من فكرة بالدواخل حيث الذات في هيجانها الرجيم نظرا و حلما وتقصدا لما به تفصح الأحوال عن معانيها وهي في حلها وترحالها.. أخذا بناصية الفن وهو يعلي من شؤون وشجون شتى.. هو الكائن يحمل قلبه في الدروب يحاول ما تداعى به من خوف وشغف وألم... وأمل قديم معتق يفضي إلى الراهن في ارباكاته وانكساراته حيث التلوين مجال قول مفتوح على الأساطير والموحش والمبهج في سير المخلوقات... كون من أحاسيس وهواجس عبر زمن مفتوح ومتواصل في هذيانه تجاه العناصر والأشياء والتفاصيل حيث جدة قديمة من بدايات قديمة أيضا تروي ألما يحدث.. وتماما.. مثل شجرة قديمة في أزمنة نائية تحكي شجنها للأغصان.. تفصح عن نواحها الخافت.. هي تفعل ذلك بينما... حطابون ينعمون... بموسيقى الفؤوس.. هي لعبة الحكي في أرض الفن تعري ما تداعى من حال الكائن وهو ينعم بالألوان تغري القماشة بالقول في حميمية فارقة.. في تقابل بليغ بين ما أسطرته الشواسع في الإنسان... والحلم إذ يكفي أن يحدث ذلك ليمضي الهائم بالفن إلى ركنه يلتقط سرديات ملونة من الفجائع وسوريالية بطعم الشجن وما إلى ذلك.. ولكن في ضرب من التلقي والبث المبهجين حيث أن هذا ما يغنمه الفنان في صفائه تجاه الآخر.. العالم.. إنها فتنة الحكي الجمالي في عالم معطوب منذ القدم ومفعم بعناصر السقوط المريع وفق تداعيات من أمزجة وقيم معكوسة ورداءات سائدة ومن ثمة وفي هذا الحكي وبحسبه لم يبق غير... الحلم.. نعم الحلم هذا ابن النوم.. واليقظة.. وليس من مجال غير المواءمة الرائقة في سمو ذهني وإبداعي بين الواقعي والمتخيل والأسطوري كحامل للاعتمالات والعواطف وما يتطلبه كل ذلك من نظر عميق في تأويل يخرج عن جماليات شتى هي محصلة الفن.. والفنان. والحلم هنا ذهب ليكون عنوانا لافتا محيلا إلى قراءات مولدة ومتحركة في حدث فني جمالي بمضامين لها من عطور الشعر نصيبها المتخير.. مورفيوس (Morpheus) إحالة ضمن الأساطير الإغريقية إلى إله الأحلام وباعتبار كونه أحد أبناء هيبنوس إله النوم.. حيث كان يعتقد أنه يأخذ شكلاً آدميًا ويظهر للناس في نومهم... ومن هذا الإطار وغيره كان الفن وما يزال يتطلب الحلم الشاسع لتغذية الخيال والذات لأجل الإبداع والتجدد وإعادة النظر تجاه الأشياء وابتكار صياغات أخرى ومختلفة للمرغوب في قوله واستدعائه جماليا وأدبيا بما يحيل إلى المنجز في خصوصياته التي منها وهذا الأهم إبداعيته. هكذا نلج عوالم التجربة المفضية إلى معرض مهم للفنانة التشكيلية والباحثة شيماء الزعفوري التي خلصت في معرض جامع لحيز لافت من أعمالها الفنية إلى فكرتها الفنية حيث اللوحات في تعدد أحجامها وأشكالها تجتمع في السياقات المذكورة وعليها وبها لتفضي إلى هذا العنوان الدال أسطوريا وأدبيا وجماليا الذي اتخذته كتعلة عميقة للقول برغباتها تجاه الفن والكامنة فيه نبشا واجتراحا وتوغلا في... الحلم.. هذا الذي أرهق الإنسان والكائنات.. الكل حلم ويحلم.. حيث يبقى الفن هذا الملاذ الممكن للحفاظ على الحلم ولشحنه وللقول بوجهه.. إننا نتقصدك ونحبك أيها الحلم.. لا تتركنا يا حبيبنا الحلم.. نحن هنا سيدنا الحلم... والفنانة شيماء الزعفوري حاصلة على الدكتوراه في علوم وتقنيات الفنون سنة 2019 بتونس العاصمة، ودرست بالمعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس، وتدرس حاليا بالمعهد العالي للفنون والحرف بسيدي بوزيد، ولها مشاركات متعددة في الفعاليات الثقافية والتشكيلية والعلمية ضمن الندوات، وذلك فضلا عن معارضها الفردية ومشاركاتها في معارض جماعية، كما أنها شاركت في العديد من