استخلاص الدروس الصحيحة من الحروب والتدخلات

  • 3/30/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

إذا نظرنا إلى العراق وليبيا وسورية جميعا، فإننا نرى أن الانتفاضات التي حدثت في الفترة من عام 2011 إلى نهاية 2015 قد أفرزت مزيدا من الفوضى والاستبداد في بعض الدول العربية. فلقد شهدت مصر تقلبات في الحُكم، وعمت الفوضى في ليبيا واشتعلت الحرب الأهلية الوحشية في سورية. إنها لم تكن "ثورات مخملية". فلقد أظلم "الربيع العربي" وتحول إلى "شتاء تطرف إسلامي"، ومن ثم فشل الربيع العربي في تحقيق الانتقال من سياسة الاحتجاجات في الشوارع إلى سياسة الحُكم الديموقراطي الرشيد. وكانت هذه الطفرات الضارة على رأس العواقب الكارثية منذ غزو العراق عام 2003 عندما كانت الأغلبية البائسة في العراق وليبيا تصلي بحرارة، وترحِّب بنهاية صدام حسين ومعمر القذافي، اللذين كانا ينتهجان حكما فاسدا، أعقبته حكومات مختلة لم تكن لديها القدرة على توفير نظام مستقر، وضمان السلامة العامة، وتقديم الخدمات الاجتماعية، ومحاربة التطرف الإسلامي والأحقاد الطائفية، وحماية الأقليات. وتوقفت أفغانستان والعراق وسورية واليمن وليبيا عن العمل كدول ذات سيادة ودخلت المنطقة بأسرها في تنافس وقتال بين السُنة والشيعة والحركات الجهادية، مستخدمين وسائلهم الخاصة لإسقاط الهياكل السياسية القائمة. وأبرزت الصراعات الداخلية بين الجماعات والقبلية انقسامات متشددة بشكل صارخ، إضافة إلى انتشار الأمراض الناتجة عن سوء الإدارة. وفي هذا الصدد، حذر وزير الخارجية الأميركية الأسبق، هنري كيسنجر، في مقالة له بصحيفة "وول ستريت جورنال" في 17 أكتوبر 2015، من انهيار الإطار "الجيوسياسي" للشرق الأوسط. وأشار إلى أن التدخل العسكري الروسي في سورية كشف أعراض تفكك الدور الأميركي الساعي لجلب الاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط، وهو الدور الذي اضطلعت به الولايات المتحدة منذ الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973. لقد تورطت أفغانستان وليبيا وسورية في تدخل دول أجنبية معنية، فجزأتها بشكل سيئ، حيث عمَّق التدخل الغربي التصدع الطائفي وأدخل الجماعات المعارضة في حروب أهلية مفتوحة تغذيها أياد أجنبية. لقد انهارت المثل الإنسانية في حمامات الدم الطائفية، مما جعلها تفقد مصداقيتها في توجيه الدول لبناء الديموقراطية كمشروع معياري. إن عودة روسيا إلى منطقة الشرق الأوسط -حتى لو كانت مجرد ظل شاحب للقوة العظمى السوفيتية- فإنها ليست بنذير سعيد من أجل الأداء الفاعل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. فهناك بعض الدروس المشتركة التي يمكن استخلاصها من تدخل روسيا في مثل هذه الحالات، فضلاً عن تدخلها في كوسوفو عام 1999 وحرب العراق عام 2003.

مشاركة :