غداة إعلان الرئيس الإيراني حسن روحاني التبعية الكاملة لأوامر المرشد الأعلى خامنئي في السياسة والاقتصاد، أعرب اثنان من أبرز قادة الحرس الثوري عن قلقهم إزاء الأوضاع الداخلية في البلد. وقال قائد قوات أرض جو في الحرس الثوري العميد أمير علي حاجي زاده إن قواته لا تخشى الهجوم الخارجي بقدر ما تخشى من مشكلات داخلية، فيما قال قائد الحرس الثوري، اللواء محمد علي جعفري إن «الثورة الإسلامية» تواجه عراقيل داخلية تمنعها من التطور والتقدم رغم تقدمها في الخارج حسب زعمه. في السياق نفسه، أكد حاجي زاده في حوار مع القناة الرسمية الأولى أن الدول الغربية «تخوف» المسؤولين الإيرانيين من الهجوم العسكري والعقوبات، معتبرا الخوف مصدر تهديد لإيران، ونصح حاجي زاده المسؤولين الإيرانيين بعدم الخوف والقلق إزاء تلك التهديدات، مضيفا أن القوات العسكرية الإيرانية على «جاهزية تامة» لمواجهة أي هجوم عسكري، وهي مسؤولة عن ذلك. مؤكدا أن تهديد الهجوم لا يشكل مصدر قلق بالنسبة لهم. وفي إشارة ضمنية إلى الفساد الإداري ودور المحسوبية في إيران أكد حاجي زاده أن «الحرس الثوري قلق من الداخل الإيراني، من أبناء المسؤولين ومن ذويهم ومن جميع الأشخاص الذين يؤثرون على صناع القرار»، وطالب المسؤولين بالتركيز على المشكلات الداخلية. وفي أول تعليق بعد فرض الخزانة الأميركية جملة من العقوبات ضد شركات على صلة بالحرس الثوري وبرنامجه الصاروخي قلل حاجي زاده من أهمية تلك العقوبات. وقال إنه أكد سابقا «لا تراجع من إنتاج الصواريخ حتى لو جرى بناء جدار فاصل لعزل بلاده. ويرفض الحرس الثوري القيود التي يفرضها القرار 2231 الصادر من مجلس الأمن حول البرنامج الصواريخ الباليستية». من جهته، وصف قائد الحرس الثوري، محمد علي جعفري الأوضاع في سوريا بـ«الجيدة». وقال جعفري في أول تعليق له على إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب قواته من سوريا، إن السياسة الروسية لم تتغير في سوريا بعد الهدنة. وأكد أن «الثورة الإسلامية» مستمرة ما دامت «المقاومة» مستمرة. وتبرر إيران تدخلاتها في سوريا والعراق ولبنان بدعوى دعم «المقاومة» في تلك الدول. واعتبر جعفري أن «داعش» يخوض حربا بالوكالة ضد المقاومة نيابة عن أعداء بلاده، مشددا على أن جبهة «المقاومة» تتدرب على ما وصفه بتعبئة ضد أعداء الإسلام، مضيفا أن «الأوضاع جيدة في العراق وسوريا واليمن، وأن الثورة تتقدم هناك». وكان جعفري قدر حذر في منتصف أغسطس (آب) الماضي من «النيتو الثقافي»، معربا من انهيار الوضع الأخلاقي والثقافي في المجتمع الإيراني، وأكد جعفري حينها أن الثورة الإيرانية لم تحقق أي تقدم وأنها في حالة تقهقر. وهاجم جعفري الاتفاق النووي قائلا إن أعداء بلاده لا يريدون رفع العقوبات في الاتفاق النووي. وجه جعفري انتقادات ضمنية إلى حكومة روحاني بسبب الأوضاع المعيشية للإيرانيين قائلا إن «العدالة الاجتماعية لا تتحقق بالنظام الرأسمالي»، كما أنذر من يعارضون الحرس الثوري في الداخل. وأضاف: «يجب تحذير من يردون المعارضة وبصيرة الشعب يجب أن تترك أثرها». في هذا الصدد، سلطت فكرة «التأثير على قرارات المسؤولين» هاجسا أساسيا في مواقف قادة الحرس الثوري مؤخرا كما اندرج الهاجس في إطار التحذير من «التغلغل» الذي ورد في خطابات خامنئي عدة مرات بعد التوصل إلى الاتفاق النووي. وكان المرشد الأعلى علي خامنئي أول من أشار إلى موضوع «التأثير على القرارات المصيرية» في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي في مؤتمر قادة الحرس الثوري. وتوقف خامنئي آنذاك عند التغلغل في مراكز صنع القرار واعتبره من جملة التهديدات الكبيرة الموجهة للنظام إضافة إلى التغلغل الاقتصادي والثقافي والأمني، محذرا من تبعاته الثقيلة على كاهل النظام. وفي تحذيره، قال إن أعداء نظامه «يستثمرون بصورة واسعة» من أجل التغلغل الثقافي وتغيير مبادئ الشعب، لكن الأكثر خطورة من ذلك ما سماه خامنئي «مؤامرة التغلغل» على الصعيد السياسي في مفاصل الدولة الإيرانية، وذهب خامنئي أبعد من ذلك في كلمته أمام «حراس الثورة»، وقال إن تحقق تلك المؤامرة يحمل في طياته تغيير الاتجاهات والقرارات والحركة العامة في البلد وفق ما تشتهي الدول الأجنبية ضمن ما سماه إزالة الآيديولوجية «الثورية» من السياسة الخارجية والسياسة الداخلية. وكعادته خطاب خامنئي لم يمر مرور الكرام في البلد، حيث أعقبته عاصفة من المواقف المؤيدة من كبار قادة الحرس الثوري ورجال الدين المقربين من خامنئي. ويخشى خامنئي والحرس الثوري أن يودي الانفتاح وعودة إيران إلى علاقات طبيعية إلى رفع المطالب في الشارع الإيراني حول تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والمطالبة بالتعددية وحرية الرأي والصحافة. وتأتي تصريحات قادة الحرس عن الأوضاع الداخلية بعد يومين من انتقادات لاذعة وجهها المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية الجنرال مسعود جزايري إلى المتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد رضا نوبخت، بعدما قارن نوبخت قبل أيام دور الفريق المفاوض النووي في المفاوضات بجنود إيران في حرب الخليج الأولى، واحتج جزائري قائلا إنه «لا يحق لأي أحد مقارنة جلوسه على طاولة المفاوضات مع الأعداء بعمل جنودنا في الحرب»، وفق ما ذكرت وكالة فارس التابعة للحرس الثوري. وفي بداية العام الإيراني الجديد قبل أكثر من أسبوع، أعطى خطاب خامنئي الضوء الأخضر لمعارضي روحاني، عندما هاجم قرارات الحكومة وانتقد سياستها في الاقتصاد والملف النووي. بدوره، قال حسن روحاني، أول من أمس في الجلسة الأولى لحكومته في العام الجديد، إنه سيتبع توصيات خامنئي ويطبقها بالحرف الواحد، كما أصدر أوامره للمسؤولين بإعداد تقرير من عمل الحكومة بعد مضي شهرين على التوصل إلى اتفاق نووي، إلا أنه أكد أن نتائج الاتفاق ومنافعه بحاجة إلى مضي المزيد من الوقت، ونفى روحاني أن تكون حكومته «حزبية»، وشدد على أن الرئيس وحكومة التدبير والأمل حكومة «خارجة عن الاختزال في الأحزاب».
مشاركة :