انطلاق أكبر مشروع تعدين بالعالم بعد 27 عاماً من الانتكاسات والفضائح

  • 1/11/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

من المُتوقع انطلاق أكبر مشروع للتعدين في العالم، والذي تبلغ قيمته 20 مليار دولار، وينطوي على تطوير خام الحديد وسكك حديدية وميناء في ركن قصي من غرب إفريقيا، هذا العام، بعد فترة انتظار دامت 27 عاماً، وحفلت بالانتكاسات والفضائح، وعدة إشارات مضللة. كانت شركة «ريو تينتو»، المُدرجة في المملكة المتحدة، حصلت عام 1997 على رخصة للتنقيب في جبال سيماندو، الواقعة جنوب شرق غينيا على مسافة 550 كيلومتراً من العاصمة الساحلية. ومنذ ذلك الحين، شهدت البلاد، التي يقطنها 13 مليون نسمة، انقلابين عسكريين وتولي أربعة زعماء القيادة وثلاثة انتخابات رئاسية. وخلال هذه الفترة، مر ستة رؤساء تنفيذيين على شركة «ريو تينتو»، وفقدت نصف رخصتها، وخاضت معارك قضائية ممتدة مع عدة منافسين من الشركات، وتمكنت من تسوية مزاعم فساد مع السلطات بالولايات المتحدة، بل وحتى سعت للتخارج من المشروع كلياً، بيد أن عملية البيع فشلت. وأخيراً في عام 2024، تعتزم شركة التعدين الإنجليزية-الأسترالية إطلاق أكثر المشروعات تعقيداً في تاريخها، بمجرد حصول شركائها المملوكين للدولة الصينية على الموافقات النهائية من بكين. وصرح بولد باتار، من «ريو تينتو»، في مقابلة حديثة مع «فاينانشال تايمز» قائلاً: «لا يوجد شيء بهذا الحجم أو المدى». ورغم كونه، رسمياً، رئيس أعمال النحاس، كان باتار التنفيذي المسؤول عن دفع الاتفاقيات التجارية المعقدة الخاصة بالمشروع طوال الأعوام السبعة الماضية. ولكونه باهظ التكلفة لكي تطوره شركة تعدين بمفردها، فإن المشروع حالياً يجري من خلال شراكة بين «ريو تينتو» والحكومة الغانية، و7 شركات أخرى على الأقل، تشمل 5 من الصين. وستضطلع «ريو تينتو» ببناء منجم خام حديد، يُعرف باسم مشروع «سيمفر»، بالشراكة مع اتحاد شركات بقيادة «تشاينالكو»، أكبر منتجة للألمنيوم في العالم. وهناك منجم ثان، معروف باسم مشروع «دبليو سي إس»، ستضطلع شركة «باوو» أكبر منتجة للصلب عالمياً، ببنائه، بالشراكة مع اتحاد شركات بقيادة «وينينغ إنترناشونال غروب»، التي تتخذ من سنغافورة مقراً لها. وفي الوقت نفسه، سيتشارك الأطراف في تمويل إنشاء خط سكك حديدية بطول 552 كيلومتراً، لربط المنجم بالبحر، عبوراً من خلال جبال غينيا، وتطوير ميناء مياه عميقة على ساحلها الأطلسي. ويتعين أيضاً على «ريو تينتو» واتحاد شركات «تشاينالكو»، تمويل خط سكك حديدية إضافي بطول 70 كيلومتراً لربط منجمها بالخط الرئيسي. وتشير التقديرات إلى أن حصة «ريو تينتو» من التكلفة الإجمالية مُتوقع لها أن تبلغ 6.2 مليارات دولار، ما يزيد عن إجمالي النفقات الرأسمالية السنوية للشركة في بعض من الأعوام الخمسة الماضية. وبالنسبة لباتار، فهيكل الشراكة المعقد في سيماندو يمثل نموذجاً لـ «العصر الجديد للتطوير المُشترك»، الذي سيكون ضرورياً للحصول على أحجام ضخمة من المعادن اللازمة لبناء الاقتصاد الأخضر للمستقبل. وتعني 150 عاماً من التعدين الصناعي أن مناجم الخام البسيطة والتي يسهل الوصول إليها قد تم تطويرها كلها بالفعل تقريباً، وأن ما يتبقى هي المشروعات