الملتقيات داخل تونس وخارجها من ذلك حضورها في بوركينا فاسو والكونغو وتركيا والمغرب والكاميرون وكوريا وفرنسا. مورفيوس (Morpheus) العنوان الحاضن لهذا المعرض الخاص للفنانة التشكيلية شيماء الزعفوري المنتظم بالمعهد العالي للفنون والحرف بمدينة سيدي بوزيد وقد شهد إقبالا من قبل طلبة المعهد ورواد الفنون الجميلة وأحباء الإبداع الفني التشكيلي، حيث قدمت منجزة الأعمال بانوراما لشغلها الإبداعي بما يحيل إلى جانب من تقصدها الجمالي ضمن رؤيتها المخصوصة والتي رافقتها من سنوات في تعاطيها مع الرسم والتلوين وغيرهما من التعبيرات، فهي فنانة مسكونة بهواجس الاختلاف والذهاب في الطرق غير المطمئنة بروح مغامرة فيها الكثير من الرغبة في الفن وتفاصيله وبحلم دفين فيه الكثير من شاعرية الأحوال وبمناخات من سرديات بينة وأسطورة موحية ومحركة وباعثة على المضي أكثر في أرض فنية تخيرتها شيماء.. تقصدا لدرب جميل للإنسان يخلص فيه وبه إلى عالم الأحلام قتلا للانكسار والصدام والسقوط المريع.. إنها انتظارات فنانة ضمن مسارات تعبيرية في مجالات فن تشكيلي معاصر وفق رؤاها المختلفة.. أعمال بتنوع في الشكل والحجم بتقنيات وبتصرف فيه الكثير من التعبيرية والحركة ضمن الفضاء العام للوحات، فنحن أمام شخوص وأصوات في تعددها لتشكل بالنهاية نظر ولغة وحواس ورسائل الزعفوري في امتداداتها الزمنية قديما وراهنا حيث الفن هنا حمال معان وكلمات هي عين هذا "الحلم الزعفوري" المفتوح على الدهشة والبهجة والقلق وال.... أمل... الفعل التشكيلي هنا مساحات خيال ضمن عوالم الإنسان والكون والطبيعة وفق الإحالة إلى ديناميكية بها حركة الحياة الأشياء والعناصر والشخوص والمفردات يمكنها الحلم من التواصل جماليا في كل ما هو بينها.. هي فسحتها في أرض الفن الشاسعة في ضرب من النظر الجمالي والفلسفي والشعري تقصدا للكنه وما يعلي من شأن الجوهر... جوهر اللعبة الفنية في مقابلتها الشاملة مع الكينونة.. معرض به أعمال هي ثمار سنوات من البحث والتفكير حيث الجمال الخفي والبين والتقنيات في بهاء توظيفها ليلمس المتلقي هذا النزوع تجاه تيارات السوريالية والتكعيبية إلى جانب بروز حال القسوة وتبين مظاهرها بيسر وهو ما يطلبه جانب من مضمون اللوحات على غرار الوحشية... عالم ومزيج من الأحاسيس تزخر بها أعمال مختلفة لشيماء الزعفوري في إحالة إلى عنفوان الوعي والإدراك ساعات إنجاز العمل الفني في سياقاته هذه بين الثقافي والاجتماعي والإنساني والوجداني والحضاري وفق المألوف والمختلف والثابت والمتحول.. هكذا هي التجربة ضمن هذا السياق من المعرض الفردي لشيماء الذي حوى 22 عملا فنيا بنباهة من الإحساس وبجمالية تعمل ضمنها وتواصل فيها في شواسعها من الرمزي والأسطوري واليومي، فكأننا تجاه ملحمة ملونة تستدعي الأسطوري لتدعم قولها في هذا الراهن المربك والموحش ولعل ما يحدث لغزة وشعب فلسطين المقاوم والصامد أمام صمت كوني مريب من قبل آلة الإبادة الصهيونية حيث بشاعة الأفعال.. شكل مجالا قديما متجددا من فعل الطغيان والخراب الإنساني الذي واجهه الفن والملاحم بالإدانة جماليا ووجدانيا وهذا المعرض في حيز مهم منه كان ضمن هذا السياق أو تزامن معه ولكنه يعيد للذاكرة الفنية فعل الوعي ودور الفن في مواساة الإنسان.. تجربة فنية تفضي لهذا المعرض الفني المخصوص حيث تمارس شيماء الزعفوري شغفها الفني كما تقصدته مخاطبة الحواس والناس والكائنات بما اعتمل بدواخلها من شجن ووعي وجمال لأجل الحلم... الفن هنا هو ذلك الحلم البليغ... المؤلم... الممتع.. والباذخ.
مشاركة :