات في التأثير العاطفي للفيلم؟ كل الفريق نشأ على أدوار لطيفة الڨفصي، فهي تتفوق علينا جميعًا سناً وخبرةً وأعمالًا، والعلاقة التي تربط الممثلين بعيدًا عن عدسات الكاميرا تأثرت بشكل إيجابي على الأداء وطريقة طرح العلاقة الدرامية، وكانت إنسانية بالأساس، وحاولنا أن يرى المتلقي الشاب نفسه في "الأسعد"، ويروج لوالدته، إن صح التعبير في "عائشة"، والقيم التي يطرحها الفيلم بدأت تغيب نوعًا ما عن مجتمعاتنا، والتي تظهر في الفيلم بشكل متزايد مع مزج الكوميديا والدراما العميقة. حصد الفيلم عدة جوائز في مهرجانات دولية. كيف أثرت هذه التقديرات على مسيرتك كمخرج وعلى استقبال الفيلم من قبل الجمهور؟ يرجع الفضل لجميع التقنيين والمشاركين في العمل ويعود خاصة للصديق المنتج مجدي الحسيني الذي قام بمجهود جبار في الإنتاج والتسويق، ولا يزال ساهرًا على ذلك حتى اللحظة، وحصل الفيلم على عشر جوائز في غضون شهرين، وتعد هذه التتويجات انتصارًا للأفلام الحاملة لقضايا الإنسانية بالأساس. ما الرسالة أو الموضوع الذي تأمل أن يتذكره الجمهور بعد مشاهدة "الأسعد"؟ أن يلقى استحسان الجمهور وأن يؤثر إيجابيا في المتلقي مهما كانت خلفياته وأيديولوجياته، ويجب أن تبقى قيم الإنسانية والحب أساسًا للحياة. ويرى المخرج الشاب أن دور مهرجانات السينما في تعزيز السينما المستقلة والأفلام القصيرة بشكل خاص أمر حيوي، إذ تعتبر الأفلام القصيرة تعيش من خلال المشاركة في المهرجانات والفعاليات السينمائية، حيث لا يحقق المنتج والمخرج ربحًا ماليًا إلا بشكل فني ومعنوي. كيف تصف الأسلوب السينمائي الذي اعتمدته في هذا الفيلم، وكيف ساهم ذلك في استقبال إيجابي للفيلم في مختلف المهرجانات؟ اعتمدنا أسلوبًا سينمائيًا يتناسب مع القصة والشخصيات، ومع تقنيات الكاميرا المحمولة، كان التصوير سلسا، حيث حافظنا على جوهر القصة وقمنا بتصوير بعض المشاهد المتتابعة لتعزيز العواطف، وحاولنا أن نجمع بين الألم والابتسامة في نفس الوقت وهذا أمر إنساني بحت. ما هي مشاريعك المستقبلية كمخرج؟ هل لديك قصص أخرى تتطلع لمشاركتها مع الجمهور؟ بعد نجاح أول تجربة تجد نفسك متعطشًا للإنتاج مرة أخرى، لذا هناك بعض الأفكار التي تراودني وكما قالت أم كلثوم" وكل شيء بأوان".
مشاركة :