التي تتطلب ابتكاراً ورأسمال ضخماً. وقال باتار: «إذا ما نظرت إلى تاريخ صناعة التعدين، لوجدت أن كل منجم يتمتع ببنيته التحتية الخاصة به، وفي سيماندو، فإن رأس المال المطلوب يفوق بكثير قدرة شركة ما بمفردها». حاولت «ريو تينتو» التخارج من المشروع، منذ سبعة أعوام، بعد سلسلة من المشكلات، فوافقت على بيع حصتها إلى «تشاينالكو» مقابل 1.3 مليار دولار. لكن بكين، التي يجب أن توافق على الاستثمارات الأجنبية للشركات التي تسيطر عليها أو تصفية استثماراتها، فلم توافق مطلقاً على الصفقة، وظل المشروع قابعاً في دفاتر «ريو تينتو». لكن يكمن الفارق بين 2016 واليوم، في أن خام سيماندو عالي الجودة صار أكثر جاذبية، بالنظر إلى الحاجة لإزالة الكربون من صناعة الصلب، وفقاً لباتار. وأوضح: «ينطوي التحوّل الجذري في الأعوام الماضية على أن العالم صار أكثر اتفاقاً على التغير المناخي». وتُعد عملية صناعة الصلب، التي عادة ما تستخدم فحم الكوك لإنتاج الحديد من الخام في أفران صهر ثم تحويله إلى صلب، كثيفة في إنتاج الكربون، وهي مسؤولة عن إنتاج نحو 8% من الانبعاثات الكربونية العالمية. وخفضاً للانبعاثات، تبحث الصناعة عن مقاربات بديلة، مثل الحديد المُختزل المباشر، الذي يخضع فيه الخام إلى معالجة باستخدام الهيدروجين وأول أكسيد الكربون، عوضاً عن فحم الكوك. وتتطلب مثل هذه العمليات خام حديد عالي الجودة، وهو ما تزداد صعوبة العثور عليه بكميات كبيرة. ويحتوي الخام الذي تعتزم «ريو تينتو» استخراجه من سيماندو، على متوسط محتوى حديد لا يقل عن 65%، وهي من بين أعلى النسب في العالم، ويصفه باتار «كافيار خام الحديد». ولذلك، يوفر سيماندو إمكانية المساعدة في إزالة الكربون من صناعة الصلب الصينية. وأردف قائلاً: «جزء من الخام الذي ننظر إليه مناسب للغاية، حسب اعتقادنا، للحديد المُختزل المباشر»، مشيراً إلى أن «الطريقة الوحيدة التي يُزال بها الكربون عن صناعة الصلب عالمياً تنطوي على إزالة الصين للكربون من هذه الصناعة». أنتجت الصين مليار طن من الصلب في عام 2022، واستحوذت بذلك على أكثر من نصف حصة الإنتاج العالمي، بحسب رابطة الصلب العالمية. أما الهند، ثاني أكبر منتجة عالمياً، فأنتجت 154 مليون طن. وانطلقت الأعمال التحضيرية بطول ممر السكك الحديدية، وتعتزم «ريو تينتو» بدء أعمال إنشاء المنجم، بمجرد موافقة بكين على استثمارات «تشاينالكو». ويُتوقع شحن أول كميات من الخام في 2025، بحيث يصل إلى مرحلة الإنتاج الكامل بقوة 60 مليون طن سنوياً بحلول 2028، ما سيشكّل نحو 5% من سوق خام الحديد العالمي المشحون بحراً. لكن ما زاد الأمور صعوبة هو وقوع غينيا تحت حكم عسكري منذ 2021، عندما أطاح مجلس عسكري، بقيادة الكولونيل مامادي دومبويا، بالرئيس ألفا كوندي، في انقلاب عسكري، بعدما أقدم كوندي على تغيير الدستور للترشح لفترة ثالثة. ولم تزعج السياسة باتار، وقال: «نعمل في غينيا منذ أكثر من 50 عاماً، في ظلال حكومات عدة ومختلف أشكال الحكومات. ثمة إرث قوي من الذاكرة المؤسسية والالتزام يستوجب احترام العقود المُبرمة». تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز كلمات دالة: FT Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :