في آخر جلسات مجلس الشورى أعيد طرح قضية المشاريع المتعثرة التي كشفتها «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد»، وناقش المجلس آلية حل هذه المشكلة، واستحسن المجلس إنشاء هيئة جديدة ومستقلة، للإشراف على المشاريع الحكومية، ومتابعة تنفيذها. وبما أن المجلس الموقر تكرم ذات مرة بدعوة بعض الكتاب «كاتب المقال أحدهم»، لمناقشة آلية اتصال المجلس مع المواطنين، وما هي أفضل الطرق للتواصل، أتمنى أن يعتبروا هذا المقال نوعا من أنواع التواصل بين المجلس والمواطنين أحدهم «كاتب المقال»، وأن أقول لهم: «أنا لا أستحسن إنشاء هيئة رقابة جديدة يا مجلسنا الموقر»، أما لماذا؟ فتعثر المشاريع يدخل ضمن مسؤولية «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ـ نزاهة»، فهو نوع من أنواع الفساد الإداري لعدم قيام مراقب المشروع بواجباته، وربما يتحول الفاساد الإداري في أحايين نادرة لفساد مالي، إن نشأت علاقة بين الشركة وبين المراقب، فيغض الطرف من باب الصداقة. أضف إلى ذلك أن ما يحتاجه المجتمع ليس مؤسسة جديدة للرقابة، فالمواطنون و«نزاهة» يراقبون الواقع منذ زمن بعيد ويشاهدون ما يحدث، لكن المواطنين وفيما بعد «نزاهة» لا يملكون قوة القانون لإيقافه، فيكتفون بالدعاء للفسادين بالهداية أو «الله ياخذهم». إذن ما يستحق طرحه بمجلس الشورى ليس هيئة جديدة لتراقب ما يراقب أساسا، بل كيف يمكن «للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد»، أن تمتلك قوة القانون لمنعه. فيصبح لدى «نزاهة» مركز أمني واحد في المدن الكبيرة، وهذا المركز سيعتمد على خبراء في كل المجالات التي تعمل فيها الوزارات وتتشابك بعملها مع الشركات، بصفتهم محققين أو مدعي عام، وأن يكون هناك رجال أمن لا يتداخل عملهم مع أقسام الشرطة التابعة لوزارة الداخلية، لأنهم يعملون في مجال آخر بعيدا عن الجرائم الفردية. وبقوة القانون تستطيع جهة الرقابة «نزاهة» إحضار الفاسدين إداريا وماليا للتحقيق معهم، وإن اكتملت الأدلة يتم إيقافهم بسجن المركز قبل عرضهم على المحكمة الإدارية. وبهذه الآلية الجديدة «لنزاهة» إذ تتحول لجهة رقابية تملك سلطة إيقاف من يثبت فساده، فتعرضه على المحكمة لتبت بالقضية، لن يحتاج المجتمع «لهيئة رقابية جديدة»، وبالتأكيد لن يصاب المواطنون و«نزاهة» بالضغط، لكثرة ترديدهم «الشكوة على الله» لقلة حيلتهم أمام فساد يشاهدونه كل يوم.
مشاركة :